الياسمين التونسي يتفتح في السودان هذه المرة بقلم:لارا أحمد
تاريخ النشر : 2019-04-18
يبدو أن عبق ثورة الياسمين التي فجرها الشعب التونسي شتاء 2011 لم ينفذ إلى الآن فبعد مصر و ليبيا و سوريا و اليمن و الجزائر جاء الدور على الشعب السوداني المتعطش للحرية منذ أكثر من ثلاثين سنة ليعلنها مدوية لا تراجع فيها "يسقط نظام البشير".
الاحتجاجات الواسعة التي شملت اغلب مناطق السودان كانت كفيلة في غضون أيام معدودات من إسقاط نظام عمر البشير الذي توهم أنه قادر على إخماد لهيب هذه التحركات باستعمال الأساليب القديمة المعهودة من خلال محاولة احتوائها تارة و شيطنتها تارة أخرى.
على غرار بن علي، فعبارة " فهمتكم ...ايه نعم فهمتكم " على لسان الرئيس السوداني لم تكن كفيلة لإيقاف الحشود السودانية الشابة التي تحدت التعامل الأمني العنيف و ظلت صامدة حتى آخر رمق مُطالبة بحقوقها المشروعة في العيش الكريم داخل بلد يعاني وضعاً اقتصادياً متردياً رغم ثراء موارده.
مع استمرار أعمال العنف وسقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف المحتجين رد القيادة العسكرية جاء سريعاً إذ أعلن وزير الدفاع عوض بن عوف في بيان على التليفزيون السوداني الرسمي، اعتقال البشير وتشكيل مجلس عسكري لقيادة الدولة مُدة عامين، إضافة لتعطيل الدستور وفرض حالة الطوارئ لثلاثة أشهر.
تدخل الجيش لم يكن كافيا لتهدئة الأوضاع إذ استمرت الاحتجاجات لتطيح بدورها بوزير الدفاع فالشباب السوداني كما يرى كثير من المحليين السياسيين قد استوعب الدرس و لا يرغب في نظام حكم عسكري مرة أخرى و إن اختلفت الأسماء و المُسميات.
هذه التحركات لم تعري فقط زيف الأنظمة الطائفية وعجز مُنظريها على فهم الواقع بل سلطت الضوء على جوانب أخرى يجهلها الكثير عن المجتمع السوداني من بينها الدور المحوري التي تلعبه المرأة السودانية في هذا المجتمع فرغم محاولات الاستضعاف التهميش التي عانتها المرأة السودانية طيلة عهد عمر البشير إلا أنها كانت حاضرة في الخطوط الأمامية يداً بيد مع أخيها الرجل في وجه الظلم والفساد.
الربيع السوداني و إن لم تتحدد ملامحه بعد فإنه مبشر بمستقبل أفضل لبلد عانى كثيراً من الحروب الأهلية والصراعات الطائفية خاصة وأن هذه التحركات يطغى عليها العنصر الشبابي الذي لا يهتم للأيديولوجيات و العنتريات الجوفاء إنما يحلم بسودان حر ديمقراطي يضمن العيش الكريم لكل أبناءه.