كارثة لأردوغان.. تحذير من فخ خطير يهدد تركيا في إدلب بقلم:د. خيام الزعبي
تاريخ النشر : 2019-06-13
كارثة لأردوغان.. تحذير من فخ خطير يهدد تركيا في إدلب بقلم:د. خيام الزعبي


كارثة لأردوغان... تحذير من فخ خطير يهدد تركيا في ادلب

الدكتور خيام الزعبي- جامعة الفرات

المتابع للمشهد السوري، يرى بوضوح التدخل الغربي والتركي في الحرب المفروضة على سورية، فتركيا التي كانت من أكثر الدول الداعمة للتنظيمات الجهادية منذ ظهورها، إضطرت للتدخل في سورية بعد الهزيمة المتكررة التي منيت بها هذه  التنظيمات في شمال سورية على يد الجيش السوري والتقدم نحو مدينة ادلب وسحقه مقاتلي تنظيم النصرة الإرهابي منها.

في هذا السياق يفقد نظام الرئيس أردوغان يوماً بعد يوم حلفاءه الإقليميين والدوليين، بسبب مواقف أنقرة المتناقضة ضد العديد من الدول العربية والأخرى المؤيدة للتنظيمات المتطرفة، فقد وجهت أمريكا صفعة جديدة لأردوغان وحكومته، حيث إشتدت الخلافات بين الطرفين منذ دعم واشنطن للمقاتلين الكرد وهو الخلاف الذي إعتبرته تركيا  بمثابة تغير في السياسة الأمريكية وإعطاء الرئيس الأمريكي ظهره لمصالحة مع أنقرة، لتتبعه المزيد من الخلافات بشأن سورية  والمواقف والتصريحات التركية المعادية لأمريكا، الأمر الذي وصل بالعلاقات الأمريكية التركية إلى حالة غير مسبوقة من التوتر والإضطراب، وفي هذا التطور الجديد أعلنت الرئاسة التركية عزمها على إعادة تقييم ومراجعة العلاقات التركية مع أمريكا.

اليوم الرئيس أردوغان يعيش حالة من القلق والإرتباك في مواقفه لفشل مشروعه في سورية وإتساع دائرة المعارضة داخل تركيا لهذا التدخل، ولخسارته الأغلبية المطلقة في الانتخابات البرلمانية التركية الأخيرة، فضلاً عن بوادر تمرد المؤسسة العسكرية على حكمه، ورفضها التدخل جوياً وبرياً في سورية، بذريعة عدم ملائمة المناخ الدولي، والتحسب لردود الفعل السورية أو الروسية أو الإيرانية، تجاه هذه الخطوة، في إطار ذلك تجد تركيا نفسها أمام مأزق حقيقي، فالمنطقة العازلة أصبحت فِكرة غير قابلة للتحقق في ظل معارضة كل من  روسيا وإيران وسورية لهذه المنطقة.

وبالرغم من تحسن العلاقات التركية الروسية في الآونة الأخيرة في مجالات الطاقة والاقتصاد بكل مجالاته، إلا أن ملف محافظة إدلب يبقى القضية الأكثر توتراً في ملفات العلاقة بين البلدين، في المقابل أصبحت إدلب مكاناً لتضارب مصالح كل من روسيا وتركيا الدولتين اللتين تلعبان دوراً حاسماً في سورية، فروسيا مستاءة جدا من دعم تركيا للجماعات الإرهابية، كما تؤكد مختلف الأوساط الدولية، إذا بقيت تركيا تدعم الإرهابيين الذين يقاتلون في إدلب فإن موسكو مثلها كمثل واشنطن، ستبدأ في التعاون مع وحدات حماية الشعب الكردية، في هذا السياق فإن المصالح التركية الروسية في سورية ما زالت متضاربة، على الرغم من تعاون البلدين في قضايا أخرى.

 كما أن دمشق مصرة على استعادة السيطرة الكاملة على البلاد، وهي عازمة على استعادة جميع المناطق، أما تركيا  هدفها الحفاظ على الوضع الحالي في إدلب، لأنه يضمن مراعاة مصالح أنقرة في المفاوضات، و في الوقت الذي سيقضي فيه الجيش السوري بدعم من روسيا على الإرهابيين المتحصنين في إدلب ستغضب تركيا وسيطالب أردوغان روسيا بوقف إطلاق النار بأسرع وقت ممكن كما  سيتعين على أنقرة قبول ما يحدث هناك، فالحكومة التركية على خلفية تدهور علاقاتها مع الولايات المتحدة، تحتاج إلى روسيا لتخويف الغرب ولتكون سنداً لها بعد تدهور علاقاتها مع واشنطن..

لنكن أكثر صراحة ووضوحاً إن تركيا تلعب بالنار، ولكنها نار مختلفة هذه المرة وتزداد قوة وقد تحرق أصابع أخرى، وأمريكا كعادتها دائماً تهرب من المنطقة إذا وجدت إن الخسارة كبيرة، هكذا فعلت في الصومال والعراق، وهكذا ستفعل في سورية، والمأمول آن تدرك القيادة التركية حجم المغامرة في سورية، وتبادر إلى مراجعة حساباتها، وتجنب التورط بقدر الإمكان بالمستنقع  السوري.

لذلك لا بد لتركيا بدلاً من اللعب بكرة النار التي قد تحرق أصابعها قبل غيرها، وبدلاً من التخطيط للقيام بعملية عسكرية متهورة وغير محسوبة النتائج، ستكون نتائجها كارثية على المنطقة برمتها وستؤدي إلى إرتكاب مجازر جديدة بحق أبناء المنطقة، أن تبتعد عن لغة التهديد والوعيد وشن الهجمات، وأن تجنح إلى لغة العقل والمنطق والسلام التي تدعوا اليها الحكومة السورية بإستمرار والجلوس إلى طاولة المفاوضات لإيجاد الحلول السياسية العادلة لكافة المشاكل عن طريق الحوار المباشر، الهادف والبناء الذي يخدم المصالح المشتركة لجميع الأطراف ويحفظ جميع حقوقهم. 

[email protected]