مجلس الشوري : التعديل الدستوري اعاده للحياة مرة أخري بقلم:د. هند خيري
تاريخ النشر : 2019-04-15
مجلس الشوري : التعديل الدستوري اعاده للحياة مرة أخري (¨ )

انتهت  رسالة ماجستير فى العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية تحت عنوان  الدور البرلماني لمجلس الشوري المصري عام 2011، إلى التوصية بأهمية وجود مجلس الشوري فى الحياة البرلمانية، إلا أنه اثناء هذه الفترة تعالت صيحات كثير من الفقهاء الدستوريين والسياسيين بإلغاءه ، لاعتقادهم بعدم جدواه وتوفيراً من موازنة الدولة، مبررين وجهة نظرهم بأن مجلس الشورى استشاري محض مهمته الدراسة والاقتراح وإبداء الرأي في الموضوعات الداخلة في نطاق اختصاصاته ولا يملك سلطة التقرير في الشئون التشريعية، وأن الدافع لإنشاء مجلس الشورى إيجاد هيئة مالكة للصحافة القومية، وهو بناء على ذلك ليس مجلساً تشريعياً ثانياً. وبالفعل تم الغاءه بناء على  قرار لجنة الخمسين أثناء وضع دستور 2014، وتم  دمج أعضاء مجلسى الشعب والشورى تحت مسمى مجلس النواب.

ومع تجربة الغرفة التشريعية الواحدة،  ومرور ثلاثة أدور للانعقاد لمجلس النواب، تعالت  الشكاوى المستمرة دائما من تأخر تشريعات وقوانين مهمة يحتاجها المواطن فى أسرع وقت لمزيد من التنمية والبناء ، أظهرت التجربة  خطأ  قرار لجنة الخمسين ، فغالبية دول العالم تتألف من غرفتين تشريعيتن  ذات اختصاصات مكملة لبعضهم البعض ،  من أجل ضمان أن تكون القوانين تم دراستها تفصيلا وبدقة وبتأنى.

وأصبح الحديث عن الغرفة الثانية التشريعية فى مصر أمر حتمي وهام من جديد، ونادي غالبية أعضاء مجلس النواب إلى أهمية ادخال تعديل على دستور البلاد من أجل أن يكون مجلس الشوري الغرفة الثانية المعاونة لمجلس النواب  تحت مسمي مجلس الشيوخ وتساعد مجلس النواب فى دراسة وصياغة القوانين المكملة للدستور والاتفاقيات الدولية والقرارات الجمهورية،  وذلك  من أجل إقرار أكبر عدد من القوانين المكملة للدستور والتشريعات اللازمة لاستكمال التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة ، حيث سيكون هناك اختصار لنصف الوقت الذى تستغرقه عملية إعداد وإقرار التشريعات المصرية، ما يُسهم بشكل عام فى إصلاح المنظومة التشريعية كلها.

مجلس الشوري تاريخيا

فى ظل الدساتير المصرية المتعاقبة عقب ثورة 1952 كان مجلس واحد وهو مجلس الأمة ثم مجلس الشعب، ثم أُدخلت تعديلات على دستور 1971 عام 1980 وأنشئ بموجبها مجلس الشورى وكان اختصاصه استشارى فقط يمكن الأخذ به أو تنحيته جانبا، إلى أن جاء تعديلات الدستور فى 2007 حيث أصبح لمجلس الشوري دور ملزم ووجوبي للموافقة على المشروعات القوانين المكملة للدستور أى كان لا يمكن أصدار مشروع قانون مكمل للدستور بدون موافقة مجلس الشوري ، ثم مع ثورة يناير 2011 وتعطيل الحياة البرلمانية ودخول مصر فى المرحلة الانتقالية وبناءها من جديد تم الغاءه لمدة  تقترب من السبع سنوات .

ومع نهاية 2018/ بداية 2019 توافقت آراء أعضاء مجلس النواب حول أن عودة مجلس الشوري من جديد لن يحمل الدولة أية أعباء مالية بالموازنة العامة للدولة، بالاضافة إلى أن أعضاء مجلس النواب سيكونوا من ذوى الخبرات التى لا تكون قادرة على خوض الانتخابات مثل أعضاء مجلس النواب ومن ثم سيكون مجلس الشوري/الشيوخ بمثابة مجلس الخبرات والمؤهلات التى يحتاجها مجلس النواب فى الانتهاء من دراسة وصياغة مشروعات القوانين وتخفف من الأعباء الملقاه على المجلس وانجاز أكبر كم من التشريعات اللازمة لصالحة المجتمع.

