لا زلت تحت وطأة الحمى.. أكتب إليك بقلم : ابراهيم شواهنة
تاريخ النشر : 2019-06-12
لا زلت تحت وطأة الحمى.. أكتب إليك بقلم : ابراهيم شواهنة


كلما تعبت ولو قليلاً، عاد بي الزمن للحظات نخرت روحي وتاريخي .. ووجهي الذي ماعاد هناك مايستهويه، الغريب أني حين أغمض عيني أراهم بوضوح، يالهذا الفقد الحاد اللعين، لقد حطمتني حقيقتهم الجديدة، لقد شوّهتهم الحياة بينما لازلتُ بكل ما أحمل من سذاجة انتظرهم هناك ، ليعودوا ليحلموا معي ...
كل من سبقوك يا ابراهيم كانوا المجاز، كتبتهم لتصل إليها.. فقط .. كل الذين عرفتهُم كانوا أنتِ، كل الناس خطواتك ، يالوعة الحقيقة في أعتى انتصاراتي، ياقبضة الشعور في أهون حالاتي، كنتُ أعرف أن للوهج سبب، ماظننت يوماً أن تجيء بكل هذا الوضوح ! ، وجهك شجّ ذاكرتي، أيقظ الحُلم النديّ وأقسمَ بالأبجدية ..
أعرف جيداً كيف تسقط من ارتفاعها الآمال وتتهاوى أحلامنا، وكيف يركض الشخص في بُعدٍ لا ينال فيه من المسافة ولا يصِل لشيء يعزي فيهِ هذا الفشل، إني أعرف جيداً كيف تتيبّس الأطراف من هول الصدمة، وكيف تتصدّع ضحكات التمني كلها تحت أقدام الحقيقة، ياصديقتي إني أعرف وجوه الألم لهذا أعرف أنك وجه الفرح الوحيد.
على صدرك علّقت روحي ومضيت انتهت خطواتي إليك، ، أقطع العمر الكاذب بوجهٍ يدرك تماماً مدى زيف هذا الشباب، يالها من نهاية ، أضحك بخيلاء وأنا أفرد صدري إذعاناً للتلاشي .. هذه المرّة لن أموت مهزوماً، حققتُ نظرية الامتزاج ، وسافرت معك عبر الزمن، وأطعمتُكَ حقيقتي، وأحببتك بتفرّدٍ تام.
أتفرج على حطامي، وكفي عارية من كل الحلول الممكنة، أتأمل الظلام المتراكم على كل شيء، أسير على سجية الطريق دون أن أفهم لماذا، ودون أن يتملكني الاهتمام، وجهي مضيء .. هم يقولون ذلك لكني لا أعرف لماذا يضيء لهم ولا يضيء لي ! .. هذه الحياة لاتعنيني، وأشعر أني ظِلٌ هارب لشخص مات منذ زمن بعيد .

وما الحب ؟ ، إن لم يسعفك في حالات التشظي والتمزّق ! ، ما الحب إن لم يتسرب من ثقوب اليأس ليصل إليك ، إن لم يحطّم وجوه الشقاء ليتأمل نور وجنتيك .. ما الحب إن لم يكن سنداً في انحدار الأمان، ورِفعةً في انهيار القِيَم ، ما الحب ياصديقتي إن لم تكُوني فعلاً حبيبتي ؟
من يحبني دون أن يعرفني شخصياً فهو كالذي يكرهني .. الفرق أن الشعور الأول غير عدائي بالرغم من أن كلاهما يخلو من الأسباب الحقيقية، لهذا أيها المتابع أو المتتبّع أو العابر الكريم لن امتعض من كرهك ولن يزكيني حبك ، فكل ماتقرأه هنا لن يجعلك قريباً من معرفتي، فاحكم عليّ كما تشاء...وماذا يفيد البكاء ؟ ، سارت على أمواج الدموع سفن الراحلين .. وأوراق السنين، وما تخففنا من رمضاء الحنين ، نستيقظ في كثير من الأحيان بذاكرة معطوبة وأعين منتفخة ، ونبتسم بالرغم من كل هذا التعب .. والله إنا نبتسم بالرغم من هذا الضياع
