لماذا نقرأ؟ بقلم: عمر أبومان
تاريخ النشر : 2019-04-19
قد يبادر إلى تفكيرك عزيزي القارئ من العنوان " لماذا نقرأ " أنك قد تود أن تقرأ كتاب مدرسي أو صحيفة يومية أو ما شابه ، لكن ما أود قولهُ لك هو أن ليس هذا ما يُقصد منه ، لأن الكتب المدرسية قد تكون خالية من الجوهر مع أنها قدتكون جميلة في المظهر ، أما الصحيفة هي شيء عادي وبسيط لا يحوي شيئاً تطرح خبراً بصورة مباشرة ، السؤال الذي في الأعلى له علاقة بقراءة كتاب ، وليس كأي كتاب ، أنا أتحدث عن تلك الكتب ، التي تحوي مجموعة من الأفكار ، منها من ينسجها الكاتب في عقله ، ثم يرسمها في كتاباتهِ ، فتكون مقصودة الموضع والمكان والموقع والمغزى منها، ومنها من تكون غير مقصودة أو عفوية من الكاتب ، تنتج بصورة غير مباشرة من تزاحم الكلمات التي إلتقت معاً حتى تخلق هذه الأفكار في فقرة أو جملة معينة ، أو في قصة، رواية إن وجدت هذه الأفكار ، وأخيراً ينتج لدينا الأفكار التي يحصدها القارئ وفق ما يرى مما يقرأه فإما مقصودة أو غير مقصودة ، فهنالك قارئ قد يحصد من كتاب عشرة أفكار وهنالك من يحصد الضعف ، وهنالك من يحصد كل الافكار ، وهنالك لا يحصد شيئاً ، كلها تعتمد على وجهة نظر ونوع تفكيرالقارئ ، وكلما كان تفكيره عالي وعلى مستوى ضخم كلما حصد أفكاراً أكثر بغض النظر عن فيما هو يختص ومن أي جهة نظر في الكتاب و يغوص فيه باحثاً عن تلك الأفكار ، ولا عجب أن هنالك كتب وُضعت لمغزى واحد، قد يكون واحد ولكنهُ أساسي ورئيس وذو قيمة ، وغالباً ما قد يكون خطراً على بعض العقول وخاصة المبتدئة والصغيرة أو المحارب الجديد في ميدان القراءة والفلسفة والنقاش الحضاري ، وتكمن أهمية قراءة الكتب أو التي أسميها " جمع الأفكار" هي أن القراءة تبقى هي سقاية للروح والجسد والقلب والبال والعقل ، وتجعلهُ يصل إلى أعلى درجات الرقي والتحضر وجعلهِ مخلوقاً ذو عقل منفتح ، يناقش ويسأل ويفكر ويجيب عن أسئلة ومثل هذه الأمور ، ولا ننسى أن الكتب تجعل الإنسان شخص يحمي نفسه من غسيل العقول أو إستغلالهِ سواء باسم الدين أو باسم الدولة أو باسم مؤسسة أو شركة ، بغض النظر لمَ يفعل هذا الفعل باسم تلك الأمور ، فعندما يكون الإنسان يُطلق عليه صفة ( قارئ ) فهو بذلك يحصن نفسه من أشياء قد تكون خطرة عليه ، ويعتمد ذلك على نوع الكتاب الذي ينتقيه ، فالقارئ المبتدئ لا يقرأ في أولى بدايته كالقارئ المتقدم أو صاحب خبرة عالية في مجال القراءة ، ويُفضل على القارئ أن يكون عنصر (تنوع الكتب) حاضراً عنده ، بين كتب فلسفية عن الحياة والكون وقواعده والتعرف على الذات والغوص فيها تجعلهُ يتعرف على هذا الكون الفسيح ، الكواكب والنجوم ، محور الكون ، قواعدالحياة الراسخة ، و بين كتب ذات قيمة سياسية تجعلهُ يميز بين الخطأ والصواب حتى لا يقع في حفرة الخداع ، ويمكنه إقتناء من الروايات ما يناسبه حسب تقدمهِ في مجال القراءة ، وهنالك الكثير من الروايات التي تحمل الكثير من العبر والحكم للفرد ،وقد تمثل مشهد حقيقي مقتبس من حدث معين أو واقع أو ظاهرة إجتماعية ، وقد يكون سبب إيجاد الكاتب لرواية معينة هي توصيل فكرة للقارئ عن شيء معين قد يُحدد نوعها من ناحية سياسية أو إجتماعية يجعل القارئ في موضع إستفهام وعلامة سؤال في عقل الحاصد. أما بالنسبة لسرعة إنهاء الكتاب فليس بالضرورة أنه يكون القارئ سريعاً ، فأنه وفقاً لدراسات أجريت ، أنه عندما يتم تخصيص ربع ساعة فقط أو أكثر من وقته في قراءة كتاب معين بشكل يومي فأنه مع مرور الوقت على هذا الفعل ، سيصبح من النخبة القراءفي العالم ، و يمكن للقارئ قراءة أكثر من كتاب في الوقت نفسه وهذه إحدى الطرق حتى يصبح قارئ متقدم ، ولا ننسى أنه ليس في كل كتاب يتوجب على القارئ أن يقرأ من الغلاف إلى الغلاف ، يستطيع إختصار بعض الأشياء كالمقدمة مثلاً ، في نهاية هذا كلهُ ، لا نطلب من الفرد إلا فقط أن يستمر في القراءة ، ركضاً ، مشياً ، زحفاً ، أي شيء المهم هو التقدم وليست السرعة ، نحو مستقبل أفضل وصنع إنسان بالغ عقلياً وناضج فكرياً وقوي ذهنياً.
بقلم : عمر أبومان
كُتبت بتاريخ : 7/4/2019م