استشعار الربيع العربي..وتدارك الحل بقلم:د.محمد جميعان
تاريخ النشر : 2019-04-23
استشعار الربيع العربي..وتدارك الحل بقلم:د.محمد جميعان


استشعار الربيع العربي...وتدارك الحل

دكتور محمد جميعان 

  سبق وجرت مسيرات كثيرة واحتجاجات على مختلف الساحات العرية والدولية، ولكن اغلبها لم يكن يمثل ثورة او خط انحدار وتدحرج ، وهنا يطرح السؤال كيف يمكن استشعار الثورة او ما يسمى بالربيع العربي ؟ او بوضوح اكثر؛ ان ما يجري في هذا الاتجاه يمثل خط الانحدار والتدحرج ام لا ؟

   لا شك ان الاجابة ليست سهلة ما دام العقل الباطن الجمعي هو من ينسج ذلك بتلقائية، وهذا ما رأيناه عند تدفق الناس الى الميادين بشكل مفاجئ على اثر حادثة ما، طالما تكررت كثيرا ، الا انها هذه المرة ادت الى ثورة عارمة او ما يسمى بالربيع العربي..

    ولكن ، ومع ذلك ، يبقى الخبير المتمرس في التحليل ، وصاحب الفراسة بالذات ، والمتتبع لنبض الناس واحاديثهم وعمق انفعالاتهم في الميادين ، وفي الاسرار بينهم ومع اقرانهم ، يستطيع ان يعطي مؤشرات وملامح ان ما يجري خط انحدار لن يتوقف الا بتحقيق الهدف  وليس احتجاج يمكن احتوائه،،،

    وهنا يمكن تقديم ملاحظات عابرة ان الاحتجاجات التي تدحرجت واسقطت الانظمة ، خلت من مطالب تفصيلية واصلاحية ، وعافت واكتفت بعبارة ارحل او الرحيل بعبارات صيغت حسب اللهجات المحلية ، كما ان الناس انفسهم بحجمون عن التفاصيل في الفساد والاستبداد والفقر والبطالة ويكتفون بالاستياء والضجر والاحباط بمفردات وتعابير المختلفة،،

   في الموجة الاولى من الربيع العربي كانت صفحات وسائل التواصل الاجتماعي تعطيك بعض المؤشرات، ولكنها الان وفي الموجة الثانية هذه  لم تعد تعطيك مؤشر حقيقي لاتجاه الانحدار او عدمه، وذلك بعدما تم تقييدها وتحجيمها بالقواتين والاحكام والقضاء ومزيدا من الاستبداد-

وهنا يجدر الحديث عن تدارك الثورة ، وهل يمكن تداركها بالفعل؟

  من الصعب  تداركها الا بالدم كما حصل في سوريا ، وذلك اذا اخذ المزاج العام خط الانحدار، وبدأ يتدحرج متسارعا ، عندها لا يمكن توقعه او السيطرة عليه ، وهذا ما جرى في الربيع العربي في الموجة الاولى والثانية الحالية،،،

  ولكن بالامكان تداركها اذا لم تصل خط الانحدار ، وتنبه السياسيون لذلك واخذوا بالعمل الجاد لبناء الرصيد الشعبي الذي فقدوه في غفلة وسوء تقدير ، وهذا  يحتاج الى انجاز ومصداقية وعدالة وحريات، ومتابعة لقضايا الناس كالبطالة والفقر وضنك العيش وايجاد حلول حقيقية لها ، وكذلك حزم وحسم في محاسبة الفاسدين واسترجاع الاموال المنهوبة ، مع ثبات نسبي مقنع على المواقف في السياسات الداخلية والخارجية ،  وكل ذلك يحتاج الى وقت ومثابرة  وتدرج في البناء،،،،

  اما فنون الالهاء، وسيكلوجيات الاعلام مهما بلغت ، واثارة الزوابع والفذلكات والطبول والشعارات مهما علت، وبيع الاوهام مهما احكمت، لن تجد نفعا اذا بدأ خط الانحدار في هذا الاتجاه ، بل من شان ذلك ان يسارع في التدحرج وليس العكس كما يتهيأ لاصحاب تلك النظريات الكلامية والسطحية ،،

  واخيرا لا بد من التاكيد ان كل ذلك يرسم في العقل الباطن والوجدان بتلقائية لا يمكن رصدها بدقة ، انما هي استشعار ملامح ومؤشرات ، لذلك فان ما جرى كان مفاجئا حتى للمؤسسات الاستخبارية المتابعة ذاتها ، وكانت لحظة الانهيار مذهلة لكل المراقبين بل وللرؤساء انفسهم .

د. محمد جميعان
[email protected]