حين يخوض الرئيس كل الجبهات بقلم : عمار نزال
تاريخ النشر : 2019-06-13
بقلم : عمار نزال - قباطيه

قدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن يواجه الإحتلال الصهيوني دوليا في المنابر الدوليه و يتصدى لكل المخططات التي تهدف لإغتيال القضيه الفلسطينيه شبه وحيد ، و قدره أن يدير أزمة سلطة وطنيه محاصرة ماديا و ماليا من قبل الإحتلال ، سلطة يطلب البعض من أجهزتها الأمنيه أن تكون جيشا قادرا على سحق جيش الإحتلال و تحرير الوطن ، و كأن لدينا أساطيل بحريه و جويه و دبابات ، متناسيا هذا البعض ضعف الإمكانيات .. لكن الإرادة حاضره ، فنواة الأجهزة الأمنيه الفلسطينيه هم عمالقة الإنتفاضه الأولى ، و الإنتفاضه الثانيه شاهدة على إستبسال الأجهزه الأمنيه و بطولة ضباطها و جنودها في مجابهة المحتل .
سلطة لا تخلو من فساد إداري و مالي في بعض مؤسساتها الحكوميه كما كل دول العالم ، و منذ زمن الشهيد المؤسس الرمز ياسر عرفات أيضا ، سلطة يرى بها الفلسطيني نعمة الهوية الوطنيه و نقمة المطالب الإقتصاديه و الخدماتيه ، سلطة يريد منها كل خريج جامعه فرصة عمل .. و هذا حقه ، سلطة يطمح الفلسطيني أن يراها سلطة خدمات تسير نحو هدف الدولة كاملة السياده دون مبالغة في مواكب أو نثريات أو سفريات أو تعيينات في حكومتها .
في هذا الوقت الذي كشفت فيه الولايات المتحده الأمريكيه عن وجهها الحقيقي دون أي قناع ، بات واضحا معاملتها لكيان الإحتلال الصهيوني كولاية مدللة لديها من خلال صفقة القرن التي تهدف إلى نسف البعد السياسي للقضيه الفلسطينيه و ضرب منظومة العقائد الثوريه المتمثلة بالقدس و الأسرى و اللاجئين ، لجأت الولايات المتحده إلى إستخدام كل نفوذها و جبروتها في حصار السلطة الوطنيه الفلسطينيه ، و في حصار الرئيس الفلسطيني سياسيا بل محاولة تحريض المواطن الفلسطيني عليه من خلال دس السم في العسل .
أبو مازن أبدع دوليا في التصدي للسياسة الأمريكيه و الصهيونيه رغم سطوتهما ، لكن على الصعيد الداخلي المتمثل بالإنقسام الفلسطيني الناجم عن إنقلاب حركة حماس ، و بوجود خلل في بعض مؤسسات السلطه الوطنيه الفلسطينيه من ترهل إداري أو فساد مالي ، فأبو مازن حاول جاهدا إجراء إنتخابات تشريعيه و رئاسيه من أجل إنهاء الإنقسام و تفعيل الدور الرقابي للمجلس التشريعي الذي تسبب غيابه في كل هذه الفوضى الحكوميه ، خاصة و نحن دوله أقرب إلى النظام النيابي أو الديمقراطيه المختلطه ، لكن كان الرفض أو المماطله يأتي دوما من ذوي القربى " حماس " الذين يحكمون قطاع غزه ، و الذين رفض أبو مازن وصفهم بالإرهاب و دافع عن فلسطينيتهم في أروقة الأمم المتحده حين كان هناك مشروع قرار دولي بإعتماد حماس كتنظيم إرهابي ، لكن أبو مازن أبطل هذا القرار بجهوده الدبلوماسيه و حنكته السياسيه .
إن المجلس الوطني الفلسطيني الذي يعتبر الهيئه التشريعيه العليا التي تمثل الكل الفلسطيني في كافة أماكن تواجدهم ، و الذي يعتبر مرجعية منظمة التحرير - الوعاء الأكبر للسلطه الوطنيه - لم يتمكن من حسم قضية الإنقسام الفلسطيني ، فبات السؤال الملح : هل إنهاء الإنقسام هو الحل لإجراء إنتخابات تشريعيه و رئاسيه ، أم الإنتخابات هي الحل لإنهاء الإنقسام ؟؟؟ و كيف ننجز الإنتخابات في ظل شبح الإنقسام ؟؟
و وسط كل هذا التيه ، هناك عدو يتربص بل يوشك أن يفتك بعمق قضيتنا التي لأجل عدالتها كانت دماء الشهداء الأبرار و بطولات الأسرى و لوعة اللاجئين و عذابات الجرحى و تضحية كل فدائي و ثائر ، و يقف أبو مازن وقفة التحدي شامخا رغم كل الطعنات من القريب و البعيد ، و رغم تخاذل بل تآمر العديد من الأشقاء العرب بل الأشقياء العرب ، و رغم الحصار المالي يصمم على رفض إستلام أموال المقاصه منقوصه بعدما قرر الإحتلال خصم مستحقات الأسرى و ذوي الشهداء ، يقف أبو مازن كطائر الفينيق في وجه أمريكا و إسرائيل.. وحيدا لكن ليس واحدا .. بل هو فلسطين بتاريخها و دياناتها و حتف الغزاة على أعتابها ، يقف أبو مازن كقائد لحركة فتح التي فجرت الثورة الفلسطينيه المعاصره لتكمل ثورة الثلاثينيات ، و يقف كرئيس لدولة فلسطين التي إنتزع من الأمم المتحده إعترافا بها كدولة بصفة مراقب ، و يقف كفيلسوف أتقن كل لغات الثوار بدهائه و حكمته .
نعم .. نرفض الفساد و المفسدين و نلعنهم ، لكن نثق بالأحرار و صفاء نواياهم الوطنيه ، فلنعطي الفرصة و الدعم لرئيس الوزراء الحالي " د. إشتيه " الذي كلفه الرئيس أبو مازن ، و لنغرس الأمل كما نقتلع الألم .
و بالنسبة لصفقة القرن .. فالتاريخ شاهد على مئات المخططات التي كانت تستهدف القضيه الفلسطينيه لكن مصيرها كان تحت حذاء أصغر شبل فلسطيني ، و ليس لنا سوى وحدتنا لنكون .. أو نكون .