في النكبة، أسئلة محرجة؟!بقلم:د. رياض عبدالكريم عواد
تاريخ النشر : 2019-05-16
في النكبة، أسئلة محرجة؟!بقلم:د. رياض عبدالكريم عواد


في النكبة، أسئلة محرجة؟!

يوم يتكرر منذ 71 خريفا
نقابله بنفس الكلمات
نعيد تعداد اهلينا، نتأكد من أن سلاحنا الإنجابي مازال ماضيا، وأن صحتنا الانجابية بخير؟!

نعد قرانا التي هدمها المغتصب الجديد، ويكتب البعض نبذة مكررة وممجوحة عن قريته أو بلدته التي لم يراها... حتى المجازر فهي بحاجة إلى عد من جديد والتذكير بعدد من سقط فيها من قتيل أو شهيد....

ننشر صور الأجداد وقواشين الأرض المهترئة، وما تبقى من مفاتيح طالها الصدأ، طبعا مع شيء من الشعر وحبذا لو كان من شعر درويش؟!

يجتهد النشطاء بإعادة طرح رواية نكبتنا مقابل رواية العدو واحتفاله بيوم استقلاله وزمجرة طائرات ال اف16 التي تجوب السماء، بلا خوف أو كلل!

نشيد بصمود اهلينا وبالمعارك التى خاضوها ونتغنى ببواريد الأجداد التي اشتروها بعدما باعوا ذهب الامهات والزوجات....

نلعن الجيوش العربية، وماكو أوامر ودولها، التي شاركت في مؤامرة ترحيلنا وصادرت سلاح اهلينا وحملت العائلات في شاحنات الهجرة على وعد أن يعودوا قريبا....

نتذكر أشياء واشياء ولا نتذكر الكثير؟!
كما ننسى أن نذكر دورنا في كل ماحصل
نتهم الجميع ولا نتهم ضعفنا وفقرنا وغياب المؤسسات ودور القادة والأفراد والأحزاب
لا نسأل أسئلة محرجة
لماذا هاجر اهل القرى التي لم تشهد حروب؟!
لماذا لم نصمد في قرانا ومدننا؟!
لماذا لم نكن من بين ال 150 ألف فلسطيني الذين صمدوا وبقوا فوق أرضهم أو عادوا اليها؟!
لماذا لم نستوعب هدف المحتلين الجدد من اقتلاعنا والاحلال مكاننا؟!

لماذا لم نستقر في قرانا بعد أن رجعنا مرات عديدة، ونقلنا من هناك الطعام والمؤن وما نملكه من أغنام وابقار... وحصدنا ما تبقى من الموسم ودرسنا ما جمعنا في الجرن من قمح وشعير.... نمنا واستيقظنا في البايكة على صوت ما تبقى من دجاجات وصيصان وديك بعرف احمر يصيح مع كل ضوء وأذان......

رجعنا إلى قرانا مرة ومرات ولم يكن فيها لا جنود ولا احتلال، لماذا لم نبقى في بيوتنا؟!
لماذا لم نحاول أن نعود إلى بيوتنا في فترة ضعف الدولة الناشئة وتسيب الحدود؟!

كثير من المهاجرين كانت قراهم وبلداتهم لا تبعد عن مكان هجرتهم الجديد ابعد من مقرط العصا، كانوا يحملون السلال في العصرية وينزلون الى قراهم ويرجعون قبل المغرب وسلالهم مليانة صبر وعنب وتين وجميز بلمي؟!

لم تكن فكرة العودة والصمود الذاتي تطرق تفكيرنا، هل اكتفينا بالجورما وما توزعه وكالات الإغاثة من أطعمة شهية علي فقرنا؟!
لماذا تحملنا كل ذل الهجرة وفقرها وجوعها وبؤسها وقملها وبراغيتها، وكلام القريب وشماتة واتهامات العدو والصديق، ولم نفكر بالمجازفة والعودة إلى بيوتنا، حتى والموت فيها؟! أليس افضل الف مرة من هذا الموت الطويل والمقيم؟!

يجب أن نراجع أنفسنا ونتحمل جزءا من مصيبتنا!
الهروب من المسؤولية وتحميل الآخرين انتج نكبات جديدة.....

الخطابة والكلمات الرنانة وشعارات الصمود والرباط والمقاومة لم تعد تغني أو تسمن لا من فقر ولا من جوع، كما لم تحقق لا عودة الأرض ولا الشعب، بل تهدد بضياع ما تبقى رغم بؤسه وقلته؟!

نحن ضحايا، لكن ليس للاخرين فقط ولكن لأنفسنا ومن أنفسنا ايضا؟! ضحايا عبثيتنا وقلة وعينا وطربنا للخطابة وللكلمات الرنانة؟!

في 1967 وعلى أثر حرب حزيران هاجر قرابة 460 ألف فلسطيني إلى الاردن بإرادتهم في الغالب، طمعا في الوعودات والاستقرار، كما تقول دراسة على موقع الجزيرة الوثائقي. ولولا تصدي المقاومة بالعنف لهذه الظاهرة لما توقفت واستمر النزف؟!

تقول الموسوعة الفلسطينية أن عدد سكان الضفة الغربية تناقص من 830 ألف قبل عام 1967 إلى 600 ألف. وتناقص عدد سكان قطاع غزة من 454 ألف قبل عام 1967 إلى 354 ألف.

خطر الهجرة لم يطرق اهتماماتنا بطريقة مباشرة، والبقاء والصمود على الأرض لم يكن ولا يزال لا يؤرقنا حتى هذا الحين، لذلك حصل هذا النزوح الرهيب من الضفة وغزة والذي يمثل حوالي ربع عدد السكان 23.5%؟!

الهجرة والتهجير ما زال يتهددنا
ما ينتظر غزة من حروب مدمرة يدفع في هذا الاتجاه
عدم وعي اهمية واولوية العمل على خلق جبهة شعبية، محلية ودولية، تحمي غزة من خطر عدوان إسرائيلي قادم ومدمر، أيضا يصب في هذا الاتجاه
الوضع البائس في غزة يدفع في هذا الاتجاه
الهجوم على السلطة الوطنية واضعافها سياسيا وماليا يؤدي إلى دفع مزيد من الهجرة من كل الأرض المحتلة
يجب أن نعي أهمية ومعنى واولوية الصمود والبقاء على الأرض
وأن هذا البقاء والصمود لا يمكن أن يتواصل دون وجود مؤسسات السلطة الوطنية، ودورها الرئيسي كحاضنة سياسية واجتماعية لشعبنا في الأراضي المحتلة

نكبة ال 48 كانت الأولى ولكن ما حدث في 1967 كان ايضا نكبة مسكوت عنها، وما حدث في 2007 هو نكبة ومقدمة للنكبة العظمى، ان لم نفيق من سباتنا وغينا وبلادتنا وانانيتنا وعدم اكتراثنا؟!

البقاء على الأرض هو انتصار استراتيجي بحاجة إلى برامج استراتيجية واقعية وعمل صادق ودؤوب، وبناء على الارض متواصل، على قاعدة ان الحجر هو الطابو الحقيقي، بحاجة الى ان يصبح الوجود على الأرض والتمسك بها وعدم مغادرتها قيمة وطنية وثقافية تتفاخر بها الاجيال، جيل بعد جيل، تحت شعار نموت ولا نرحل، فهل نعي الدرس؟!