د. محمد إشتية الرجل الذي جمع ما فرقته السياسة والساسة
تاريخ النشر : 2019-04-21
د. محمد إشتية الرجل الذي جمع ما فرقته السياسة والساسة


 الدكتور محمد إشتية الرجل الذي جمع ما فرقته السياسة والساسة

 بقلم: مُنال فهمي زيدان

من على صفحات التواصل الاجتماعي وصفحات الصحف التابعة والصفراء كان عليهم أن يفتشوا في كل تفاصيل حياته بأدق التفاصيل وأصغرها لعلهم يجدوا ما يدين الرجل ويزفروا انفاسهم المسمومة في جوف ينابيعه الطاهرة النقية ليربكوا حسابته وخطواته قبل أن يبدأ فكان عليهم أن يفتشوا بحياته الشخصية والعائلية بعدما عجزوا عن ايجاد ثغرة في حياته المهنية إنهم اولئك الذين يخشون النظر في مرآة حياتهم وخاصة السياسية لما تعكس ما بداخلها من تناقضات وفشل وكذب وخداع لانفسهم وللجماهير فما كان لهم أن يقبلوا برجل ذا تاريخ نضالي ووطني ومهني خرج من رحم حب الجماهير التي خرجت تحتفل فرحا وتبايعه الوفاء بالوفاء والصدق بالصدق والحب بالحب منذ تكليفه بتشكيل الحكومة رجل يتمتع بتلك الخاصية شخصيتة الاستثنائية المتواضعة رغم أنه يشغل العديد من المناصب الرفيعة السياسية والاكاديمية والاجتماعية لكنه تخلى عن كل المناصب من أجل خدمة الشعب والقضية التي تمر بأحلق الظروف تعقيدا وترك لاولئك الذين يزاودون ويحرضون ويكتبون ضده تلك التابوهات ليتغنوا بما في داخلها من أموات وهذا ما حقق وسيحقق الخلود لشخصيتة ، شخصيته التي تحرك فيك الحب والاحترام  وتقنعك بما لم تكن تقتنع خاصة في السياسة التي تختلف معه فيها لكنك لا تختلف عليه فهو له مدرسته الخاصة التي لا تلتقي معك ولكل منكما فكره المختلف لكنك بفعل شخصيته وفكره تقتنع بما كنت لا تقتنع به من اراء سياسية واجتماعية شخصيته التي تجعل نقاط الالتقاء معه أكثر وأكثر وتعتقد أنك صديق لشخصيته رغم أنك لم تلتقي به قط أو صدفة ولكنك فقط من خلال ما تقرأ وتسمع عنه فتجد نفسك صديق مقرب منه تتعلم منه ويقنعك بأسلوبه العفوي هو ذاك الفلاح الذي يعشق خبز ورائحة الطابون والزعتر ذاك الذي كان يغازل سلاسل الحجارة في قريته ويشاكسها ويمشي فوقها ويفرد يديه كانهما جناح نسر قبل أن يهوي على الارض عائدا لبيته متسخ الثياب والكدمات تغطي جسده إنه الجائع لبراري القرية والصيد مع اصدقائه الذي يفتش عن ديك سمن أو بلبل وما أن تفتح إدراكه للحياة ببعض شموليتها أدرك أن هذا الفلاح في داخله وطن مذبوح سجين مثل البلبل الذي اصطاده فكان عليه أن يحمل شيئا من بقايا طفولته وشبابه والقليل من روح قريته والكثير من الإنتماء لوطنه ليكون صياد في المحافل الدولية ليصطاد ما يستطيع من الدعم الإقتصادي والسياسي والمعنوي لشعبه ووطنه إنها شخصية الدكتور محمد إشتية.

