اللاجئون الفلسطينيون:والواقع الخطر
بقلم .د بسام سعيد
باحث وأكاديمي
ولدت قضية فلسطين جراء الاحتلال الإسرائيلي لجزء من أرض فلسطين وهو الجزء الذى قامت علية دولة إسرائيل سنه ١٩٤٨. وقد تفرع عن هذا الاصل موضوع اللاجئين الفلسطينيين الذين ابعدوا عن أرضهم بالقوة والقسر ، وحين اندلعت الحرب العربية الإسرائيلية اوفدت الأمم المتحدة الدبلوماسى السويد ى الكونت برنادوت فى اول مهمة لتسوية الصراع وقد أوصى الكونت برنادوت بضرورة عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى منازلهم وكان ان دفع حياته ثمنا لهذة التوصية ؛ إذ اغتيل فى ١٧ أيلول سبتمبر عام ١٩٤٨ على يد مجموعة متطرفة يتزعمها اسحق شامير والذى أصبح فيما بعد رئيس وزراء أسرئيل ، وبناء على توصية برنادوت صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم ١٩٤ فى ديسمبر عام ١٩٤٨ والذى نص على وجوب السماح بالعودة فى اقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين فى العودة إلى ديارهم بسلام والعيش مع جيرانهم ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وعن كل مفقود أو مصاب بضرر.
وبين سنتى ١٩٤٨ ، ١٩٦٧ كانت السياسة الغربية عامة والسياسة الأمريكية خاصة تدفع باتجاه توطين الفلسطينين فى البلاد العربية عبر وسيلتين : وسيلة غير مباشرة تسعى لقيام اعتراف عربى واقعى بدولة اسرائيل من خلال الموافقة على قيام تعاونى اقتصادى بين العرب وإسرائيل فى مشاريع تتعلق بالمياة والزراعة وغيرها، وهذا ما تسعى إدارة ترامب حاليا تكريسه مستلهمة ذلك مما سبق طرحة ، وتتضمن هذة الخطط موافقة عربية على توطين الفلسطينين فى اماكن تواجدهم وقد كان أبرز هذه المشاريع هو مشروع اريك جونسون المبعوث الخاص للرئيس الامريكى ايزنهاور سنه ١٩٥٣. اما الوسيلة الأخرى للتوطين فتمثلت فى مشروع همرشولد الأمين العام للأمم المتحدة وكذلك فى مشروعين أخريين للتوطين فى كل من سيناء وليبيا وتضمن دراسة ميدانية مفصلة صدرت سابقا لكن البحث فية توقف عندما شن العدوان الثلاثي على مصر عام ١٩٥٦ وكذلك إفشال اهل غزة لهذا المشروع فى حينه ،
وبقى هذا المشهد الدولى مستقرا على حالة من دون تغيير حتى جاءت حرب الخليج الثانية وبعدها بدأت جهود أمريكية لحل الصراع وبينها قضية اللاجئين الفلسطينيين وفق رؤية أمريكية وكان هذا ضمن مفاوضات مدريد حيث قدمت امريكيا تطمينات الى اسرائيل حين طرح قضية اللاجئين الفلسطينيين بحيث تطرح من دون الإشارة إلى لاجئى سنه ١٩٤٨ بل ينحصر الامر فى لاجئى ١٩٦٧ وان يتم مناقشة القضية على اساس انسانى وان يتم طرح قضية اللاجئين اليهود مقابل اللاجئين الفلسطينيين وابرز ما قاله شامير فى مداخلته فى مؤتمر مدريد حول هذا الأمر "اسمحوا لنا وللمجتمع الدولى ببناء مساكن لائقة للناس الذين يعيشون الان فى مخيمات اللاجئين " راسما منحى إنسانيا لاسياسيا لمعالجة مشكلة اللاجئين الفلسطينيين!
فما كان من حيدر عبد الشافى رئيس الوفد الفلسطينى إلى المفاوضات ان رد علية مخاطبا اللاجئين المنفيين فقال :سوف تعودون وسوف تبقون وسوف نسود لان قضيتنا عادلة!.. ثم اردف قالا ان مخيمات اللاجئين ليست وطنا لائقا بشعب قد ضمنت الإرادة الدوليه عودته فى قرار الأمم المتحدة ١٩٤ وللاسف تلقى تجاهلا وغير منفذة عمدا حتى هذه اللحظة !
مما تقدم يرى القارئ أن الموقف الامريكى لم يتغير بل يزداد انحيازا الى الموقف الإسرائيلى وما الإجراءات التى تقوم بها الإدارة الأمريكية إدارة ترامب والتى تحاول شطب قضية اللاجئين من الأجندة ومواقفها من عدد اللاجئين وتعريف من هو اللاجئ وكم يبلغ عددهم ووقف الدعم للأونروا يؤكد صراحة على انحياز أمريكا السافر ، وكذلك عجز الدول الغربية عن اتخاذ موقف يتجاوز الانحياز الامريكى مما يثير الشك والريبة بقضية اللاجئين الفلسطينيين قضية يجب أن تتبناها الأمم المتحدة وليس الادارة الأمريكية المنحازة دائما . امام هذا الطرح لابد أن نؤكد أن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين هى الجوهر السياسى للمسألةالفلسطينية ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين هى المهد الذى أعيد منه انبعاث المطالبة السياسية الفلسطينية بتقرير المصير بعد نكبة سنه ١٩٤٨ وان اللاجئين الفلسطينيين هم جميع أولئك الفلسطينيين والمتحدرين منهم الذين طردوا أو اجبروا على ترك بيوتهم بين تشرين الثانى نوفمبر ١٩٤٧ مشروع التقسيم وكانون الثانى يناير ١٩٤٩ اتفاق الهدنه فى رودس فى الأراضى التى سيطرت عليها إسرائيل فى التاريخ الأخير .وان مسؤلية تحسين حياة اللاجئين هى مسؤلية أخلاقية تقع على عاتق المجتمع الدولي وهى مسألة ليست مطروحة للمقايضة أو موضوعا للتفاوض وعلية ندعوا الإدارة الأمريكية بالتراجع عن الفهم المغلوط للمسالة وضرورة دعم الأمم المتحدة ماليا فيما يخص مسألة اللاجئين الفلسطينيين ووفقا للقرارات الدولية و اتفاقات السلام التى وقعت بين الاسرائيين والفلسطينيين ووقف الدعوة للتوطين والتراجع عما يسمى بصفقة القرن .
وختاما يبقى السؤال الذاتى عن المستقبل وعن المخرج فاولا لابد من بناء جسور من التنسيق مع الدول العربية بهذا الشأن وخاصة الاردن لبنان سوريه .وثانيا ان تقود القيادة نقاشا صريحا مع اللاجئين أنفسهم حول التصورات المختلفة لقضية اللاجئين وثالثا لابد من إعطاء الجنسية الفلسطينية للاجىء الفلسطينى أنى يكن مكان إقامته.
ورابعا يجب أن لا يفرض على اللاجئين حلا ليس فى مصلحتهم مع ضرورة حشدهم لمقاومة الحلول المفروضة من الخارج والغير عادلة فالحل الغير عادل يؤسس لانتفاضات وتوترات مقبلة !
اللاجئون الفلسطينيون:والواقع الخطر بقلم:د. بسام سعيد
تاريخ النشر : 2019-06-12