التمييز يلاحق التمـُّيز الفلسطيني في لبنان بقلم: يوسف أحمد
تاريخ النشر : 2019-04-21
التمييز يلاحق التمـُّيز الفلسطيني في لبنان بقلم: يوسف أحمد


التمييز يلاحق التمـُّيز الفلسطيني في لبنان

بقلم: يوسف أحمد

رئيس اتحاد الشباب الديمقراطي الفلسطيني "أشد" في لبنان

كيف لطفل فلسطيني لاجئ في لبنان يبلغ من العمر عشرة اعوام أن يفهم أن سبب حرمانه من مشاركة زملائه بالمدرسة السفر الى إحدى الدول العربية هو فقط انه فلسطيني؟!، وكيف لي أن اشرح له أن مشكلته هي بجنسيته وهويته الفلسطينية؟!، وكيف يمكن اقناعه بأنه ليس بمخطئ، أو متهم او مجرم او بمختلف وخارج عن القانون؟!.

هذا هو حال الطلاب الفلسطينيين، سارة علي عجاوي، سميحة محمد خزاعي، مايا شاهين، شهد احمد، مجد عرجاوي "الذين فازوا ضمن العشرة الأوائل في تحدي القراءة العربي على مستوى لبنان، الا انها حرموا من السفر الى دبي لحضور الحفل الختامي للتظاهرة العربية الكبيرة " تحدي القراءة العربي 2019" بدورته الرابعة.. والسبب أنه تم وضعهم في لائحة الغير لبنانيين. فتم استبعادهم وتحطيم حلمهم الذي توقف عند جدار الظلم والتمييز وحرموا من حقهم ،وذنبهم الوحيد انهم لاجئون فلسطينيون.  

وقبل هؤلاء الطلبة، عانى الطالب الفلسطيني محمود عثمان ذات المعاناة، حيث حرم من المشاركة في نهائيات البطولة العربية للروبوت الذي ينظمه مركز صباح الاحمد للموهبة والابداع في شهر كانون الثاني من العام الجاري بعدما رفضت دولة الكويت اعطائه ومنحه تأشيرة دخول بسبب وثيقة سفره الفلسطينية، الامر الذي دفع زملاءه وادارة مدرسته " المقاصد بمدينة صيدا " للتضامن معه والاعتذار عن المشاركة في البطولة.

وفي لبنان، حيث تمارس ايضاً الكثير من سياسات التمييز تجاه اللاجئ الفلسطيني في المدارس والجامعات، فنجد بعض المدارس الخاصة ترفض تسجيل الطلاب الفلسطينيين فيها، كما هو حال مدرسة عائشة ام المؤمنين التي رفضت بداية العام الحالي استقبال أي طالب فلسطيني، الى جانب ما يتعرض له العشرات من الطلاب الفلسطينيين الذين تقفل في وجوههم ابواب العديد من المدارس الرسمية، وينسحب هذا التمييز ايضا على الجامعة اللبنانية التي تحدد نسبة ضئيلة جدا لقبول الطلاب الفلسطينيين في الكليات التطبيقية العلمية  وخصوصا في كليات " الصحة ، الفنون الجميلة، السياحة والفنادق، الإعلام، الهندسة ... هذا الى جانب تعرض العديد من الطلبة الفلسطينيين المتميزين في الجامعة اللبنانية لحالات التمييز، حيث فاز العديد منهم بفرصة الحصول على منح دراسية مجانية في الدراسات العليا في بعض الدول العربية وتم استبعادهم وحرمانهم منها بسبب جنسيتهم الفلسطينية. 

هذه امثلة بسيطة عن حالة التمييز التي يعاني منها اللاجئ الفلسطيني في لبنان، وهناك الكثير من الحالات لشباب وطلاب تميزوا وابدعوا بميادين مختلفة خلال الاعوام الماضية، ولنا هنا أن نذكر الطالبة الفلسطينية اقبال الاسعد التي دخلت موسوعة غينيس مرتين، الاولى عندما سجلت كأصغر طالبة طب في العالم وهي بعمر 14 عاما، والثانية كانت بتخرجها كأصغر طبيبة في العالم وهي بعمر 20 عاما. والطالبة الفلسطينية رغد ابراهيم الخطيب التي فازت في العام 2018 ببطولة الحساب الذهني UCMAS بكوالالمبوز في ماليزيا، وحصلت على لقب الوصيف الاول في البطولة.  والشاب الفلسطيني محمد عوض الذي حصل على براءة اختراع لجهاز بمجال الاتصالات، من وزارة الاقتصاد والتجارة اللبنانية، حيث يقدم الجهاز خدمات سريعة في مجال اصدار شرائح الاتصالات وتعبئتها وتحويل واستلام الأموال داخل البلد، وايضا المهندس الفلسطيني عامر درويش ابن مخيم البداوي الذي استطاع أن يضع بصمته في عالم الاختراع والابداع من خلال جهازه الذكي المعد لقيادة المعدات والآليات الثقيلة والتحكم بها عن بعد عبر الهاتف، وقد حصل على براءة اختراع من وزارة الاقتصاد في لبنان الا أن حمله لوثيقة اللجوء وعدم تمكنه من السفر يحرمه من حقه في ترويج واستثمار اختراعه عالميا ، وكذلك الحال اللاجئ الفلسطيني في لبنان عامر حلاق، الذي ابتكر تطبيق أندرويد للتشفير فريدا من نوعه في العالم، تحت اسم private identity، أي " الهوية الخاصة، ويتميز التطبيق بأنه يقوم بحفظ الصور والنصوص بطريقة سرية يكاد يكون اختراقها من قبل " الهاكرز" مستحيلا".

