ولادة من الخاصرة بقلم : محمد زهدي شاهين
تاريخ النشر : 2019-04-21
ولادة من الخاصرة
بقلم : محمد زهدي شاهين
لكل أمر في هذه الحياة دورة حياة طبيعية، حتى الفكر له نصيب من ذلك ايضاً. فمن خلال الكتابة ندون الدورة الحياتية لفكرنا، ومن خلالها نستطيع الرجوع وملاحظة المحطات والمستوى الفكري الذي كنا عليه والذي قد مررنا به وصولاً الى ما نحن عليه اليوم. فالكتابة مثلاً تمكننا من معرفة وصولنا الى مرحلة النضوج الفكري ام لا، وفي حال وصول احدنا الى هذه المرحلة فهذا لا يعني الوصول الى مرحلة الكمال المعرفي، وهنا لا بد لي من ذكر هذه الابيات للامام الشافعي :
كلما ادبني الدهر ** اراني نقص عقلي
وإذا ما ازدت علماً ** زادني علماً بجهلي
لهذا يجب علينا عدم الاغترار بانفسنا، فمهما بلغنا من العلم والمعرفة الا اننا نبقى في طور مرحلة التعلم والاكتساب المعرفي، وفي حال اغترار البعض منا والشعور بالاعتداد بالنفس؛ فهذا يعتبر احدى نواقض مرحلة النضوح العقلي او الفكري، ومن النواقض ايضاً عدم تقبل الآراء الأخرى وإعطاء حرية التعبير عن الرأي، وايضاً عدم الاعتراف بالخطأ وعدم القدرة على التواصل مع الآخرين، والنواقض متعددة.
وبالرجوع الى دورة الحياة الطبيعية، ففي حالتنا الفلسطينية خاصةً والعربية على وجه العموم يبدو الامر باننا غالباً نسير عكس عقارب ساعة دورة الحياة الطبيعية لكثير من القضايا والشواهد على ذلك كثيرة. ففي عالمنا العربي مثلاً وفيما يخص الانظمة الحاكمة وتغييرها لا يتم ذلك الا من خلال الانقلابات او الاقصاء البشري او من خلال التدخل الالهي المباشر عبر الاقصاء القدري كالموت مثلاً. فولادةُ اغلب امورنا كامةٌ عربية لا يتم من خلال الرحم الطبيعي لذلك، بل من خلال الولادة من الخاصرة.
وفي حالتنا الفلسطينية فحدث ولا حرج. في نهاية الشهر المنصرم عَزَمتُ على الذهاب للاطمئنانِ على صحةِ الكاتبِ والروائي والمفكر الفلسطيني الاخ عاطف ابو سيف وزير الثقافة حالياً، فكان وضعه يرزى له، وتألمتُ من مشاهدتي له وهو على هذه الحالة المؤلمة. كانت خطواته مثقلةٌ بالالم والمعاناةِ فانفطر قلبي، ورأيتُ فيه قضيتنا الفلسطينية العرجاء التي امست بحاجة الى عكازة تتكئ عليها وممن! من ابنائها. لهذا فلتسقط الهراوة والعصى وسوط الجلاد هنا وهناك؛ فحكمها كحكم الخمر فما كثيره مسكر فقليله حرام. ولهذا ارى بالافق ايضاً ولادة من خاصرة حركة حماس نتيجة لهذا الامر.
اما الحكومة الثامنة عشرة ايضاً ابت ان تولد الا من خلال الخاصرة، فقد تغيبت بعضُ فصائل منظمة التحرير عنها، وهذا خطأٌ منهم بعدم تقدير حساسية الموقف، ولن يدركوا هذا الخطأ اليوم لكن بالغدِ القريب ستتضح لهم الرؤية. وعلى كل حال نأمل ان تكون الحكومة الجديدة عند حسن ظن الجميع وبالاخص الشارع الفتحاوي المتعطش للوحدة ورأب الصدع ورص الصفوف. وهنا اقترح على الحكومة الجديدة والسيد د. محمد اشتية من اجل كسر الصورة السلبية والحاجز النفسي وبث الجو الايجابي ولطمآنة الشارع الفلسطيني بان يقوم هو وحكومته باول زيارة لهم الى قطاع غزة الحبيب ووضع الكرة في ملعب الاخوة هناك.