العطلة المدرسية: بين نشاط الطلاب ومسؤولية الأهل
تاريخ النشر : 2019-06-12
العطلة المدرسية: بين نشاط الطلاب ومسؤولية الأهل


        العطلة المدرسية: بين نشاط الطلاب ومسؤولية الاهل

   من حق العوائل العراقية ان تكون حساسة بعد انتهاء كل عام دراسي حيث هناك إجازة لفترة طويلة نوع ما قد تؤثر إيجابياً على الروح او سلبياً اذا لم يتعمل معها الجميع بشكل مناسب ، و تقع على عاتق الآباء مهمة إيجاد التوازن الصحيح بين توفير النشاطات الترفيهية والمشاركة الخلاقة و لان المحافظة على إشراك الاولاد جسدياً وعقلياً خلال نشاطات العطلة الصيفية مهمة تقع على عاتق الاسرة  ، كما للوقت قيمة  للانسان وتاريخة وتوطين النفس على الصبر من اجل تحقيق الاهداف مع انتشار وباء اللامبالاة الذي اصبح ظاهرة مخيفة في المؤسسات التعليمية في حين ان المجتمع ينتظر منهم بناء حياتهم بشكل ايجابي .

العطلة المدرسية لو استغلت بشكل سالم يمكن أن تحسن الاداء الجسمي للطلبة في العام الدراسي القادم لان الحركة تساعد في تنمية افكارهم وتقوي عضلاتهم وعظامهم وتضمن قدرة أجسادهم على إنجاز الأنشطة اليومية. ومن المهم أيضاً أن نتذكر أن مستويات النشاط للأطفال في مراحلها المبكرة يمكن أن يكون لها تأثير عليهم لبقية حياتهم ومن الضرورة ان يستجمم بها الطلاب بشكل صحيح واكمل وجه و كل بيت يستعد لها بطريقته الخاصة وامكانياتهم المادية والمعنوية لكي لا تمر الأيام بسرعة ولا يستغل فلذات اكبادهم المرحلة دون فائدة قد تؤثر على انفسهم وإضاعة الوقت في أمور بلا فائدة اومنحرفة ، وربما قد تسبب في وقوع المشكلات للتخطيط بشكل خاطئ لطريقة تنفيذ الأهداف أو المشاريع التي حددها الطالب وفي عدم تحديد الوقت الكافي أو المناسب، أو عدم التقيد بالوقت، وقضاء الوقت بشكل عشوائي لسوء التقديرالمسبق.

صغارنا يكبرون أسرع مما نتخيل وهذه العطلة التي ينتظرها الملايين من الطلبة من أبنائنا ؛ ليستريحو فيها من عناء السهر والمذاكرة والذهاب يومياً إلى المدارس والجامعات والمعاهد وظروف معقدة في المواصلات واختناق الشوارع ، مع أن إجازة الصيف تختلف من مرحلة دراسية إلى أخرى وكذلك مدتها، وقد يضحي البعض بهذه الإجازة أو جزء منها ملتحقا بفصل دراسي صيفي في هذه الكلية أو تلك الجامعة و تكون للبعض آخر إجازة صيفية له كطالب يقضيها، وهو يستعد لبدء مرحلة جديدة من حياته من خلال إلتحاقه بالعمل لكسب تجربة او من اجل استغلالها في جمع مبالغ تساعده في ايام الدراسة وتقليل الضغط على العائلة .

هي إذاً إجازة أو بمعنى آخر وقت ثمين يُفترض أن يحسن المرء استغلاله. بشكل جميل وعليه أن يعرف كيف يستغل وقتها بما ينفعه، وعليه بتوزيع أيام العطلة من خلال جدول يقسم فيه أيام الإجازة وتحدد كل يوم كيف سيقوم بقضائه،  مع وضع ملاحظة هامة وشعار يعمل عليه لتحقيقه وتطبيقه في أعمال مفيدة له ولاسرته ومجتمعه  بأسره كل حسب ميوله وإمكانياته وقد تكون الوقت المثالي لمساعدة الآخرين الأقل حظاً، مما يساعد على تنمية الدعم ما بين أفراد المجتمع، وقد يساعد للتطوع في تنمية شخصية المتطوعين وجعلهم أكثر سعادة وصحة نفسية، لذلك يُنصح دائماً بالبحث عن الأنشطة التطوعية والمشاركة فيها .

ومن المهم هو قضاء إجازة بما يخدم مصلحته كفرد ، ومجتمعه كمجموعة   ولا يضر بنفسه ولا حتى غيره، إذا عمل بهذا الشعار من المؤكد انه سيقضي إجازته الصيفية بسعادة عالية .