هذه عينة بسيطة من ابداعات وابتكارات الشباب الفلسطيني في لبنان خلال الأعوام القليلة الماضية، والى جانبها العديد من الابداعات التي تشمل الجوانب العلمية والرياضية والثقافية التي لو قدر لها ان تلقى الرعاية والاحتضان والحماية لوصلت الى اعلى المراتب وتألقت في فضاء العالم الواسع.

وهنا يطرح السؤال، متى تصبح بيئتنا العربية حاضنة للتفوق والابداع الفلسطيني؟، متى يشعر الانسان واللاجئ الفلسطيني انه ليس مكبلاً ولا مقيداً بقوانين عنصرية وسياسات تمييزية تحرمه من ابسط حقوقه؟ حقه في الحياة الكريمة، حقه بأن يحلم ويحقق طموحاته ويخطط لمستقبل واعد يخرجه من حالة البؤس والحرمان التي يعيشها في لبنان، حقه بأن يرفع اسم فلسطين ويدافع عن وجوده في مواجهة محاولات الطمس والإلغاء لهويته وحقوقه الوطنية.

كنا نقرأ في الكتب والبيانات العربية، ان فلسطين هي قضية العرب الأولى، وأن للشعب الفلسطيني موقعاً خاصاً ومكانة عالية عند الشعوب العربية، انطلاقا من الوعي العربي لطبيعة الظلم الذي عاناه الشعب الفلسطيني بسبب النكبة والاحتلال الاسرائيلي لأرض فلسطين، لكننا نقول اليوم وبكل أسف، ان ما كنا نقرأه عن علاقة العرب بالقضية والشعب الفلسطيني يتناقض كلياً مع الممارسات اللاإنسانية التي يمارسها النظام الرسمي العربي بحق اللاجئ الفلسطيني الذي يتعرض لكل أشكال التمييز الغير مبرر في بعض الدول العربية، التي بات بعضها يفتح مطاراته للوفود والفرق الاسرائيلية ويغلقها بوجه الفلسطيني!!، ويسمح للمتسابقين الاسرائيليين بالمشاركة في المسابقات الرياضية والفنية!، ويصدر قرار المنع على اللاجئين الفلسطينيين.

رغم أننا على يقين أن الشعوب العربية وقواها الحية ما زالت بوصلتها فلسطين، وهي مطالبة اليوم بإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية لتكون، كما هي حقاً، قضية العرب المركزية، ولن يغير في هذه الحقيقة مساعي وجهود المتآمرين الذين يجهدون ليل نهار لفرض وقائع تتناقض مع حقائق التاريخ والجغرافيا بأن فلسطين هي ليست قضية الفلسطينيين فقط، بل قضية العرب، وقضية كل أحرار العالم.

وهنا يأتي دور ومسؤولية منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الجهة المسؤولة والمعنية عن متابعة اوضاع شعبنا الفلسطيني، وهي مطالبة اليوم بالتحرك سياسياً ودبلوماسياً مع كافة العواصم العربية التي ما زالت تغلق ابوابها أمام الفلسطينيين وخصوصاً اللاجئين منهم، الذي يحرمون من دخول العديد من هذه العواصم، ويمنعون من العمل فيها، ومن يعمل منهم يبقى سيف التهديد والاستغلال مسلطا فوق رقابه، في الوقت الذي تستقبل هذه الدول آلاف العمال الاجانب في شتى ميادين العمل بينما يديق الخناق على الفلسطيني.

لكننا وبرغم هذا الواقع المؤلم، نقول، أن هويتنا الفلسطينية تبقى هي جوهر وجودنا، ونبراس أحلامنا... والدافع لنا نحو الابداع والتميز، لنضيء شمعة في عتمة الظلام، نعبر بها نحو تحقيق احلامنا ، لنغرس بذور النصر والحرية لشعبنا.