فيتو ترامب ضد قرار وقف الدعم عن التحالف العربى ما هو الثمن؟ بقلم ناجى احمد الصديق
تاريخ النشر : 2019-04-24
فيتو ترامب ضد قرار وقف الدعم عن التحالف العربى ما هو الثمن؟

بقلم الأستاذ ناجى احمد الصديق      المحامى   السودان

لا نعلم على مدى تاريخ امريكا الطويل ان رئيسا يقيم المواقف السياسية الرسمية بمنطق الربح والخسارة مثل ما يفعل الرئيس الحالى دونالد ترامب، ولعله من نافلة القول ان لعمله السابق للرئاسة كرجل إعمال دوره البارز فى هذه المقوله ولكننا يجب ان نقر بان الى ذلك العمل السابق يرجع الفضل فى ان الرئيس الامريكى يسير نحو مبتغاه دون تردد ويرمى مباشرة تجاه الهدف ولا يهمه بعد ذلك ان كان ما فعله هدفا صحيحا ام شابته شائبة .

ها هو الرئيس ترامب يرمى مجددا تجاه دعم محور الاعتدال فى الدول العربية ويستعمل اقصى ما يتيحه  له الدستور الامريكى وهو استعمال حق النقض لابطال القرار الذى اصدره الكونغرس بغرفتيه مجلس النواب ومجلس  الشيوخ والقاضى بوقف الدعم عن التحالف العربى الذى تقوده السعودية فى اليمن .

ظهر على سطح العلاقات الامريكية العربية كثيرا من التوترات  على خلفية انحياز الرئيس الامريكى لاسرائل على وجه العموم ولرئيس الوزراء بنياميين ناتنياهو على وجه الخصوص ، وابدت كثيرا من الدول العربية على انفراد وجامعة الدول العربية على اجتماع استياءها الواضح من ذلك الانحياز على الجملة ومن بعض القرارات التى اتخذها على وجه التفصيل، ولم يبد الرئيس ترامب اى تاثر باستياء تلك الدول بل ظل يدفع ما وسعته الحيلة نحو تصفية القضية الفلسطينية وهو هدفه الذى ظل يسير نحوه بجد منذ توليه سدة الرئاسة فى البيت الأبيض . فى خضم هذا التوتر بين الدول العربية الرئيس الامريكى دونالد ترامب اوجد البيت الابيض ما يمكن ان يكون عصا وجزرة لبعض الدول العربية لمسانتدته فى هذا السجال العنيف لتطبيق الحل الذى اجترحه هو لتسوية النزاع فى الشرق الاوسط والذى يمثل فى رأيه الوضع الامثل لاسرائيل فى قيام دوله قوية تستحوز على كل منافذ العداء لها فى الضفة الغربية والجولان كما يمثل الوضع الامثل لدولة فلسطينية منزوعة السلاح والسيادة تقبع على ركن قصى ولها عاصة فى قرية صغيرة تسمى ابوديس.

وجد البيت الأبيض فى ايران وحلفاءها فى لبنان واليمن ضالته المنشودة ووجه لها ما فى جعبته من اتهامات بالارهاب حتى وصل الأمر الى ان تتجه دول الخليج العربى بكلياتها لمحاربة المد الشيعى الذى تصورته  وحشا سيبتلعا كاملة فى يوم ما ، ظل الرئيس دونالد ترامب يدفع بقوة نحو شيطنة ايران وحلفائها وتصويرهم بانهم منبع الارهاب الدولى فى العالم الى ان انتهى الى اعتبار جيش ايران باكمله منظمة إرهابية  وهو وصف اسبغه بطبيعة الحال الى جيش حزب الله فى لبنان وجيش الحوثيين فى اليمن  وبذلك ارضي دول الخليج من جهة انها تكن عداءا مستحكما لايران منذ وقت طويل ، ومع ذلك فان الرئيس الامريكى لم يدع فرصة فى اظهار العداء لإيران الا واقتنصها فى حينها حتى بات من اكثر الرؤساء الذين اوقعوا على ايران اشد العقوبات. 

