تخنقني فكرة اللجوء! بقلم بسمة جلال منيب المشهراوي
تاريخ النشر : 2019-05-16
"تخنقني فكرة اللجوء" بقلم/ بسمة جلال منيب المشهراوي

تخنقني فكرة اللجوء، أو أن يُشارُ إلى اسمي بأنني "لاجئة" يؤلمني حلمي ولهفتي الكبرى بأن أصلي في القدس التي لا تبعد عني سوى كيلومتراتٍ بسيطة، إلا أنها مزمجرة بآلافٍ من الحدود، يرعبني تقسيم وطني إلى أجزاء، جزء منه مقسوم إلى شِقَّيْن "غزة وضفة" أما الشق الأكبر منه فاسمه اليوم "إسرائيل" يدمي قلبي ذلك الحاجز الكبير المُختصر في بوابةٍ صغيرة تُدعى "معبر إيرز" والذي يحول بيني وبين شوارع الخليل، رام الله، أريحا، نابلس، طولكرم، قلقيلية وغيرها من البلاد، يقتلني الحصار المفروض عليَّ في داخل هذا السجن الصغير المُدعى بغزة، بينما آلاف من حثالة اليهود يجوبون بلادي ليل نهار بلا قيود أو مضايقات عبثية، تخنقني فكرة موتي دون أن أكحل ناظريّ بأسوار عكا، ودون أن أتذوق برتقال يافا، ودون أن أجلس على شاطئ بحر حيفا، ودون أن أسرق قبلةً من نور القدس، ودون أن أعانق قمة جبل الكرمل، ترعبني فكرة أن جسدي بعد اهترائِه سيدفن في مكان اللجوء، لا في موطنه الأصليّ، لكنَّ أكثر ما يخنقني بحق هو أنني قليلة الحيلة، ليس بيدي رصاص أو بارودة، وحتى أنَّه ليس بيدي عصًا سحرية، تقلب الموازين في رمشةِ عين، تسحق الاحتلال الغاصب، والانقسام الدموي الفاجر، وتنتصر القضية! للأسف، إنَّه ليس بحوزتي شيءٌ سوى قلم يسطر ندبات التاريخ، ونكبات فلسطين، على ورقٍ مصنوعٍ من الخيبةِ والحسرةِ والأنين، وصراخ المنكوبين.