الوطن لا يبنى وينهض بالتهليل والتصفيق للمسؤولين، بل الوطن بحاجة للعمل والاخلاص
تاريخ النشر : 2019-04-15
بقلم المحامي اياد نجاح الدبواني
الوطن لا يبنى وينهض بالتهليل والتصفيق للمسؤولين، بل الوطن بحاجة للعمل والاخلاص.

المسؤولية ليست بالامر البسيط، وكلما ارتفع منصب الشخص كلما زادت الانظار حوله، والمسؤولية امانة وتكليف، والمسؤول يجب ان يتمتع بافضل الصفات وان يعي ان هذا المنصب انما لخدمة الوطن والمواطن، وان يكون اول من يخضع للقانون ويحترمه، وان لا يكون المنصب لجلب المنافع والمكاسب، وتعين الاقارب او من لا يستحقون، فبذلك يكون قد خان الامانة ولم يكمل الرسالة على الوجه الصحيح.
من الملفت للنظر ان التهليل والمجاملة الزائدة للمسؤولين منتشرة في البلدان العربية، وفي فلسطين بالذات، فعند استلام شخص منصب رفيع تبدا التهاني والمباركات ويصبح الكثير اصدقائه واحبائه، ونحن لسا ضد ذلك فالمجاملات والتهاني امر متداول بين الناس، والمسؤولين لديهم اقاربهم واصدقائهم ومحبيهم ومن الطبيعي تبادل التهاني، ولكن هناك مبالغة بالامور، فترى الوفود تتزاحم من اجل تقديم التبريكات، وترى الاعلانات في الجرائد الرسمية والدروع وباقات الورود وغيرها، والسؤال اليس من الاولى ان يتم التبرع بهذه الاموال فهناك الكثير من المحتاجين، وهنا اذكر ما دعى اليه الدكتور محمد شتيه بوقف مصاريف التهاني والتبريكات له والتبرع بها.
والغريب والملاحظ ايضا ان بعض المسؤولين وهو في موقع المسؤولية اذا اصدر قرارات غير موفقة او قانونية لا تجد الا قلة قليلة من يقف وينتقد، في حين عند انتهاء ولايته يكثر الانتقاد وينتشر، وهذا دليل ومؤشر خطير على ثقافة الخوف او ربما المجاملة التي تصل الى مرحلة التصفيق والتهليل للمسؤول اثناء تولي منصبه، في حين تنتهي بانتهاء ولايته، ولا اريد ان اتطرق في هذا المقال عن الاسباب التي تحول دون الانتقاد اثناء تولي المنصب فخير من اشار الى ذلك مقال لسعادة القاضي الدكتور احمد الاشقر بعنوان" حتى لا تتم مأسسة انتهاكات حقوق الانسان، اي مساءلة نريد" .
ولو نظرنا الا اغلب الدول المتقدمة والمتحضرة لراينا ان المسؤول هو شخص عادي والناس يتعاملون معه كاي شخص مثلهم، ولا يتهافتون عليه للتصوير والتهليل، ويكون هدفه الوحيد هو تحسين وضع الوطن والمواطن، ولا يكون هدف الناس الوصول اليه وبناء علاقات معه بل همهم ماذا سيقدم لهم وكيف سيخدم الدولة، واذا ما ارتكب اي خطا يحاسب فورا، فكم من الامثلة والقضايا التي حصلت في الكثير من الدول المتحضرة اودت بحبس مسؤولين كبار بالدولة نتيجة قضايا فساد صغيرة، وكم تم اقالة مسؤولين من مناصبهم نتيجة هدر المال العام او تعطيل مصالح المواطن، نماذج كثيرة حصلت وتحصل، وتبقى هذه الدول متطورة ومتحضرة والسبب الرئيسي ان المواطن اهم اولويات المسؤول والدولة، ولا يوجد واقع تقديس المسؤول.
فالعلاقة بين المسؤول والمواطن يجب ان تكون علاقة مبنية على الثقة والتواصل، فالمواطن يريد ان يحظى بحرياته وحقوقه، وان يقدم له افضل الخدمات، والمسؤول يجب ان يحافظ على منصبه وان يعمل بجهد واخلاص، وان يكون قريب من المواطن، ولا يكفي فقط الشعارات والتصريحات خلف الشاشات والجلوس خلف المكاتب الفارهة ومواكب السيارات المظللة، وانما الانخراط بالواقع والميدان وتلبية احتياجات المواطنين، والاهتمام بهمومهم واوضاعهم.

واخيرا فان الدول تبنى وتنهض من خلال العلاقة الايجابية ما بين الدولة والمواطن، ولابد من اعادة تفعيل القاعدة الدستورية " الشعب مصدر السلطات" وخاصة في ظل عدم وجود سلطة تشريعية تساءل وتحاسب الحكومة والسلطة التنفيذية، وحتى لا نظلم انفسنا ونبني وطنننا يجب علينا ان نكون نحن من يراقب اعمال المسؤولين ونحاسبهم في حال ارتكاب الاخطاء او هدر المال العام، فالانتقاد البناء اثناء تولي المناصب خيرا من التهليل والتصفيق على الخطأ.

المحامي / اياد نجاح الدبواني.