يصنعون النصر بقلم:خالد صادق
تاريخ النشر : 2019-04-17
يصنعون النصر  بقلم:خالد صادق


يـصـنـعـون الـنـصـر
خالد صادق
اعتاد أسرانا البواسل في سجون الاحتلال الصهيوني صناعة النصر وتحقيق الانجازات رغم أنهم يعانون الأسر والعزلة والقمع الشديد, إنهم يمتلكون الإرادة التي لا تعرف الهزيمة ولا تجيد إلا الانتصار, فما من معركة خاضها أسرانا على مدار سنوات اعتقالهم في سجون الاحتلال الصهيوني, إلا وحققوا فيها انجازات لصالحهم, رغم قسوة السجان وتعامله معهم بمنطق لا إنساني وتغوله عليهم إلى حد كبير, لكن الأسرى سلكوا طريقا واحدا لا بديل عنه, هو طريق النصر حتى قبل ان يقعوا في الأسر, وهذا الطريق لا يمكنهم ان يحيدوا عنه أبدا مهما كان حجم التضحيات, ومهما حاول الاحتلال ببطشه وقمعه وتنكيله, فإرادة النصر ولدت بداخلهم وهي تجري في أجسادهم مجرى الدماء في العروق, لذلك لا غرابة ان يصنعوا النصر تلو النصر, وينتزعوا حقوقهم من بين أنياب الاحتلال, فمن غيرهم يعرف كيف يحاور هذا العدو باللغة التي يفهما وينتزع منه الانتصارات.

لقد حاول الاحتلال بشتى الطرق الالتفاف على حقوق الأسرى, وانتزاع انجازاتهم التي تحققت بالتضحيات, لكنهم فشلوا في ذلك, قاموا بالتنكيل بالأسرى والاعتداء عليهم واستدعاء ما تسمى بوحدة «المتسادا» لقمعهم, ورغم انه أصيب أكثر من تسعين أسيرا منهم بجراح مختلفة على يد هذه الوحدات القمعية, إلا أنهم أصروا على مطالبهم, واستأنفوا معركتهم بأمعائهم الخاوية وجوعهم وعطشهم, فكان لهم ما أرادوا, وانصاع الاحتلال الصهيوني صاغراً لمطالبهم واستجاب لرغباتهم وتحققت مطالب الأسرى التي أصروا عليها وقاتلوا من اجلها, وهذا الانجاز لم يأتِ اعتباطا, إنما ساعد على تحقيقه عدة أمور نلخصها في التالي.

أولا: ان مصلحة السجون لمست حالة إصرار كاملة عند الأسرى بضرورة إزالة أجهزة التشويش التي تم زرعها فوق الأقسام, وان مطالب الأسرى جادة جدا ولا يمكن المساومة عليها, وأنهم لن يتوقفوا عن إضرابهم مهما كان حجم القمع حتى يحققوا مطالبهم, وهذا جاء بفعل وحدة الموقف الفلسطيني داخل السجون والإصرار على تحقيق هذه المطالب بتفعيل إجراءات الضغط على الاحتلال تدريجيا, وصولا إلى إضراب شامل في كل سجون الاحتلال, وهذا ما كانت تخشاه مصلحة السجون الصهيونية, وتسعى للحل قبل تفاقم الأمور .

ثانيا: إصرار فصائل المقاومة الفلسطينية على دمج موضوع إضراب الأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني ضمن شروط التهدئة وإبلاغهم للوفد المصري برغبتهم هذه, وتهديد الفصائل الفلسطينية بأنها سترد على أي انتهاك صهيوني بحق الأسرى في سجون الاحتلال بتصعيد عسكري كبير, ولن تقف مكتوفة الأيدي أمام ممارسات الاحتلال بحق الأسرى, وانه يجب الاستجابة لمطالبهم فورا وإلا فإن عواقب ذلك ستكون وخيمة.

ثالثا: التهديدات التي وجهتها كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس لحكومة الاحتلال بأنها ستعامل الجنود الصهاينة المحتجزين لديها بمثل ما تعامل مصلحة السجون الصهيونية الأسرى الفلسطينيين, مما شكل حالة ضغط نفسي لدى اسر الجنود الصهاينة, الذين مارسوا ضغوطا بشكل أو بآخر على حكومتهم لإيجاد حل سريع لمشكلة الأسرى, خاصة بعد إعطاء أوامر من القسام بمعاملة جنود الاحتلال بالمثل.

رابعا: تحرك الشارع الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة لمؤازرة الأسرى المضربين عن الطعام, والخروج بمسيرات واعتصامات في الشوارع, والاستعداد لتفجير انتفاضة الأسرى في الشارع الفلسطيني, وقد ظهرت حالة إجماع فلسطيني واضحة أمام الاحتلال على تحرك الشارع الفلسطيني في كل مكان لنصرة الأسرى ومساندتهم في مطالبهم, وهو ما جعل الاحتلال يخشى من انتفاضة شعبية كبيرة في وجهه.

الأسرى قدموا رسالة وحدة لشعبهم, فعندما يتوحد الموقف والهدف يتحقق الانتصار, إنهم نموذج يجب ان يحتذي به, وهم قدوة لشعبهم, وربما تكون معركتهم هذه مثالا أمام الجميع في كيفية تحقيق النصر وانتزاع الحقوق من العدو المجرد, ليس الحوار وحده هو الذي يحقق النصر, فالحق إن لم تكن هناك قوة تحمية فانه سيبقى وتدافع عنه فلن يثبت ولن يستقيم, والأسرى جردوا من كل عوامل القوة المادية بأيديهم, فاعتمدوا على قوة إرادتهم وعزيمتهم, وخاضوا معركتهم ضد الاحتلال بأمعائهم الخاوية وبجوعهم وعطشهم, من اجل ذلك كتب الله لهم النصر على عدوهم, وحققوا انجازات غير مسبوقة لصالحهم ولمن يأتي بعدهم عنوانها النصر.