هكذا قالت لي العرافة بقلم:جاسم محمد كاظم
تاريخ النشر : 2019-06-05
هكذا قالت لي العرافة بقلم:جاسم محمد كاظم


هكذا قالت لي العرافة     قصة قصيرة  

جاسم محمد  كاظم 


ما لم أتصوره في الحسبان  أن يتهاوى الزمن مقلوبا وتشاهد عيون الجنرال الصارمة آفاق عدها  العكسي حين تمعج فمه سلسا طائعا بين أيدي من وصفهم يوما بأبناء العاهرات.

 ولامست نظراته الأرض مبتلعا بقايا سخف الرجولة المصطنعة لاعقا كلمات الهزيمة حين أهان صولجان السلطة المبتلاة بالأفاقين أمثالة .

وخلف خيال ذلك الوجه تراءت لي ملامح وجهها المكتنز ببياض وهو يتقلص بحركات بطيئة متطاولة أخذت ترمق تقاطيع راحة يدي مرة وعيناي مرة أخرى وتداخلت كلماتها الهادئة بغرابة في مسمع أذناي جعلت اغلب المحيطين بها من الزبائن والمتطفلين يرمقونني بنظرة ويحثون الخطى خشية عواقب  وخيمة لم تكن في الحسبان يكون سوط الجلاد حكمها الأخير .

لم أتكلم كصاحبي الذي اكتنفه الغيظ بهياج وحشي ووصفها بأنها إحدى الساقطات تعمل لحساب رجال الأمن  حين تنبأت له  فاتنة الشارع الرائعة  بجملة مخيفة:-

(ستموت رميا بالرصاص )

دار معي الزمن دورات طويلة  تآكلت معها خلايا جسدي الذي نالت منة شظايا الحروب وأقفاص الأسر وازداد إعجابي بعينيها المكتحلتين عندما صدق الرصاص نبوءتها الأولى ومزق جسد صاحبي في إحدى زنزانات الفاشيست .

لم أرها في اليوم الثاني هل ستتذكر تقاطيع راحة يدي وتعيد نفس الحكاية لكنها كمن ذاب في زحام ذلك الشارع المكتظ بالأجساد جعلني أتصورها لحظة لم يسجلها الزمن في قاموسه الخالد هذيان مجنونة تحطم عندها ناموس الزمن فمرت لحظاته سريعة تتخطى بعدة الرابع تتضارب فيه مواضي الأمس البعيد مع حواضر مستقبل آت لم نرها أو نسمع عنها  بعد .

ولم تجري بخلدي أبدا أن اصدق أقوال طلاسم رثة تجعل من الزمن أداة عبثية كمن قد قطع مساره المحتوم قبل وجود كينونته لنكون معه وكأننا ندور في متاهة عالم مفقود رحلنا عن سمائه قبل أن نولد  ونعيش على أرضة .

وتخيلت نفسي مثل ذلك الجنرال  راقدا في حضيض أفعالة يسترجع شريط لحظات مجد تلاشى هل سأكون صعلوكا مثله أتناسى عمدا حلقات مفقودة من حياة الضياع أو أتطاول على مكنونات شعب غيبته المنافي وسجون ضيقة .

أي فكرة جعلتني أتذكر نبوءة تلك اليانعة بالشباب وهي تنصبني سيدا لذلك البلاط الفاشي بكل جواريه ومتملقيه عندما يجد  العمر  نفسه كتمثال أصم يفقد الزمن فيه لحظة الأمل تصبح فيه نسمات  الحياة مقدمة إعلان للموت .

لم تخني الذاكرة في تصور مشهدها ونبرات صوتها الخفيف وكأنها خارجة من شفاه حالمة عندما بدأت تحركهما تارة للأعلى والأسفل وهي    تنظر  في  تقاطيع  راحة يدي :-

 ( ستكون رئيسا للجمهورية )
 
//////////////////////////////////////////////////////
جاسم محمد كاظم