الدكتور اشتيه الذي ينفي عن نفسه الخوف والنزاهة والشفافية والشجاعة ويقول لكم لست قديس وارجوكم لا تمتدحوني إنما أروني أخطائي إن أخطات وانتقدوني بما فيه خير لتصويب ما فيه مصلحة للجميع ، إشتية الذي يستطيع أن يحدد العلاقة بين أن تكون إنسان وقائد ويحدد العلاقة الوظيفية ودرجاتها ويوظفها لصالح العام وليس لمصالحه الشخصية ورغم ما يمثله سياسيا إلا أنه رفض أن يكون ذاك الامبراطور الذي يخاطب الناس من على عرش عاجي يحمل بيده صولجان من الذهب،خاطبهم بتواضعه وثقافته المبنية والمصقولة باداميته وانسانيته وبساطة انتمائه القروي الأصيل فكان عبارة عن فضاء مفتوح ومدينة مفتوحة من كل الاتجاهات وبحر يتسع للجميع على قاعدة العظماء هم بثقافتهم وفكرهم وتواضعهم وليس بمناصبهم فقلما يثرثرون وقلما يغرقون في التفاصيل كما قلما يبررون لأنهم ليسو مطالبين بالتبرير بقدر ما هم مطالبين بالبناء والتطوير وأفعالهم واعمالهم هي خطاب النصر في معركة الحياة والانتصار عليها كونه يؤمن أن الريش الجميل لا يصنع طائر ولا الخطابات والثرثرات والعواصف تصنع عصف فكري وشخصية تقدمية واكاديمية ومهنية.

الدكتور إشتية ليس نبيا ولا رسول لكنه قوة ناعمة يمتاز بقوة المنطق ودماثة الخلق رجل جمع ما فرقته السياسة وجمع الفرقاء في بوتقة الحوار على قاعدة الشراكة والوحدة والبناء حاور الجميع وشاور المعارضين قبل المؤيدين للسلطة وترك الباب لهم مفتوح على مسرعيه لمن شاء الدخول في تكوين جسد واحد موحد لحكومة تحمل على كاهلها اعباء كثيرة وخطيرة في محاولة لتدارك ما يمكن تداركه من الخطر الذي يهدد القضية الفلسطينية ولا نبالغ إن كلنا أن ما تمر به في الوقت الحاضر أكبر وأخطر من النكبة والنكسة وهذا بفعل عدة عوامل أهمها صفقة العصر والحالة العربية المتشرذمة والمتردية والمنقسمة  والقرصنة الاسرائيلية لأموال المقاصة كورقة ضغط على السلطة ومحاولة نفي وإنهاء قضية اللاجئين وانعدام الافق السياسي وتوقف المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية والتطبيع العربي الاسرائيلي الخنجر الذي يطعن الفلسطينين في الظهر والأكثر خطر هو الانقسام الفلسطيني الفلسطيني. 

ففي حالة العطب الذي عممها الانقسام العطب الذي اصاب العمودي الفقري للقضية الفلسطينية والوحدة الوطنية والجغرافية وشل القضية بكل مناحيها نتيجة تعصب أعمى لفكر أعمى ورغم عشرات اللقاءات والاتفاقيات منذ الانقلاب إلا أن الانقسام بدل أن يتم احتوائه إنتشر كالسرطان في جسد القضية وأصبح خطره أكثر فتك من خطر الاحتلال بحد ذاته لدرجة أن الادرينالين توقف عن التحذير من خطر ما يهدد جسد القضية فأصابنا في القلب ، وبدل الوحدة لمواجهة صفقة وصفعة العصر يتجه بعض الفلسطينين الذين يدعون أنهم شجرة الله على الارض وأنهم عنوان المقاومة إلى المساومة على ما يلبي احتياجاتهم ومصالحهم ضاربين بعرض الحائط كل الخطوط الحمر وكل ما يهدد القضية متساوقين بشكل مباشر وغير مباشر مع الصفقة بعدما هبطت ملاين الدولارات من الدوحة في مطار بن غوريون ليسلمها نتينياهو لقادة حماس وفق شروطه وباليد وليس عبر البنوك فهل توجد مهزلة وضيق سياسي وفكري أكثر من هذا فانطبق علينا قول الجواهري بقوله:

لم يبقَ عنديَّ ما يبتزُه الألمُ .....  حَسبِي من الموحشاتِ الهمُّ والهرَمُ

لم يبقَ عندي كفاءَ الحادثات أسىً .... ولا كفاءَ جراحاتٍ تضِّجُ دمُ

وحين تَطغَى على الحرّان جمرته ..... فالصمتُ أفضلُ ما يُطوَى عليه فمُ

.............

بقلم: مُنال فهمي زيدان كاتب فلسطيني