الهجمة الأمريكيّة الصهيونيّة الحاليّة للسيطرة على العالم العربي بقلم:د. كاظم ناصر
تاريخ النشر : 2019-05-21
الهجمة الأمريكيّة الصهيونيّة الحاليّة للسيطرة على العالم العربي بقلم:د. كاظم ناصر


تتسارع الأحداث في المنطقة العربيّة، وخاصة الخليجيّة منها، وتزداد وتتضارب التكهّنات، ويحاول المراقبون والمحلّلون معرفة أهداف التحرّك الأمريكي الأخير؛ فمنهم من يعتقد أن الهدف منه هو إظهار الجبروت الأمريكي والضغط على إيران لقبول التفاوض من جديد على الاتقاف النووي الذي انسحبت منه أمريكا إرضاء لإسرائيل، ومنهم من يتنبأ بنشوب حرب مدمّرة، ومنهم من يستبعد حدوثها، ومنهم من يعتقد أن أمريكا تستخدم " تهديد إيران " لدول المنطقة كشمّاعة لتحقيق أهداف معينة من أهمها الهيمنة على الدول الخليجية وابتزازها واستنزاف ثرواتها لعقود طويلة قادمة، والقضاء على فكرة الوطن العربي الواحد وأحلام الوحدة العربية، وزيادة الوطن العربي تمزقا ودمويّة وخرابا، وتمهيد الطريق لإسرائيل لاحتلاله.
من الواضح أن هذا التحرك الأمريكي خطّط له بعناية منذ مدّة، وتم باتفاق مع حكام بعض الدول الخليجية والدليل على هذه الشراكة في التخطيط والأهداف هو التطورات المتلاحقة التي حدثت خلال الأيام القليلة الماضية ومن أهمها:
أولا: موافقة السعودية وبعض دول مجلس التعاون الخليجي على طلب الولايات المتحدة لإعادة انتشار قواتها العسكرية في مياه الخليج وعلى أراضيها بهدف ردع إيران عن أي اعتداءات محتملة قد تصدر عنها بفعل سلوكياتها المزعزعة لأمن المنطقة واستقرارها كما تدّعي أمريكا وحلفائها العرب. ونحن نسأل لماذا لا يتمّ تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك التي وقعت في 18 يونيو 1950 للدفاع عن أمن الخليج؟ وأين قوات درع الجزيرة الخليجية التي تم تشكيلها في نوفمبر 1982؟ وأين الجيوش الخليجية التي يصرف علي تسليحها مئات المليارات؟ وهل القوات الأمريكية أكثر حرصا على أمن الخليج من الخليجيين وإخوانهم العرب؟
ثانيا: اجتماع رؤساء القوات البحرية وكبار القادة العسكريين في دول مجلس التعاون الخليجي مع القيادات العسكرية للقوات البحرية الأمريكية والقوات المشتركة في البحرين لمناقشة تسهيل وتسريع انتشار قوات برية وبحرية وجوية أمريكية بأعداد كبيرة في المنطقة يمكن اعتباره دليلا على النوايا الأمريكية السيئة، وعلى استسلام دول الخليج لإملاءات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. فكم سيكون عدد تلك القوات؟ وهل ستبقى في المنطقة كقوة استعمارية لعشرات السنين القادمة؟ ومن سيدفع رواتبها ونفقات تسليحها وتموينها ومخصصاتها الأخرى؟ ترامب قال لقادة الخليج ادفعوا ثمن حمايتكم أكثر من مرّة وبأسلوب مهين! ودفعوا وسيدفعون!
ثالثا: دعوة الملك سلمان بن عبد العزيز لعقد قمّتين عربية وخليجية في مكة المكرمة يوم 30 - 5 - 2019 لبحث تداعيات الهجمات التي استهدفت أربع سفن في المياه الاقتصادية الإماراتية مقابل ميناء الفجيرة، ومحطتين بتروليتين سعوديتين بالقرب من الرياض؛ لكن الملفت للنظر هو أن هذه الدعوة الملكية لعقد القمتين تأتي بالتزامن مع القمة الإسلامية التي ستعقد في مكّة يوم 31 - 5 - 2019 ، أي بعد يوم واحد من عقد القمّتين المقترحتين. ولهذا يمكن القول إن تزامن توقيت عقد القمتين الخليجية والعربية مع القمة الإسلامية الهدف منه ممارسة الضغط السعودي والإماراتي على الدول العربية والإسلامية لدعم التحرك الأمريكي، وربما لإنشاء تحالف سني ضدّ إيران يشبه تحالف " عاصفة الحزم " العربي الإسلامي الفاشل في اليمن. سبحان الله! لماذا لم يعقد القادة العرب والمسلمين قمّة واحدة لنصرة فلسطين والقدس وسوريا واليمن وليبيا، ويعقدون 3 قمم في يومين لدعم الهجمة الأمريكية على المنطقة؟ والمضحك في الأمر هو ان قمة مكة الإسلامية ستعقد تحت شعار" يدا بيد نحو المستقبل "؛ فمتى كانت الدول الإسلامية تعمل يدا بيد نحو المستقبل؟
رابعا: تتزامن الهجمة الأمريكية ومؤتمرات القمة الثلاثة مع اقتراب الكشف عن محتويات صفقة القرن التي تهدف الى فرض الاستسلام على العرب وتصفية القضية الفلسطينية، والتي يرفضها الشعب العربي، وتحاول أمريكا فرضها على الأمة العربية بموافقة قادة عرب ومسلمين من ضمنهم معظم قادة دول الخليج الغنية لتمويل الصفقة كما تريد أمريكا وإسرائيل! فهل هذه المؤتمرات والتحركات تحدث مصادفة؟ أم ان كل ما يجري منسّق ومخطط له بعناية؟
التدخل الأمريكي الحالي في العالم العربي، ومؤتمرات القمّة الخليجية والعربية والإسلامية التي ستعقد في مكة في نهاية هذا الشهر ستعقد لخدمة أعداء العرب والمسلمين، ولمحاصرة إيران ومحاولة تغيير نظامها، ودعم الغطرسة والمخططات الأمريكية لتغيير الوضع في الشرق الأوسط، وترتيب أوضاعه وفقا لمصالح أعداء العرب والمسلمين وعلى رأسهم أمريكا وإسرائيل!