الدور بعد التعديل

يختص مجلس الشيوخ بدراسة واقتراح ما يراه كفيلا بالحفاظ على مبادئ ثورتي 25 يناير- و30 يونيو، ودعم الوحدة الوطنية، والسلام الاجتماعي، والمقومات الأساسية للمجتمع وقيمه العليا والحقوق والحريات والواجبات العامة وتعميق النظام الديمقراطي وتوسيع مجالاته.

كما يؤخذ رأي مجلس الشيوخ في الاقتراحات الخاصة بتعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور، ومشروعات القوانين المكملة للدستور، ومشروع الخطة العامة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، ومعاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التي تتعلق بحقوق السيادة، ومشروعات القوانين التي يحيلها إليه رئيس الجمهورية، وما يحيله رئيس الجمهورية إلى المجلس من موضوعات تتصل بالسياسة العامة للدولة أو بسياستها في الشؤون العربية أو الخارجية.​

ويشكل مجلس الشيوخ من عدد من الأعضاء يحدده القانون على ألا يقل عن 250 عضوًا وتكون مدة المجلس خمس سنوات. وينتخب ثلثا أعضاء المجلس بالاقتراع العام السري المباشر، ويعين رئيس الجمهورية الثلث الباقي، وتجرى الانتخابات طبقا لما ينظمه القانون. ولا يجوز الجمع بين عضويتي مجلس النواب ومجلس الشيوخ

 رئيس الوزراء ونوابه والوزراء وغيرهم من أعضاء الحكومة غير مسئولين أمام مجلس الشيوخ.

الكادر الاداري للمجلس

لن يتم تعيين موظفين جدد بعد عودة مجلس الشوري من جديد ، حيث أن موظفي مجلس الشوري تم ضمهم مع موظفي مجلس النواب ومن ثم  ،ما سيحدث هو فصل الدمج واعادة ذلك الكادر والموظفين الاداريين إلى مكاتبهم السابقة ولن يكون هناك أى تكلفة مالية بعد فصل الدمج ، فى ظل سياسة الدولة لهيكلة الوظائف داخلها وحوكمتها وترشيد عملية الإنفاق.

 على الرغم أن التعديل لا ينص صراحة على الزام الأخذ  بموافقة المجلس  على بعض القوانين واكتفى فقط بالاشارة إلى أخذ الرأى أو الدراسة أو الاقتراح وذلك لا يعني بوجوبية  موافقة مجلس الشيوخ مثلما حدث بعد 2007 نص التعديل حينذاك  صراحة على (تجب موافقة مجلس الشوري على ما يلي: الاقتراحات الخاصة بتعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور مشروعات القوانين المكملة للدستور والتي تتعلق بتنظيم وتحديد عدد من الأمور )  ،  وبالتالي قد يكون هدف التعديل  فقط هو التخفيف من الأعباء التشريعية  فى أمور الصياغة أو حتى الدراسة ولكن فى النهاية الرأى الواحد هو لمجلس النواب ويعود ممن جديد مجلس الشيوخ كما كان دور استشاري  غير ملزم.

وارى فى الختام ، أن عودة مجلس الشوري من جديد_ مجلس الشيوخ _ بمثابة انتصار  للحياة البرلمانية فى مصر  حيث سيكون هناك سهولة أكثر فى عملية التشريع وفى المقابل سيتفرغ البعض فى مجلس النواب  لممارسة الدور الثاني لمجلس النواب وهو الدور الرقابي  على  الوزراء خاصة فى ظل أدوات الرقابة البرلمانية  العديدة التى يقدمها النواب مثل طلبات الإحاطة والبيانات العاجلة وغيرها، وإن كنت آمل بأن يكون هناك تعديل آخر فى المرحلة المقبلة لتوصيع صلاحياته التشريعية
-----------------
(¨ ) د. هند خيري .
 دكتوارة فى العلوم السياسية. كاتبة مصرية.