العدو يتخبط بقلم:نهاد الحناوي
تاريخ النشر : 2019-05-16
العدو يتخبط بقلم:نهاد الحناوي


العدو يتخبط

منذ عقود سبعة و العدو يتخبط في قراراته ، و في ظل هذا التخبط قامت دولة إسرائيل على أراض ٍ مسلوبة ، دولة ذات قانون يحكم الجميع بلا إستثناء و لا إستياء من ساكني الدولة  ، فساكنيها قد جمعوا من أرذل الأمم و بقايا الشعوب ، من الشرق و الغرب ،  تحت سقف القانون ، و أنشأوا رغم إختلاف ثقافاتهم دولة القانون .

لم تكن إسرائيل بتلك القوة ، بقدر ما حصلت على الدعم و القوة من دول أرادت زراعتها في خاصرة الوطن العربي ، و الذي يعد الكثير من الجيوش و التي وظفت لحماية تلك الأنظمة  و هي لا تليق إلا بتلك الشعوب الناعسة .

استطاعت تلك الدولة المتخبطة في قرارتها أن تسخر جميع الأنظمة لخدمتها ، و قد حصلت على الكثير من الدعم المالي و السياسي ، و الفارق بينها و بين تلك الأنظمة البائسة ، بأن تلك الأموال لم تذهب إلا في أماكنها الصحيحة ، فكانت تلك الدولة المتطورة تكنولوجياً ، و عسكرياً ، و بفضل هذا السخاء من الدعم ، و الشفافية في النظام

قامت تلك الدولة العادلة ظلماً على أنقاض منازل اللاجئين ، و أرست العدل و القانون ، و قلت خطاباتهم و خفضت أصواتهم ، و في مقابل ذلك الهدوء البناء و على مر السنين ، كثرت خطابات قادتنا العظام ، و إرتفعت أصواتهم بالصراخ ، حتى وصل صداه أعلى السماء ، و ذهبت أدراج الرياح ، فلم يسمع تلك الخطابات أحداً ، حتى من صفقوا لها ، فقد تُداعب تلك العبارات الرنانة بعضاً من العاطفة ، فهي عبارات جميلة و منمقة تتسابق و دموع الثكلى لساعات ، إن لم يكن لدقائق معدودة ، و يبقى الألم و الأمل في وجه الله رفيق تلك البيوت و ساكنيها .

تلك الدولة الغريبة عن محيطها و المتخبطة سخرت تلك الحكومات لإدارة شعوبها ، و أتبعت تلك الأنظمة لها ، و لا مفر من ذلك ، و على المحكوم الولاء و الطاعة ، و بين كل هذا و ذاك و نحن نقاتل على مر السنين العدو الخطأ ، فقد تبين لنا بعد فوات الأوان أن عدونا يكمن فينا نحن ، في تقسيم الأمة و تسليم الأرض لمن لا يستحق ، فالنضال و الكفاح المسلح لم يضفِ إلى ما نصبو إليه ، و لم تكن تلك الإتفاقات سوى الخيار الوحيد و الذي ترك لنا ، كما تركنا العرب ، و ما بين تقسيم الوطن العربي و تقسيم الأمة ولد الإنقسام ، و أصبح طرفيه تحت سلطة المحتل ، و بعد تلك السنوات العجاف لم يكن لنا إلا السعي نحو لقمة عيش مرة ، و الخيار الوحيد بعد تلك العقود هو ما يمليه المحتل ، و الذي لا زال يتخبط من وجهة النظر التي يتبناها من ينتظر الزمان و المكان المناسب للرد على المحتل إذا ما تجاوز الخطوط الحمراء ، و قد تجاوز العدو كل ألوان الطيف ، و أضفى اللون الأحمر على حياة من كتب لهم أن يعيشوا تحت سماء العدو المتخبط .

فالعرب لما أخذوا حريتهم و إستقلوا عن محتلهم الكافر ، إضتهدوا شعوبهم و أعلنوا عبر الإعلام رفضهم للتعامل مع الكافر المحتل السابق لأرضهم ، و في النهاية حققوا أهداف العدو بشكل غير مباشر ، و تبقى الحسرة و الفقر للشعوب ، و لا زال العدو يتخبط ، و يا ليت أن يصيبنا قليلاً من هذا التخبط .