ذاتي في وصف مصغّر : أنا شخص غاضب داخلياً ، هادئ خارجياً، لامبالي بكل مايتعلق بالمعايير، صادق في رأيه ، وعيوني عسلية لا هذي مالها دخل أقصد نظراتي تتكلم أكثر من فمي عادةً ، أرمم ذاتي منذ أعوام طويلة ولازلت أؤمن أن بعض الأخطاء تزيد من حدة الجمال
مالا يمكنك إدراكه هو شموليتي، الناس في هذا الوقت نمطيّة جداً ومملة ، حتى بات العاقل المضطلع مثيراً للسخرية في بعض الأحيان عندما يتعلق الأمر بالمرَح ، وهذا بسبب تصنيفات العوام المحدودة لصورة المثقف أو القارئ .. أخبرتكم سابقاً أن عقول الناس تحزبيّة جداً وشخصياتهم مكررة جدا لقد حاربت أعتى أحزاني لوحدي، وسقطت من أعلى وأقوى مراتب الثقة لوحدي، واجهت مخاوفي وصرخت في العتمة لوحدي ، لقد تمنيت لو أن هناك يد تلتقف هذا الحطام ، ترممني دون مقابل .. تفعل أي شيء لوجه الله فقط، لكني كنت وحدي ! ، كان قدراً عليّ أن أخوض الحياة منفرداً ، أحمل عبء السنين وأمضي....لن تعرف الحقيقة هنا، ومايظهَر أمامك محض اختياراتهم العقلية، هناك من غيّبت مشاعرهم عقولهم فكتبوا مشاعرهم فقط ، وهناك من يحملون أفكاراً مشوهة فظهروا بما لايعكس قلوبهم .. يعيش الإنسان بصراعاته النفسية ، من ثم يدُب يده في ذاته الشاسعة ويختار من تعدداته ما يظهر أمامكم...
فيكِ مني ، من غصة صمتك حتى انفلات اعترافاتك .. ولستُ أشبهك في صفاتك، لكنها أرواحنا المعقودة وخطوط أزماننا .. هرولنا كثيراً نبحث عن كل مايقودنا للذات، كفرنا بالحقيقة وأضرمنا نار الحزن ، وسقطنا بلا هويّة ، وأدركنا أخيراً أن كلانا يحمل الآخر منذ نشأته
لستُ هنا لأبهرك، ولو حدث ذلك معك ألف مرّة فهذا ليس من ضمن أولوياتي .. أنا هنا بكامل اللامبالاة ، أي تفاعلك معي إن أسعدني لن يتعسني العكس مُطلقاً، أنا هنا بطريقتي الأدبيّة و اللاواعية، باتزاني وتشتتي، كهذا الكلام الذي أكتبه الآن فقط لأني أريد أن أكتبه ليس لأني مضطَر للشرح، والتبرير .
ولأنكِ مادة روحي، خامتها ولبّها ومتنها وحواشيها، ولأنك بادئتي و أصلي وجذوري وماء طيني وغصني الأخضر، وثماري، لأنك أروع ماتدور عليه حياتي، لا أملك إلا أن أحبك بعاطفة ليس من ورائها مقصد، ليس من أسبابها طمع ولا رغبة، أحبك هكذا لأنك أنتِ، مثلما أنتِ ومثلما كنتِ.
الحب نعيمٌ بلفحة عذاب ، أمانٌ بحيرَة ، أن تتذوق جنة السعادة وزقوم الحزن ، الحبُ سُكَّرٌ بمرارة ، بردٌ وحرارة ، هو الجمال في أقسى طلَّة ، والشقاء في أبهى حُلَّة ، الحب أن تركض بكل قوّتك ، تركض بكل لهفة ، وترى الوصول يمد لك كفيه .. ولا تصل
حين نمد أيدينا لهم دون أن ننال الرفض أو القبول منهم، تصبح أيدينا معلقة للأبد .. تصفعها رياح الحيرة وهاجس الانتظار، وكم هذا مؤلم ، مؤلم فعلاً...!!