مؤتمر المنامة الأميركي مرفوض بقلم:عمر حلمي الغول
تاريخ النشر : 2019-05-25
مؤتمر المنامة الأميركي مرفوض  بقلم:عمر حلمي الغول


نبض الحياة 

مؤتمر المنامة الأميركي مرفوض

عمر حلمي الغول 

مع ان الإدارة الأميركية القائمة، وفريقها الصهيوني يسابقون الزمن في تنفيذ خطوات صفقة القرن المشؤومة دون الإعلان عنها، مع انها باتت واضحة وجلية، ولا تحتاج لكبير عناء لإستكمال خطواتها اللاحقة. لكن الأخراج الكلي لتفاصيلها يشوبه الإرباك، والتعثر، والغموض أحيانا، وتدوير الزوايا كلما اقدمت على أي  جزئية جديدة منها، ويلاحظ الإعلان ثم التراجع، ثم وضع فرضيات ومواقيت متعددة ومختلفة ومتباينة، والوقوع في سياسة "التحزير"، وهو ما يدلل على أن الرئيس ترامب وفريقه يعيش حالة من اللايقين بمشروعهم فاقد الأهلية والمصداقية والمسؤولية السياسية والقانونية والأخلاقية وحتى الدينية، وان كان البعد الديني يشكل الناظم والهاجس لمشروعهم التخريبي، والمتمثل بتماهيهم مع المشروع الصهيوني لتحقيق مآربهم في الإسراع بإشعال فتيل حرب ياجوج وماجوج. 

مع ذلك علينا، ان نلاحظ جيدا، أن الإدارة الأميركية تركض في كل الإتجاهات، لا تتوقف في نقطة بعينها، وفي حال تعثرت، أو واجهت عقبات في طريق اي خطوة، تقوم فورا بالإنتقال إلى خطوة جديدة، وتبقى تضخ معطيات ومعلومات، أو مواقف عن الصفقة، مع مواصلة الهجوم على القيادة الفلسطينية بهدف محاصرتها، وتضييق الخناق عليها، ومحاولة لي ذراعها، وحشرها في الزوايا الميتة، ولا تمل من النكسات التي تتعرض لها في الترويج لبضاعتها الفاسدة.

آخر تقليعات ونتجات فريق إدارة ترامب الصهيوني الثلاثي: كوشنير، غرينبلات، فريدمان، هو عقد مؤتمر إقتصادي في المنامة، العاصمة البحرينية في 25و26 حزيران/ يونيو 2019 لمناقشة أولا التمويل لعدد من المشاريع في قطاع غزة والضفة؛ ثانيا خلق بيئة مشجعة للإستثمار؛ ثالثا جلب مستثمرين جدد؛ رابعا تشبيك العلاقات الإقتصادية البينية الفلسطينية الإسرائيلية والأميركية مع الدول العربية؛ وخامسا فتح باب الإجتهاد لتطوير المشاريع المطروحة، أو طرح مشاريع جديدة تتوافق مع مشروع الصفقة. 

وحسب كوشنير وغرينبلات سيتم دعوة عدد من الوزراء المختصين من دول الأقليم والعالم، وكذلك خبراء إقتصاديين، ومستثمرين من بقاع الأرض لتوريطهم في المياة الآسنة للصفقة الميتة أصلا. وهو ما يشير بشكل واضح إلى ان الفريق الصهيوني المختص بالصفقة يعمل بكل ما أوتي من قوة لتمرير الحل الإقتصادي، الحل الذي ينادي به نتنياهو، وبمعزل عن الجذر السياسي لمسألة الصراع. مع ان  إدارة ترامب  تعلم جيدا، ان القيادة الفلسطينية رافضة من حيث المبدأ الصفقة، ولا تقبل بها، وهذا ما أعلنه الرئيس ابو مازن مرات عديدة، كما ان بيانات ومواقف الهيئات القيادية الفلسطينية المتوالية، تؤكد بإستمرار رفضها لصفقة العار. 

يمكن لإدارة ترامب ان تدعو من تشاء، وتقرر عقد ورشتها، أو مؤتمرها في اي بقعة عربية، أو كما فعلت سابقا في وارسو (بولندا)، ويمكن للأشقاء ان لا يبلغونا عما يجري في بلدهم لإستهداف قضيتنا، ويمكنهم ان يبقوا اسرى الولاء والتبعية لإدارة ترامب، ولكن لا ترامب، ولا فريقه الصهيوني، ولا الأشقاء العرب، ولا غيرهم يستطيع ان يملي على القيادة الفلسطينية حضور الورشة الأميركية، والتساوق معها، أو التخلي عن الأهداف والثوابت الوطنية الفلسطينية، ولا عن خيار السلام وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967، المرتكز إلى قرارات ومواثيق ومعاهدات الأمم المتحدة، ومرجعيات عملية السلام، ومبادرة السلام العربية. وبالتالي المقترح الأميركي، مقترح مرفوض، لانه لا يستقيم مع مرتكزات عملية السلام، ويبتعد كثيرا جدا عن الجذر السياسي لمسألة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. 

من يريد تحقيق قفزة حقيقية، ودخول التاريخ من أوسع ابوابه، عليه ان يعود للجذور السياسية للصراع، ويفرض على دولة التطهير العرقي الإسرائيلية الإلتزام بدفع إستحقاقات عملية السلام، التي حددتها وفق أولوياتها الأربعة مبادرة السلام العربية، وبالتالي إعطاء الشعب العربي الفلسطيني الحد الأدنى الممكن من حقوقه التاريخية في ارض وطنه. دون ذلك يبقى مجرد ترهات، وخزعبلات لا تسمن ولا تغني من جوع. نحن لسنا ضد تشجيع الإستثمار في وطننا الفلسطيني، ولكن الإستثمار المرتبط إرتباطا عميقا بمشروع الحل السياسي، وتأمين إستقلال وسيادة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967، والقدس الشرقية عاصمتها الأبدية، وضمان عودة اللاجئين على اساس القرار الدولي 194. هل ترتقي الإدارة الأميركية لمستوى التحديات وتفرض على إسرائيل الحل السياسي المذكور، أم ستبقى تراوح في مربع الصفقة الميتة؟

[email protected]
[email protected]