من الشباب من يرى متنفساً له في ممارسة الرياضة ، يمكنهم الذهاب إلى الأندية الرياضية المنتشرة في مختلف المدن لقضاء وقت الفراغ مع الزملاء والأصدقاء في ممارسة نشاطه الرياضي . كذلك فمن لديه ميول ثقافية بإمكانه أن يشبع حاجته منها من خلال البرامج المتنوعة لهذه الأندية او المكتبات العامة والخاصة، حيث أنها تضاعف جرعتها من البرامجَ  الثقافية والرياضية بكافة أنواعها خلال موسم الإجازة الصيفية،

ويعتبر البعض الاخر من الأشخاص العطلة الصيفية وقتًا للراحة فقط فيمضون معظم الوقت بالنوم والكسل دون اي تخطيط مسبق وهذه من الاخطاء الشائعة عند الكثيرين ولابد من احترام زمن الحياة .

عن معاذ بن جبل رضي الله عنه: قال رسول الله  صلى الله عليه واله وسلم “لن تزول قدما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسأَلَ عن أربعِ خِصالٍ : عن عُمرِه فيما أفناه ، وعن شبابِه فيما أبلاه ، وعن مالِه من أين اكتسبه وفيما أنفقه ، وعن عِلمِه ماذا عمِل فيه”.،

اذاً يجب عدم اهدار الوقت و من الأفضل استغلالها العلم والمعرفة في تنفيذ بعض المهمات والأنشطة والمشاركة في المناسبات المختلفة، كمناسبات الأفراح والتخرج، أو استغلالها هذه الفترة بالسفر والتعرف على أماكن جديدة، أو تنمية مهارات معينة، ولا شك أن العطلة الصيفية فرصة لاجتماع العائلة وتوطيد العلاقات الاجتماعية.

ولكن رغم ذلك من الضرورة  التفكير الجدي  لكيفية ملئ وقت فراغ كبير يحتاجونه لان هذا الوقت الكبير الذي في خدمتهم  يجب ان لا يذهب سداً إذا لم يستخدموه بما فيه خير لهم سوف يستخدمونه بما فيه شر لهم، لذلك الأهل والطلاب يمرون في كل عام بمرحلة قلقة يطرحون الأسئلة التي تطرح كل إجازة ضيفيه، كيف استغل الإجازة الصيفية،الأهل دائما في حاله قلق على أبنائهم وتزيد هذه الحالة في العطلة الصيفية، ؟ كما ان الطعام يشكل أحد المركبات الأساسية للحياة السليمة. وهو ذو تأثير على اداء وجودة الحياة المستقبلية للانسان، و تأثيره على الصحة للمدى البعيد كبير جداً لان توفير الغذاء السليم له يمكن من نموه وتطوره السليمين، كما يسهمان في تعويده، أيضا، على تناول طعام صحي خلال مراحل حياته المختلفة.

في المقابل الأولاد لا يلقون لهم بالا ولا يشعرون بهم وأحيانا لا يهتمون بأهلهم أمام عدم اعطاء رغباتهم وشهواتهم التي يجدوا في العطلة وقت كافية لإشباعها، وخاصة الشباب الذين هم بعمر المراهقة  إذا لم يقيد بمهمات توكل إليه من قبل الأهل سوف يفعل ما يشاء لذلك يجب على الأهل أن يضعوا لأبنائهم جدول نشاطات يملئون من خلاله الوقت وأيضا لا يحرمون ابنائهم من هواياتهم المفضلة في توفير المستلزمات التي يحتاجونها .

واخيراً أن العطلة الصيفية يجب أن تبقى رديفا للراحة، ووقتا ضروريا لتطوير التعلّم عند الابناء وتعزيزها عند الاباء ، ولا يجوز إطلاقا وضعهم تحت الضغط لأنه يُعيق تقدّمهم، فبعد فترة دراسية طويلة تلقّى خلاله الطلاب الكثير من المعلومات وكذلك الضغوطات الروحية  لانهم يحتاجون إلى فترة راحة لكي ينضموا فيها افكارهم التي تلقوها في الدراسة، والعطلة فترة استقرار تسمح للطالب بالتحقق مما تعلّمه ومن دون هذه الاستراحة لن يتجاوب الابناء وخاصة الاطفال منهم مع التعلّم بشكل سريع. ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه وقدر وقته، فلا يضيع منه لحظة في غير فائدة مرجوة، ويقدّم فيه الأفضل فالأفضل من القول والعمل، " ولتكن نيّته في الخير قائمة من غير فتور بما لا يعجز عنه البدن من العمل". ونسأل الله  عزّ وجلّ أن يجعلنا في طاعته، وأن يعيننا على استثمار أوقاتنا واولادنا بما يحبّ ويرضى،

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي