الجريمة التركية البشعة بقلم:عمر حلمي الغول
تاريخ النشر : 2019-05-19
الجريمة التركية البشعة بقلم:عمر حلمي الغول


نبض الحياة 

الجريمة التركية البشعة

عمر حلمي الغول 

إعتقلت السلطات التركية في الرابع من نيسان/ أبريل الماضي (2019) فلسطينيا من قطاع غزة، إسمه زكي مبارك، بعد ايام قليلة من دخوله لإراضيها، قادما من بلغاريا في ال30/ 3/2019، التي يقيم فيها منذ 2009، وكانت عائلة المعتقل إتصلت بأحد المحامين الأتراك، ووكلته بالدفاع عنه. والذي ابلغهم، ان ابنهم موجود في سجن سيليفري في إسطنبول، ولا يوجد عليه اية تهم، ومن المنتظر ان يفرج عنه في 28 من ذات الشهر. لكن السلطات التركية أعلنت بشكل مفاجىء، أن زكي وجد منتحرا في السجن. وبعد التواصل مع جهات الإختصاص تم نقل الجثمان لمصر كي يواصل طريقه لدير البلح كي يدفن هناك. لكن شاءت الصدف ان يتم فتح الصندق الحامل للجثمان، ليجدوا المفاجأة الجريمة البشعة، حيث وجدت الجئة متعفنة، وفيها تشوه بالغ الخطورة: الرأس مثقوبة، الجسد مخاط في اكثر من موقع، وبعد فتحه، تبين ان القلب والكبد والرئتين منزوعة، واللسان منزوع، والأرجل مكسرة من الركب والقدم، لا شيء موجود سوى الهيكل العام المتهتك في كل جزء منه. 

وتعقيبا على الحدث، نقلت وسائل الإعلام التركية عن اجهزة الأمن المختصة في نظام اردوغان، أن المعتقل مبارك، هو عميل لدولة الإمارات العربية المتحدة، وانه مرتبط بجماعة محمد دحلان (مع ان المذكور نفى ان يكون للمعتقل أي علاقة بجماعته)، وانه إعترف بذلك. وسأفترض ان ما بثه الإعلام التركي صحيح 100%، وأن الرجل متورط في عمل إستخباراتي، لا سيما وانه كان يعمل قبل تقاعده ضابطا في جهاز المخابرات الفلسطينية. وبالتالي بعد إقرار المعتقل بالتهم الموجهة له، يفترض ان يحول للقضاء لمحاكمته، وفرض العقوبة، التي يستحقها وفق الأنظمة واللوائح التركية. 

لكن ما حصل كان مغايرا وبشكل جذري للمعايير القانونية، وعليه سألجأ لجادة الأسئلة: أليس ما تقدم هو منطق الأشياء، والذي ينسجم مع روح القانون، وحماية الدولة التركية لإمنها وسلامتها؟ ولكن لماذا أعلن المحامي التركي قضيتين اساسيتين، هما عدم وجود اية لوائح إتهام على الرجل، إرتباطا بعدم وجود إعترافات، وأنه سيخرج في موعد اقصاه 28 من نيسان / إبريل الماضي؟ ألم يكن المحامي على تواصل مع موكله؟ وألم يتواصل مع الجهات الأمنية المختصة، والتقى موكله، وطرح ما طرحه في ضوء المعطيات الماثلة امامه؟ وكيف يطرح المحامي موقفا يشير إلى ان المعتقل سيخرج، ثم تعلن السلطات التركية أنه إنتحر؟ وهل يوجد معتقل في اي مكان من الكون موعود بالإفراج عنه، ويقوم بالإنتحار؟ ولماذا الإنتحار مع انه لم يرتكب جريمة، ولم يعترف بأي تهمة موجهة له؟ ولو كان إنتحر كما إدعت السلطات التركية، هل كان لدى المغدور في المعتقل أدوات حادة كي يقوم بإحداث فتحات في رأسه، وينتزع شعره عن فروة الرأس؟ وهل قام أثناء ذلك بإنتزاع قلبه ورئتيه وكبده، ونزع لسانه، أم ان الجهزة الأمنية الفاشية، هي التي فعلت الجريمة البشعة؟ الآ تشعر الأجهزة الأمنية التركية بأنها إرتكبت عملا إرهابيا وحشيا لا يقل بشاعة عن جريمة إغتيال جمال الخاشقجي، التي تاجرت بها؟ ولماذا هذا الحقد الدفين على الفلسطيني؟ ما هي المعايير، التي إستندت لها لإرتكاب جريمتها القذرة والبشعة؟ هل الفلسطيني، التي يدعي الرئيس رجب طيب اردوغان، انه مساند له، وحريص على مصالحه، يكون جزاءه جريمة يندى لها جبين تركيا والعالم المتحضر؟ اين العدالة التي يتحدث عنها السلطان العثماني الجديد؟ اين الأخوة التركية الفلسطينية؟ أين القانون فيما إرتكبته الأجهزة الأمنية التركية من وحشية قروسطية؟ لماذا؟ حاكموه، وإصدروا حكما مؤبدا بحقه، ولكن لا تقتلوه، لا تحرموا عائلته منه، ولا تسجلوا على انفسكم وصمة عار جديدة إلى جانب وصمات العار الأخرى، وعنوانها الأول أجندتكم الإخوانية الخبيثة... 

اي كانت خلفية الضحية الفلسطينية، زكي مبارك، فلا يجوز لكائن من كان ان يصمت على جريمة السلطات التركية، ولا يجوز ان تمر مرور الكرام، انها وصمة عار جديدة تلطخ ايدي ومنطق الإخوان المسلمين الأتراك، وعلى كل صاحب ضمير حي من ابناء الشعب العربي الفلسطيني ملاحقة السلطات التركية امام المحافل والمنابر الدولية السياسية والقضائية وكل من له صلة بحقوق الإنسان. وهنا لا اخلط بين السلطات التركية وبين الشعب التركي النبيل، الذي نعتز ونفخر بالعلاقات الثنائية المشتركة معه، والذي نقف إلى جانبه في مواجهة كل التحديات الواقعة على رأسه.  

[email protected]
[email protected]