انتهى هذا الشوط - ميسون كحيل
تاريخ النشر : 2019-04-15
انتهى هذا الشوط - ميسون كحيل


انتهى هذا الشوط

مرت وتمر علينا أياماً عصيبة في قطاع غزة؛ ولا يعلم مدى قسوتها إلا من عاش في زنزانة يعقد صداقة مع نملة في ظل العتمة، وأيضاً ذاك الشاب الذي يسب ويلعن ليل نهار من كان السبب في خروجه من غزة لتركيا طلباً للرزق والحياة، ويدعو بالهلاك على من حرم والدته من أن تراه عريساً، وأن يبدأ حياته كما يفعل كل شباب الدنيا!!. تلك الأيام التي تركت جرحاً غائراً في نفوسنا وبالرغم من توالي الأحداث من تصعيد عسكري محسوب المخاطر، إلى تشكيل الحكومة الثامنة عشر؛ مروراً بالانتخابات الإسرائيلية وانطلاق أول مركبة صهيونية إلى القمر؛ وحتى اعادة الروس والسوريين لجثمان جندي صهيوني محتجز منذ عقود!! كل هذه الأحداث وغيرها لم تستطع محو أو محاولة ازاحة تلك الأيام السوداء.

ومع تقلب الطقس الجوي والسياسي والاجتماعي عادت بي الذاكرة الى طفولتي وفصل الربيع منها؛ كانت أيام لا تباريها أي أيام، ووصول الربيع يعني مهرجانات من الاحتفالات الوطنية والاجتماعية التي لا تنسى، فيكفي أنه كانت هناك اجازة خلال العام الدراسي تسمى عطلة الربيع، وتمتد هذه العطلة لأكثر من أسبوع، كنا ندرك بفطرتنا الطفولية السليمة آنذاك اقتراب موعد هذه العطلة مع بدء تفتح الدحنون في الحواكير وعلى جوانب الطرق الترابية. فكنا ننتظر اقتراب موعد عيد شم النسيم كي نسلق البيض ونقوم بتلوينه. ومن ثم نخرج لنتبارى مع أطفال الجيران عن أجمل وأزهى بيض؟!

 إن الأعياد والمناسبات الوطنية التي تتربع في فصل الفصول "الربيع"، عيد الأم، عيد شم النسيم، يوم الكرامة، ويوم الأرض؛ شكلت الوجدان الوطني الفلسطيني لدى الشريحة الأكبر في المجتمع الفلسطيني في كل أماكن تواجده وتحديداً قطاع غزة الذي كان كابوس يقض مضاجع الاحتلال. قطاع غزة الذي منه انطلقت شرارة الانتفاضة الأولى وألهب نيرانها التي أذاقت المحتل طعم الهزيمة والخسارة لينبري رئيس وزراء دولة الاحتلال مصرحا بأنه يتمنى أن ينام ويستيقظ ويشاهد غزة وقد ابتلعها البحر!! انعكس الحال والأحوال فأصبح قطاع غزة سجن كبير وفيه من الألم والأسى ما يكفي ويفيض؛ فأصبح فصل الربيع كأي فصل، وأضحت المناسبات مجرد خطابات وبيانات لا تسمن ولا تغني من جوع. فبدلاً من أن تكون الدافع نحو الخلاص من الاحتلال والتحرر، أصبح البحث عن مصلحة الحزب وقيادة الحزب والمصلحة الشخصية هي الأهم؛ والممارسات التي نراها هي أكبر دليل على ذلك؛ لذا أذكر بما كتبته في مقال سابق منذ عامين عنوانه "البقبق"، "نحن في الشوط الأخير من الحياة النضالية"، وللأسف انتهى هذا الشوط.

كاتم الصوت: طالما أن فتح أقلية في الشارع الفلسطيني!! اذهبوا إذن للانتخابات!؟

كلام في سرك: بما أن الحكومة الجديدة عاجزة عن مواجهة تغول وعدوان الاحتلال! ساندوها!؟