الــدولــة الــعــمــيــقــة بقلم: عمر دغوغي الإدريسي
تاريخ النشر : 2019-05-15
الــدولــة الــعــمــيــقــة بقلم: عمر دغوغي الإدريسي


الــدولــة الــعــمــيــقــة

بقلم: عمر دغوغي الإدريسي
 مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية.                                  [email protected]                                                                                                            
اختلف الفلاسفة والعلماء والكتّاب في وضع تعريف شامل لمصطلح الدولة، وعرّفها كلّ واحد منهم حسب المدرسة التي نشأ فيها وحسب البيئة التي نشأ فيها أيضاً، ولكن التعريف الكامل والمناسب لمفهوم الدولة هو أنها كيان سياسي وقانوني يتكوّن من مجموعة من الأفراد المستقرين على إقليم محدّد يخضعون لنظام حكم ينظّم حياتهم عن طريق القوانين أو ما يسمّى بالدستور، وتختلف الدول حسب نظام الحكم والقوّة، والسيادة، والتكوين، والتركيب، والدولة تحتاج إلى حاكم يحكمها بناءً على الدستور.

أما أركان الدولة الرسمية والتي يمكن استنتاجها من التعريف السابق، فهي: الشعب، والأرض، ونظام سياسيّ، وسيادة يمارسها هذا النظام ومع مرور الوقت تزداد المؤسّسات والقوانين في هذه الدولة لتصبح أكثر عمقاً ورسوخاً، فالدولة العميقة هي المؤسّسات القديمة ونراها في الدول ذات التاريخ القديم، والمتوسّط، والحديث أيضاً.

أصبح هذا المصطلح يتكرّر كثيراً في الدول العربية خاصّة بعد أحداث ما يسمّى بالربيع العربي لا سيما في مصر التي شهدت تحوّلاً كبيراً والذي أظهر مفهوم الدولة العميقة التي لعبت الدور الأبرز في مجريات الأحداث، وهذا المصطلح يتمحور حول "المصالح"، فهذا المفهوم يمثل مؤسّسات الدولة الأمنية، والقضائية ،والإعلامية للحفاظ على مصالحها ومواجهة أيّ خطر يهدّد هذه المصالح حتى لو كان ذاك الخطر هو المواطن.

حتى تحافظ الدولة العميقة على مصالحها تلجأ في حالات استثنائية إلى استخدام العنف لمواجهة المعارضين حيث يتمّ اتخاذ العديد من الإجراءات الأمنية بذريعة الحفاظ على الأمن القومي من المخاطر الخارجيّة، أمّا الوسيلة الثانية فتتمثل في الجهاز البيروقراطي وهذا الجهاز يعمل على وضع العراقيل أمام المواطنين أو تطويل العملية الإدارية بحيث لا يحصل على فرصة الاعتراض على أيّ خلل بالنظام العام والمحافظة عليه.

فيما يتعلق بإيجابيات الدولة العميقة فقد تتدخل في ظرف معيّن وتستخدم وسائلها لفرض هيمنتها المؤقت، أمّا الجانب السلبي فهي تتحكّم في كلّ شيء بداعي الحفاظ على الأمن القومي وضرورات الاقتصاد، وكذلك الأمر عندما تهيمن على المجتمع السياسيّ، والاقتصاد، والإعلام يصبح آنذاك عاملاً للتمرد والثورة وعدم الاستقرار.

 يرى الإسلاميون أنّ الدولة العميقة مناهضة للإسلام ويصفونها بالعلمانية أيضاً، بينما يراها اليساريون مناهضة للعمال ويصفونها بالوطنية المتطرّفة، أمّا الأكراد يرون أنّها مناهضة لهم وتنكر حقوقهم.