السيكودراما فنية نفسية (العلاج بالفن) بقلم عبدالكريم عادل
تاريخ النشر : 2019-04-15
السيكودراما فنية نفسية (العلاج بالفن) بقلم عبدالكريم عادل


 بقلم الاخصائي النفسي عبدالكريم عادل
إذا كانت بعض الأمم والشعوب قد تعرّضت أثناء الكوارث والحروب والثورات لمواقف وأحداث صادمة وضاغطة ومؤلمة أدّت إلى إصابة العديد من أبنائها بالأمراض الجسمية والنفسية، فإن فلسطين عموماً وقطاع غزة خصوصاً يتميز بخصوصية في هذا المجال، حيث إن ما يتعرّض له شعبنا من أحداث وخبرات ومواقف صادمة متمثّلة بقصف البيوت والمدارس والأماكن العامة والخاصّة، وإطلاق الرصاص والقذائف على التجمعات دون تمييز والإصابات وحالات الإعاقة، ورؤية المشاهد المرعبة ، فإن ذلك كله يعد من مصادر وأسباب حدوث الصدمات النفسية والاضطرابات السلوكية والانفعالية والعقلية..
وهذا كله يعزز الفجوة ما بين متطلبات البيئة والمتطلبات الذاتية للفرد ويؤثر على حالة التوافق والانسجام و يتطلب استخدام التقنيات والفنيات الازمة من قبل المختصين النفسيين في العلاج مع الحالات من خلال برامج ارشادية متخصصة قائمة على "العلاج بالموسيقى وتمارين الاسترخاء والتداعي الحر و فنيات السيكو دراما" .
ترجع اصول استخدام السيكو دراما الى ما يقرب من ثمانين عاماً مضت ، أي منذ عام ( 1911) في فينا على يد" ج .ل.مورينو " فقد اكتشف مورينو أنه عند السماح للأطفال بالتعبير التلقائي عن مشكلاتهم ، فانهم يحققون نتائج علاجية لا بأس بها . ( سليمان ،1994،396)
يعرف (كمال الدين حسين ) السيكو دراما بانها "أسلوب جماعي يعتمد على وجود الفرد داخل الجماعة ، وتعمل هذه الجماعة على تهيئة الفرصة له ،للتعبير التلقائي عن مشاكله النفسية ،ويتخذ هذا التعبير اشكالاً ذات طبيعة درامية متعددة في التعبير اللفظي والأدائي بالحركة والفعل ،ومن خلال التعبير الحر التلقائي لافراد الجماعة ، كل حسب الدور الذي ارتضاه من أدوار الموقف.
ويرى الباحث أن السيكو درما والتمارين العلاجية التي لها أثر وفعالية في مساعدة الطفل على تخيل الحدث الصادم الذي أصبح خبرة صادمة ،وتتطلب السيكو درما من الطفل المساعدة في تمثيل واخراج الحدث مرة اخرى ليراه أمام عيناه في اجواء نفسية أمنة تسهل عملية وصول الفرد الى الشعور بالارتياح وتقبل الحياة بشكلها الجديد وهذا من شأنه ان يخفف من حدة الصدمة لدى الاطفال المصدومين.
إن تعرض الإنسان لخطر مفاجئ أو رؤية مشهد مفزع أو سماع خبر مفجع، يتسبّب في حدوث صدمة نفسية للمتلقي، والصدمة تستخدم عادة للتعبير عن التأثر النفسي الشديد، وتعرف هذه الحالة بـِ ( بأنها حالة من الضغط النفسي تتجاوز قدرة الفرد على التحمل والعودة إلى حالة التوازن الدائم بعدها، وهذا الحادث الصادم يهاجم الفرد ويخترق الجهاز الدفاعي لديه مع إمكانية تمزيق حياته بشدة، وقد ينتج عن هذا الحادث تغيرات في الشخصية، أو مرض عضوي، إذا لم يتم التحكم فيه بسرعة وفاعلية حيث تؤدي الصدمة إلى نشأة الخوف العميق والعجز أو الرعب وبالأكثر خصوصية مع حالات التي تعرضت لحوادث سير أدت الى وجود اعاقة لديهم .
تعتبر حالات الشلل النصفي من فئات الاشخاص ذوى الاعاقة الأكثر خصوصية و التي تتطلب الرعاية الصحية والنفسية والتعليمية و توفير الادوات المساعدة للتنقل والحركة و يعرف الشلل النصفي بأنه" خلل دماغي بسبب مخلفات سكتة دماغية ناتجة عن مشكل في الأوعية الدموية للدماغ. أو هو عبارة عن فقدان جزء من المجال البصري أو فقدان الإحساس والقدرة على الحركة في أحد نصفي الجسم، أو عبارة عن اضطراب عقلي أو سلوكي أو فقدان للوعي" .
و ان هذه الفئة تعاني من مشكلات واضطرابات تتمثل في التوافق مع البيئة وعدم القدرة على تقبل الحدث الصادم من الناحية النفسية ولما لها من خصوصية في تقديم الخدمة النفسية من قبل الاخصائيين النفسيين فان التعامل مع هذه الفئة يتطلب الصفات الشخصية والمهارات الكافية لدى الاخصائي ليتمكن جيداً من أداء الخدمات النفسية بشكلها الناجح والمؤثر ، و يفضل اختيار فنيات السيكو درما لانها اسلوب درامي يمكن الحالات من تداعي الحدث و الحديث عنه والتعبير عنه و اعادة تمثيله ورسمه مما يخفف من ازمة الصدمة لديهم و لأنها تعتبر من الفنيات الهامة في معالجة المشكلات السلوكية الحادة والتي تستدعي تدخلات نفسية من الدرجة الاولى.