التقنيات الحديثة -الذكية واستراتيجيات التدريس
مواكبة للثورة المعلوماتية التي تدق أبواب الفكر، وتوافر مصادر المعلومة من وسائل عديدة ، مع توفير في الجهد والوقت، دأبت وزارة التربية والتعليم على تفعيل اتجاهات حديثة في التربية توظف ويعمل بها، ذلك بأن المعلومة باتت تحت أنامل المستخدم لوسائل التكنولوجيا المتعددة ، ولعل من المهارات التي تواكب هذا العصر الذي سنطلق عليه عصر التقنية الحديثة الاتصال والتواصل الذي بدوره قرب المسافات وفعل الحوار ورفدنا بالمصادر والمراجع اللاززمة ، وبات السؤال الذي يطرح ليس صعباً البحث عن إجابته ، فمن توجه له سؤالاً فكرياً يحرك جهازه الذكي باحثاً عنه في محركات المعرفة المتوافرة لديه ؛ مما أحدث نقلة نوعية في المضمار التربوي ، وانتهاج اساليب جديدة تتكامل والأساليب التقليدية المتبعة في تقديم المائدة العلمية للطلبة، ولكن مع تغيير في التعاطي مع هذه المستجدات، فبدلاً من وصف المعلم والمقرر المصدرين الوحيدين للمعلومات ، جاءت هذه الثورة؛ لتقول للتربوي مهلاً هناك مصادر أخرى للمعلومات تأتي من مصادر وأشخاص آخرين .
بناء على ذلك ، حري بنا أن نرى الاتجاه الحديث الذي يتبنى التعلم النشط والصف النشط ، والتعلم النشط الذي ينهض على استراتيجيات حديثة من عصف ذهني، ولعب الأدوار، والتعلم التعاوني ، والخرائط الذهنية والمفاهيمية ، والتعلم بالمشاريع،و بمعنى آخر جعل التعليم والتعلم يتمحور حول الطالب وتكون المعلومات التي هي قوام المعرفة التي تنشأ منها الخبرة لاحقاً تُتأتى من المعلم والمقرر والمصادر الأخرى، كما تم إدخال فكرة التعلم بالمشاريع التي ينهض بها الطلبة من خلال تفاعلهم مع المعلومات المقدمة إليهم تأكيداً وإثراء، وهذا من شأنه أن يؤسس لدى الطلبة حب البحث والاستقصاء وتقديم معلومات جديدة من خلال التفاعل البحثي الذي يجريه الطالب مع العالم الخارجي الذي باتت تحت ناظره وسمعه.
ولعل الأسلوب السقراطي الذي ينتهجه بعض المعلمين في أروقة المدرسة يفضي إلى الإبداع والاختراع من خلال دورهم الجديد المتمثل في توجيه الطلبة نحو أسئلة تثير التفكير، ويترك المعلم إجابتها للطلبة بشكل تعاوني تقليدي أو تقني من خلال إنشاء مجموعات إلكترونية يتم التواصل بينها دون النظر إلى المكان والزمان .
وبالحديث عن الزمان والمكان نشير إلى الاتجاه الحديث في التعليم الذي راح يفكر خارج الصندوق، بحيث تجاوز تفكير الطلبة الزمان والمكان الذي عهدوه منذ نعومة أظفارهم ، إلى تعليم وتعلم طيلة الوقت وبغض النظر عن المكان، فقد أتاحت الهواتف الذكية والأجهزة المحمولة هذه الظروف .
فمن يريد أن يوجه هذه التقنيات للإبداع والاختراع والابتكار يستطيع ذلك ، ومن يريدها في غير هذا الاتجاه فشأنه كشأن من يستخدم سيل القنوات التي تُزخُّ عبر الأقمار الصناعية ويكون التلفاز حاضنتها ، فثمة قنوات فكرية وعلمية وأخرى للتسلية واللهو ، ويعتمد ذلك على المتلقي سواء أكان متلقياً عادياً أم واعياً أم ناقداً ، فهم ركائز في المجتمع ومن يبني هذه البرامج يختلف من حيث منابع التلقي ، فالمجتمع به هذه الأنواع والأنماط وتنعكس على الاستخدام وفق هذه المشارب وألوان الطيف.
وللتعاطي مع هذه الثورة التقنية ُيتطلب من التربية التركيز على هذه الاستراتيجيات من خلال الاستمرار في دورات لفئة المعلمين لئلا تتسع الفجوة بين الطلبة والمعلمين ، ذلك بأن الطلبة لديهم قدرات بحثية واستخدام لهذه التقنيات لا يستطيع المعلم مواكبتها وحده دون مساعدة من خلال التدريب والورش ، وهذا ليس قصوراً لدى المعلم وإنما اتساع مساحة البحث لدى الطلبة وتوافر الوقت فيما تضيق تلك المساحة لدى المعلمين ، فالفائدة تكون ذات جدوى عندما يكون المعلم مدركاً لهذه الوسائط المتعددة حتى يتم توجيه الطلبة لاستخدامها، وتفعيل محركات المعرفة والدراية والخروج بمخرجات في ضوء التخطيط المنشود، أما أن يكون الطلبة متمكنين من هذه الوسائط والمعلم يعرف عنها النزر اليسير فلا شك في أن المتابعة والتوجيه والتيسير الذي ننشده وتنشده المؤسسات التربوية في كون المعلم ميسراً لا يؤتى أكله ،إن لم نطور المعلم والمسؤول لمعرفة الجهد الذي يبذله الطلبة في الحصول على المعلومات وكيفية الحصول عليها ومدى مصداقيتها وتوثيقها ونقدها وتحليلها ونشرها تباعاً.
التقنيات الحديثة -الذكية واستراتيجيات التدريس بقلم: سلامة عودة
تاريخ النشر : 2019-06-09
