المعصية المفضلة بقلم: راما رائد
تاريخ النشر : 2019-06-13
المعصية المفضلة بقلم: راما رائد


"المعصية المفضلة"
كانَ كلَ يَومٍ يَذهَبُ إلى الخَمارَةِ و يَعصي رَبَهُ ، حَتى أتَتهُ إرادَةِ
الحُبِ ، فأصبحَ يَذهَبُ الى نَفسِ المكانِ يومياً ، و يُجلِسُ بجانِبها ،
يَشربُ قليلاً و يَنظرُ لها قليلاً حَتى يَثمل عقلهُ! ، فَتسقُطُ روحُهُ
مِنهُ في احدى الشوارعِ يومياً ، يِسنُدُه نِصفُ المارةِ بحجةِ الرحمةَ و
الاخرُ يَصفَعُهُ بحجةِ المُعتَقَدِ ، و تأتي بهِ خريطةُ قدَمِهِ إلى مَنزِلِه
فيَتَلَقاهُ حُضنُ سَريرِه برائحتِه الكريهةِ ، كرّرَ هذا الامرَ يومياً ،
فقَرَرَ في يومٍ من الأيامِ ان يُحدِثَها ، ذهبَ و لم يَجدها ، سألَ عنها
وقالوا أن ظُروفها مَنعتها الْيَوْمَ عن ارتكابِ مَعصيتِها المُفضَلَةِ ،
شَرِبَ كأسّيين ، الكأسُ الاولُ كان نخبَهُ عَدَمُ وجودِها من كثرةِ خوفِهِ ، و الكأس الثاني حتى يَنساها في الْيَوْمَِ التي لم تَكن موجودةً به ، فقالَ لِنفسِه :
-انها جميلةٌ جَذابةٌ ،شَفتاها تَجعَلُني انطُق من فمِ عقلي و يُساعدُها
الخمرُ على ذلك،يجبُ علي ان أقطعَ الخمرَ حتى لا تُسيطِرَ علي لمدةٍ قصيرةٍ
جداً لا تتجاوزُ اليَومين ، في الْيَوْمَِ الأولِ لم يستطع ألا يَتخيّلها ،
وفِي الْيَوْمَِ الثاني انتظرَ كثيراً حتى اصبَح َالوقتُ في منتصف الليل ،
نَزَعَ إرادَتَهُ عَنهُ كَقميصِه و ذَهَبَ الى المكانِ نَفسِه ، رَآها في
نَفسِ المكان ِو من شِدَةِ شوقهِ لها ، كادت عَيناه ان تَنطُقَ ، وَجَدَ شخصاً يَجلِسُ بجانبها و يُحدِقُ في كأسِهِ كأنه يَرى مَصيرَهُ ، فقال:
-اسمَح لي يا صَديق ان أجلِسَ مَكانَكَ ، هُنَا خُلقْتُ ، ولا يُمكِنُني أن
أترُكَ روحي إلا عِندَما يَقومونَ بِقَطعِ مَشروبيَ المُفَضَلِ.

جَلَسَ وَ طَلَبَ"النَبيذَ الأحمَرِ" خارجاً عن المُعتادِ"الجعة".
نَظَرت إلَيهِ وقالت : لماذا اختَلَفَ مَشروبُكَ الْيَوْمَ فقط؟؟ ألا تَشعُرُ
باختلافِ في الطعمِ و التَأثيرِ ، اعتَذِرُ عن التَدَخُل لكِنَهُ أمرٌ غريبٌ.(
بينها وبين نَفسِها تُحبُهُ ، تُحبُه جداً لدَرَجَةِ أنَها لم تَجد سَبَباً
لتَتحدَثَ مَعَهٰ به إلا هذا).
-(مَد إصبعه و أزاح غُرتها عن وَجهِها)وقال: أتعلمينَ؟.احبَبتُكِ جداً حتى تَخلّيتُ عن نوعِ النَبيذِ ، اختَرتُهُ أحمراً خَفيفاً سَهلَ التَخمُيرِ كشَفَتيكِ ، حتى أستَطيعُ أن أحِبُكِ اكثرَ بِسَبَب عينيكِ ، و أُسَهِلَ عَلَيْكِ باقي الطريقِ ، و أجَعلُكِ تَعشَقينَ النبيذَ كأنَكِ أوَلَ مَرَةً
تَحتَسينَهُ في حَياتُِكِ كالحُبِ ، و أكونُ أوَلَ مَن يَزرَعُ بِذرَةَ
الحُبِ في هذا المَكانِ ، و أكونُ أوَلَ مَن سَكِرَ في حُبِكِ بِسَبَبِ الخمرِ الذي في مَلامِحِك.
أحاطَها الصّمتُ كَثيراً
-وَ قالت: سَأستَبدِلُكَ بالخَمرِ ، و تَستَبدِلُني بالمارَةِ الذين يُشَوهونَ
روحَكَ.
"فَلَعُلنا نَهتَدي".

-من الحب و "الشفاه" ، نصنع ما نشاء وقتما نشاء مع من روحنا تشاء.