أصبحنا نعيش فيما يسمى بالقرية الكونية, والتي تتميز بأن بيوتها من زجاج, لا خصوصية لها, العالم كله يرى كل شاردة وواردة في كل بيت, فالجميع يرى لحظة دخولك هذه القرية الكونية عبر, برامج التواصل الأجتماعيلحظة نومك, لحظة استقاظك, حيث آخر شيء نقوم به قبل النوم نظرة أخيرة على الموبايل - الجوال, واول شيء نقوم به في الصباح, نظرة على الجولا. يتم تسجيل كل حركة تقوم بها, الأماكن التي تزورها, المكان الذي تناولت فيه الغداء والمكان الذي شربت فيه القهوة والشخص الذي كان معك, والأشخاص الذين كانوا قريبين منك, المواقع التي تتصفحها والصور التي تضغط عليها, الأشخاص الذين تتواصل معهم, الآراء والأراء التي تبديها, مزاجك اليومي, عمليات الشراء التي تقوم بها, الملاحظات التي تقوم بكتابتها, تذكرة الطيران التي تقوم بحجزها والمكان الذي ستسافر له, والفندق الذي ستقيم به. ثم تقوم هذه البرامج بتسجيل كل هذه المعلومات وتحليلها والاحتفاظ بها في قاعدة بيانات خاصة, وعرضها وبيعها للشركات والجهات الأخرى, وقد أصبح الناس كتابا مفتوحا, ولهم الخيار فيما يكتبوه, مع علمهم ان العالم كله سيقرأه. فلابد للحرص ان يكون سيد الموقف, وربما الخوف في بعض الأحيان.
وللفيسبوك وغيره الحق في ان يمرر ويبيع هذه المعلومات لأصدقائك وللشركات, بحيث يمكن لصديق ان يعرف انك تجلس في نفس المطعم او في مطعم مجاور, ويمكن للشركة ان تعرف انك تمر من أمام أحد محلاتها فترسل لك دعاية.
الأدهى من كل هذا انه يمكن لبعض هذه الشركات سحب جميع المعلومات المخزنة على جهازك, ويمكنها من الدخول الى الكمرة المثبتة على جهازك, وادارتها عن بعد, بحث يتم تسجل كل ما يدورحولك والتقاطه وتسجيله في قاعدة بيانات خاصة. وهذا من وجهة نظري يمثل أقصى درجات انتهاك الخصوصية. لذلك يجب التعامل مع أجهزة الكمبيوتر والجوال بالذات بدرجة عالية من الحذر فهو يدخل معنا الحمام وغرفة النوم, قد تبدو هذه النصيحة وكأنها شطحة من الخيال او مبالغ بها ولكن حقيقة واقعية.
قرية الكونية وبيوت الزجاج بقلم:محمد ترعاني
تاريخ النشر : 2019-04-22