تمثال للامام المراغي
بقلم: عبد الرحيم الماسخ
فرحت المراغة للحظات، اذ اندلع ضوء ذو اطياف تتضافر معلنة عن نصب تذكاري مهيب، الكل يسال بانبهار: لمن هذا التمثال؟ المراغة مدينة صغيرة انيقة الطلعة اذ يحدها من الشرق نهر النيل بعظمته و وجاهته و يحدها من الغرب طريق القاهرة اسوان السريع و السكك الحديدية الرئيسية، لكنها و مع الاقتراب منها اكثر تبو من الداخل حيزا ضيقا مزدحما بكل شئ ، ليس لها متنفس الا جناحين رقيقين عن شمال و جنوب، توابعها اكثر من اربعين قرية و نجع ذي كثافة سكانية عالية ، معظم سكانها يعملون بالزراعة و الوظائف الحكومية و هي طاردة للعمالة الحرفية و غير الحرفية بكثافة، و قد ارتفعت بها اسعار العقارات الي سقف غير مسبوق. و زادت تكاليف الزواج و هجرها الكثيرون بحثا عن متنفس مريح، لم تكن المراغة مغمورة اذ كانت قرية من قبل خرج منها من اعلام العصر الحديث ناس مشهود لهم بالنبوغ و الريادة منهم الشاعر محمد عبد المطلب رفيق شوقي و حافظ، العميد علي الجندي، الشيخ يوسف عميد الصحافة العربية، ،،، الخ، و لحداثتها و صغرها مصنفة درجة ثانية بين اربعة مدن: طهطا من الشمال و هي درجة اولي، سوهاج من الجنوب و هي درجة اولي، جهينة من الغرب و هي درجة ثالثة و ساقلتة من الشرق و هي درجة ثالثة، شعب المراغة و ضواحيها تيارات متضاربة ما بين سلفية و اخوانية و علمانية. ،،،، الخ و المسيحيون فيها كثرة، و مع غلبة الامية و الفقر زادت التبعية فانجرف كثيرون مع التيارات العابرة الغالبة الي الاعماق المرعبة و صار البعض منهم مرتعا للوحوش الكاسرة في اعماق الظلمة و الفراغ، بدات نشر شعري في صحيفة الاخبار و في مجلات و صحف كبري كثيرة ابتداء من سنة 1985و الي الان لم اجد لي مكانا مناسبا يعترف بموهبتي في مدينتي المراغة / الاقرب الي عيني و قلبي، ، ناهيك عن السخرية التي تواجهني بصفعاتها المرة في احيان كثيرة، اذ اري و اسمع من يشير الي عيانا جهارا قائلا: انه الشعرور، من يصافحني قائلا: انت شعراوي ام لا ؟ يقدمني زملاء العمل لبعض الزائرين: عبد الرحيم الشاعر، فيرتد سؤالهم كالنصل الحاد في قلبي: شاعر بماذا؟ - بمغص! حاولت في مداخلات كثيرة ان اقنع البعض بدور الادب، بحقيقة وجود الشعر، بامكانية التعلم و ميزته، لكن للبيئة احوالها، البعض يقولون: الشعر كان زمان اما الان فلا، الكلام كثير متشعب فمن يسمع من ؟ المهم ان مدخل المراغة الرئيسي اصبح الان مزينا بتمثال فخم قرمزي طلع به البيان صباح الجمعة 19 / 4 / 2019 م و دار حوله البشر و لم يابهوا بابواق السيارات المتلاحقة و اسراب التكتوك المتتالية كالنمل المجنح، البعيد يقترب ، العاجز يتساند علي صحبه ، النساء و الاطفال، الكل يسال و ما من مجيب، اخيرا ابلغ من علم من لم يعلم. و كشف المستور من مصب الي منبع النور: انه تمثال الامام محمد مصطفي المراغي عالم الدين الاسلامي الذي تولي مشيخة الازهر سنة 1930 ثم تنحي ثم عاد اليها سنة 1935 م ، فرح من فرح فقد تساوت الرؤوس خاصة مع مدينة طهطا التي تواجه القادم و الذاهب بقامة رفاعة العالية ، و قالوا: مهما بلغ رفاعة لم يبلغ قامة شيخ الازهر نحن هنا و هم هناك، لكن رايا اخر تقدم متمهلا حتي سد الافق انه نفس راي السلفية و الاخوانية الذي ظل يضرب طبوله في الاذان طيلة ايام الثورة الفائتة و ما بعدها عن حكم وجود التماثيل و حكم رؤيتها و ما ترمز اليه و وجوب سترها علي الاقل تخفيفا لحكم ازالتها، قالوا: هي ممنوعة عن تمثيل العامة فما بالها بالخاصة؟ لم نر تمثالا لعالم دين من قبل منذ الرسول و الصحابة الي الان فماذا تغير ، ليظل باب الجدل مفتوحا. ، و يظل تمثال المراغي منصوبا رغم ذلك
تمثال للمراغي بقلم: عبد الرحيم الماسخ
تاريخ النشر : 2019-04-23