النكبة تزداد عاماً آخر بقلم:عمر حلمي الغول
تاريخ النشر : 2019-05-16
النكبة تزداد عاماً آخر بقلم:عمر حلمي الغول


نبض الحياة

النكبة تزداد عاما آخر

عمر حلمي الغول

اليوم تحل الذكرى ال71 لنكبة الشعب العربي الفلسطيني، والتي نجم عنها النقيضين، الأول تشريد وطرد الشعب صاحب الأرض والوطن  الفلسطيني، والثاني إنشاء كيان مصطنع إستعماري، هو إسرائيل الصهيونية على أنقاض الأول، ومصالحه، وتاريخه، وحضارته، ومستقبله. النقيضان الظالم والمظلوم، هما نتاج قرار قوى إمبريالية غاشمة، قررت، وأنتجت إداتها الصهيونية (الإخوان اليهود الصهاينة)، وهيأت لها مقومات الوجود، والتطور، والدعم غير المشروط بالمال والسلاح والإمكانيات السياسية والديبلوماسية والإقتصادية وغذت النزعات الدينية الدفينة والمعلنة، ومهدت الطريق والتربة لولادة الجسم الغريب تجسيدا لقرار مؤتمر هنري كامبل نبرمان 1905/ 1907، وإتفاقية سايكس بيكو 1916، ووعد بلفور المشؤوم 1917. وفي ذات الوقت، أخذت قرار بإعدام الشخصية والهوية الوطنية الفلسطينية، ونزعها من جذورها، من تربتها، وإلقائها في غياهب التيه العربي والدولي، وشردت 950 الف فلسطيني عربي إلى المجهول

لكن قرار الإعدام الغربي الرأسمالي لم يتمكن من فصل الرأس الفلسطيني عن جسد الأرض والوطن والهوية. ولم يتمكن الصهاينة، المستعمرون الجدد، رغم كل الدعم والإسناد الغربي الرأسمالي من تمرير روايتهم الزائفة والمفبركة والبالية، مع انهم حطوا بدايات رحالهم على الأرض قبل أكثر من القرن، إلآ انهم لم يتمكنوا من تعميم وتجذير مشروعهم الإستعماري، الذي تأصل بقيام قاعدته المادية، إسرائيل الإستعمارية، وموجات الهجرة المتلاحقة، والتي تتواصل حتى يوم الدنيا هذا، وسن القوانين، وإقامة إقتصاد دولة متقدم، ومحالاوت خلق ثقافة مشتركة جامعة لمجتمع المستعمرين، وبناء هياكل دولة معاصرة. لماذا؟ وما هي اسباب ذلك؟ هناك عدة عوامل، منها: أولا عدم التمكن من التصفية الكاملة للشعب العربي الفلسطيني، كما فعل الأميركيون مع الهنود الحمر؛ ثانيا عدم التمكن من نفي الحضور والشخصية والهوية الفلسطينية عن الأرض، التي أقيم عليها المشروع الكولونيالي الإستعماري الإسرائيلي؛ ثالثا رفض ابناء الشعب العربي الفلسطيني الإستسلام لمشيئة أصحاب المشروع الرأسمالي الغربي، ولا لإصحابهم، ومن لف لفهم من عرب وصهاينة وغيرهم؛ رابعا إستعادة الفلسطيني زمام المبادرة بالدفاع عن هويته ومشروعه الوطني عبر البحث عن الذات من خلال مشاريع المقاومة المختلفة وعلى رأسها الكفاح المسلح؛ خامسا دعم وإسناد قوى حركة التحرر الوطني والقومي والأممي للنضال الوطني الفلسطيني، وللحقوق المشروعة له في ارض وطنه؛ سادسا وجود وصدور قرارات أممية عديدة تؤكد على حق الشعب العربي الفلسطيني في أرض وطنه، بدءا من وعد بلفور نفسه، ثم قرار الإنتداب البريطاني (بغض النظر عن الصيغ الملتبسة، التي تم فيها الحديث عن وجود الشعب الفلسطيني)، ثم الكتاب الأربيض للجنة بيل 1937، وقبلها الثورة الشعبية الكبرى 1936/ 1939، وبعدها قرار التقسيم 181، وقرار 194، وغيرها من القرارات، التي بلغت حتى الآن 726 قرارا من الجمعية العامة، و86 قرارا من مجلس الأمن الدولي؛ سابعا إتفاقية اوسلو على كل ما فيها من مثالب ونواقص وعيوب، حملت في طياتها تأكيدا للحقوق الفلسطينية في الأرض العربية الفلسطينية؛ ثامنا غباء وقصور وإغتراب الإستعمار الإسرائيلي عن الواقع القائم، وعدم تمكنه من ان يكون جسما طبيعيا في المحيط العربي، وعدم تمكن حلفائه في المنطقة من حمله، وتعميمه، والتأصيل له وسط المنظومة الشعبية وحتى الرسمية العربية، حتى انه، كان ومازال يعتبر نفسه جزءا من المنظومة الأوروبية، وهو يعيش في قلب الشرق العربي، فلم يتمكن من تمثل دور قراصنة العم سام في ذبح الهنود الحمر، ولم يتمكن من ان يكون جسما طبيعيا، وبقي اسير برنامجه وبرنامج القائمين عليه من الغرب الرأسمالي، وكلاهما طاردان لإية عملية تأصيل، بغض النظر عن بؤس وهشاشة وانهيار الوضع الرسمي العربي، وإنقسام وتشرذم الساحة الفلسطينية، وإصدار "قانون القومية الأساس للدولة اليهودية"، وإعلان ترامب وفريقه الصهيوني عن صفقة القرن، كلها عوامل هدم للمشروع الصهيوني، رغم ما قد يبدو للمراقب من لمعان له في لحظة الأنهيار المعاشة.

النكبة الفلسطينية في عامها ال71 تؤكد ان مستقبل المشروع الصهيوني آيل للسقوط والتلاشي، مع انه الآن وفق المعطيات التاريخية بلغ ذروته بالوصول إلى القمة. غير انها القمة المتأرجحة، واللامستقرة، والكاشفة عن إستعار جنون الغطرسة والعنصرية والفاشية، المتلازمة مع رؤى ترامبية دينية ودنيوية غبية وفاشلة، ومهزومة، رغم أن الصفقة مضى عام ونصف على الشروع بتطبيقها على الأرض، لإنها تتجاهل الحقائق الدامغة في الواقع للفلسطيني صاحب الأرض والتاريخ والهوية، والحق المشروع بالمقاومة بكل اشكالها، والمنسجم مع قرارات الشرعية الدولية، والمنادي والمتمسك بخيار السلام، رغم تنكر الإسرائيليين، وحلفائهم الأميركيين له. وهذا العامل، مع انه الضعيف، غير انه العامل الأهم في معادلة الصراع، ودونه تبقى كل المشاريع صفر على الشمال.

[email protected]

[email protected]