جيرار المش
المش الصعيدي له نكه ومذاق خاص ولا يخلو بيت من بيوت الصعيد إلا وفيه جرة أو جرتين من المش القديم والمش يصنع بدقة وهو عبارة عن قطع من جبن من لبن الجاموس ينشف الجبن ويوضع في جرة ويوضع عليه لبن ورايب يعني زبادي ويضاف له حلبة حصى ناشفة وكمون وشطه مصحونة وتغلق الجرة بإحكام لا تفتح ألا بعد ثلاث سنوات وعندما تفتح لها رائحة تسري وتعم المكان .
المش مثل السلطة لابد أن يوضع على السفرة وعند حضور الطعام حتى ولو كان الطعام لحماً لا تخلو طبلية من طبق المش لفتح الشهية وتغير طعم الطعام.
وجرة المش تسمى بلاصاً والصغيرة تسمى منّشلاً والمش له مكانة في البيوت البيت الذي يخلو منه المش يكون بيتاً ليس بعامر ولا زاد فيه يقال المش طعام السريع أو طعام الجوعان.
وعندما يخرج المزارع لزرعه في الصباح الباكر لا يأخذ إلا المش أي الجبنة القديمة وبصلة ورغيف وذلك كان من أفضل الأطعمة في ذلك الوقت.
وكانت خالتي حميده من الماهرات في صناعة المش وفي أعلى بيتها ثلاث من جيرار المش ولابد أن توضع جيرار المش أعلى البيت حتى تكون معرضة لحرارة الشمس القوية حتى تقتل الشمس الدود بداخل الجرة.
في يوم من ذات الأيام أبو عمره يقطع جريد النخل اللي بجوار بيت خالتي حميده لأنه يأخذ البلح ويذهب به إلي السوق ليبيعه في سوق التلات بفرشوط.
فوقعت منه جريدة بدون قصد على جيرار مش خالتي حميده فنفجرت الجرة وأخرجت رائحة فعرفت خالتي حميدة فأخذت تصرخ بأعلى صوتها حتى تجمع الناس.
مالك ياخاله؟
قالت: ابو عمره كسر ليا جيرار المش وأخذت تندب وتقول أجيب منين دلوك وأكل إيه.
الجيرار دي مخليها لأبني رضوان لما يجي من ليبيا وأخذت تبكي بحرقة.
فحكم الناس على أبو عمره أن يتغرم بالمال ويعطي خالتي حميده ربع جنية 25 عشرين قرشاً عوضاً عن جرة المش التي كسرت فرضيت خالتي حميده وهدأت .
عندما أسافر للصعيد أبحث عن المش كأني أطلب شيئاً ممنوعاً أو محرماً لعدم وجوده في البيوت لا أحد يعرف يصنعه الآن وكان قديماً من أهم الأطعمة.
يقال أن المش من الأطعمة الفرعونية القديمة مثل الملوحة والعيش الشمسيّ.

بقلم سيد عبيد