غزة بالأمس اليوم وغدا؟! بقلم:د. رياض عبدالكريم عواد
تاريخ النشر : 2019-04-19
غزة بالأمس اليوم وغدا؟! بقلم:د. رياض عبدالكريم عواد


غزة بالأمس اليوم وغدا؟!

المتسولون في كل مكان... أطفال اولاد فتية وفتيات شباب كهول رجال ونساء، ملثمات وغير ملثمات، ختيارية، اصحاء ومرضى، معاقين وغير معاقين.....

المتسولون في الشوارع على النواصي في الأسواق أمام المول أمام السوبر ماركت امام البنوك على الصرافات، في المستشفيات يلفون على المرضى واهليهم، في الاسواق يلفون على البسطات، على الإشارات الضوئية عند مفترق الطرق يلاحقون السيارات...... المتسولون في كل مكان.. غزة كلها شحادين، اما متسولين من الحكومات والمؤسسات أو شحادين يدورون في الطرقات؟!

تخجل من نفسك وانت ترد هذا ولا تستجيب لهذا وتطنش هذا.....

تخجل من نفسك يوم القبضة وانت خارج من البنك أو واقف على الصراف، وقد دحش طفل أو شاب أو أكثر رأسه داخل الصراف، يبحلق بين يديك، يعد الورقات معك ورقة ورقة، يعرض عليك البسكويت او بيت هوية أو حتى دولارات ودنانير.... وانت تحاول أن تضبضب حالك وتفر خوفا أو خجلا وقهرا....

تخجل من نفسك أكثر وانت تحمل بين يديك ما اشتريته وترد هذا المتسول الذي يبحلق في أكياس النايلون التي تحملها.

وانت في السوق تخجل من الطفل صاحب الكروسة الذي استأجرته ليساعدك في نقل ما تشتري، هذه خضروات هذه لحوم هذه اسماك هذه فواكه هذا افوكادو هذه فراولة، الله أكبر..... يبحلق الطفل مشدوها، تنظر إليه تنبهه، لا تجد نفسك إلا متشقلبا على وجهك في وسط السوق، عين واصابتك، كما يقولون؟! الحمدلله فش كسور، قليل من الغبرة وبعوض الله على الشبشب....

اليوم سوق الأربعاء في خانيونس، امرأة أربعينية ممتلئة قليلا، بوجهها الابيض مع قليل من حمرة الخجل، تندفع نحو البياع "اعطينا حفنة دقة عشان افطر الاولاد، يجيب البائع فورا روحي من وجهي معنديش، من الصبح ما بعتش اشي"، لم تطلب لا زيت ولا زعتر، كما حدد الامير وسائل الصمود لأهل غزة؟!

تخجل من نفسك وانت لا تستجيب لطفل يشحد عن طريق بيع العلكة أو البسكويت على الركاب داخل السيارة وهي في الانتظار في الموقف أو على الإشارة الضوئية....

تخجل من نفسك وانت ترد عجوز تطرق الباب عدة مرات في الشهر الواحد ولا تستطيع أن تلبي حاجتها....

وتحزن على نفسك عندما تتقدم منك عجوز وانت تنتظر أمام الصالة يوم عرس بنتك "ساعدوني عشان اعبي نص جرة الغاز"، ليس غريبا في غزة أن يذهب الكثيرون لتعبئة غاز في الجرة ب 10 شيكل أو ما يقارب ذلك؟!

تخجل من نفسك وانت لا تستجيب لمناشدة يرسلها لك على الخاص او على المجموعات الخاصة من تعرفه أو لاتعرفه.....اجار البيت... رسوم الأولاد.... ثمن ادوية... كيس طحين.... حليب للاطفال..... أنقذوا اولادي انهم لايجدون الا الماء ليغمسوا فيه لقمتهم الناشفة...

على جوانب الطرق وقت الظهيرة يصطف اولاد المدارس بجانب الركاب، تتوقف السيارة....تهم بالركوب.... يلحقك طفل يحاول أن يدحش نفسه بجانبك "أمانة تركبني ياعم، معيش شيكل".

في الطريق قد يلاحقك طفل، لوحده أو مع أخته، يلح عليك مرة ومرة ومرة، اماني يا حج تعطيني شيكل....

على البسطة قد تواجه موقف من امرأة شابة أو ختيارة يجعلك تتصبب عرقا "أماني تعطيني كم حبة بندورة عشان اكمل الطبخة للأولاد"

في المدرسة 60% أو أكثر من الأطفال بلا مصروف جيب، بلا شيكل ولا نص شيكل، ومن بين من معهم مصروف قد تجد أخوة أثنين يشتركون في نصف شيكل، من الصعب تصديق هذا؟! بالأمس سلخت الولد قتلة بالبربيش على الصبح عشان بدوش يروح على المدرسة الا بشيكل، يقول احد الآباء الشباب، هل تصدق؟!

غزة تتسول.... غزة تشحد.... أنقذوا غزة..... حافظوا على ما تبقى من كرامة وحياء وماء في وجه اهل غزة.

أناشد الانروا أن تعيد الوجبة المدرسية وحليب الهول الحلو لأطفال غزة....

أناشد حكام غزة التفكير، ليس في توفير زيت وزعتر، كما نصحونا، بل في توفير باصات مجانا لطلاب المدارس البعيدة....

انظروا بعين الرأفة لغزة واهلها... نحن خزان الوطنية وحماة الوطن وحضن كل من يقاوم أو يساوم....

#غزة_مش_عبء
#مش_صباح_الخير