نتوجه بالنظر الى جهة اخرى من علاقة دونالد ترامب ببعض الدول العربية والتى تمثل محور الاعتدال فى التعاطى مع القضية الفلسطينية وهذا الجهة تتعلق بالدور الذى يرتجيه دونالد ترامب من تلك الدول فى موقفها من صفقة القرن المرتجاة ، ، حيث تمثل تلك الصفقة رؤية الرئيس الامريكي  كما تمثل فى راى كثير من المراقبين تصفية نهائية للقضية الفلسطينية التى باتت تؤرق مضجع ترامب شخصيا من جهة وعوده التى قطعها فى حملته الانتخابية كما باتت تؤرق معظم دول العالم ومن بينها بعض الدول العربية ،ويود كيثرا من الناس ان يرى هاجس النزاع الفلسطينى الاسرائيلى المتطاول قد بانت له نهاية .

ما كان للرئيس الامريكى ان يقدم خدماته للدول العربية بالمجان، بالإضافة الى انه رجل اعمال لا يؤمن الا بحسابات الربح والخسارة نجد انه جاهر فى اكثر من مناسبة بانه يجب ان يتغاضى الثمن عما يقوم به من اعمال او عما يحققه الاخرون من فائدة نتيجة لسياساته او أفعاله ولهذا فانه لا يقوم بمحاربة ايران وحزب الله اوجماعة الحوثى خدمة مجانية من اجل عيون الدول التى تستفيد منها ، كما انه لا يحارب بنى جلدته ويستعمل ضدهم الفيتو الرئاسى لانه كما يقول (محاولة غير ضرورية وخطيرة لإضعاف سلطاته الدستورية وان القرار يعرض حياة المواطنين الامريكيين وإفراد قوات الشعب المسلحة الشجعان للخطر) اللهم الا ان يقصد بالمواطنين الامريكيين اولائك الموجوديين فى دول الخليج والذين يمكن ان تطالهم  الصواريخ الحوثية .

اذن ما هو الثمن الذى يرجوه دونالد ترامب من استعمال حق الفيتو ضد قرار الكونغرس بوقف الدعم عن دول التحالف العربى ؟؟

صفقة القرن التى ينتظرها العالم بأسره هى محور كل ما يقوم به الرئيس ترامب مع الدول العربية والاسلامية ، ومراهنته على نجاح تلك الخطة هى ما يدفعه لتهيئة المناخ فى الشرق الأوسط سواء بالعصا التى يلوح بها فى وجه حماس والسلطة الفلسطينية على السواء او بالجزرة التى يبديها لبعض الدول ذات التأثير الاقتصادي على المنطقة ، ونزعم ان قرار ه باستعمال حق الفيتو ضد قرار وقف الدعم هو من قبيل الدين الذى يرجو ان تسدده له الدول المستفيدة من هذا القرار ، وليس هذا الامر ببعيد عن ما جاء فى صحيفة القارديان من ان الخطة التى أعدها زوج ابنه الرئيس الامريكى كوشنر تقوم على رؤية ضخ استثمارات مالية ضخمة من السعوديين والدول العربية الثرية وسيتم استخدام المال هذا لشراء الفلسطينيين وإقناعهم عن التخلى عن مناطق واسعة فى الضفة العربية )

كل ما نخشاه هو فعل الرئيس الامريكى تجاه القضية الفلسطينية لان جميع ما صدر عنه حتى اليوم يشى بان للرئيس ترامب خطة واسعة لتصفية القضية الفلسطينية جبرا على الفلسطينيين والعرب اجمعين وان عقلية التاجر هى التى تقوده نحو تحقيق هذا الهدف لانه يؤمن بقانون القوة لا بقوة القانون ويتماهى تماما مع مستشاره للأمن القومي بولتون الذى يقول ان القانون الدولى خلق للضعفاء لهذ يجب ان نأخذ به حتى وان كان فى صالحنا حتى لا يأتى الضعفاء ليحتجوا به علينا فى يوم ما