حوار مع قلمي الجريح - ميسون كحيل
تاريخ النشر : 2019-04-08
حوار مع قلمي الجريح  - ميسون كحيل


حوار مع قلمي الجريح

يجف حبر قلمي كلما قلبته بين أصابعي محاولة استدراجه للكتابة؛ يبدو أن قلمي أصبح قاسياً و عاصياً لي! لم أعهد قلمي بهذه القسوة والعناد، كنت محتارة مع الحال الذي نحياه حالياً وزادت حيرتي مع قلمي الذي أضعه بين أهداب قلبي لكنه يتنمر علي الآن.. أحاول الاحتيال على قلمي متعللة بالمنحنى الخطير الذي تمر به قضيتنا وأنه لا بد من التوضيح والشرح وتوجيه رسالتنا للناس بخطورة الأحداث وتتابعها ليتنبهوا ويواجهوا، قلمي العنيد لا يرد ولا ينصت لي، ومع اصراري الشديد والضغط المتواصل عليه انتفض من بين يدي صارخاً وموبخاً؛ ألم نحذر ونقرع جدار الخزان منذ سنوات طويلة عبر بوابة الوطن لكن لا أحد يسمع، ومن يسمع ويفهم ليس بمقدوره فعل شيء!!

يدعي قلمي أن الصمت أو الرحيل هو الحل في هذا الوقت، أجادله بقسوة لكنه يأبى ويزداد اصراراً على موقفه الذي أعتبره انهزاماً؛ لم يعجب وصف موقفه بالانهزام فهاجمني بشراسة قائلاً انظري حولك، انظري جيداً إلى شوارع غزة؛ أسواقها ومدارسها وجامعاتها فمن النادر أن تجدي أحد ما يبتسم، اسألي الناس عن حالهم وأحوالهم وكيف يعيشون؟ أجبته بأني أعرف حالهم السيء فهو ما أحياه فلست سوى ابنة لهذه المدينة المسكينة الحزينة أعيش ما يعشيه أهلها البسطاء، لم يتردد قلمي برفع صوته علي مهاجماً إياي أنتِ تخدعين نفسك، و تريدين مطالبة الناس بالصبر والصمود والتنبه للمخاطر التي تحدق بالقضية الفلسطينية، أنتِ تتعالي على آلامك وأحزانك للكتابة عن مواجهة صفقة القرن، فهل تستطيعين البوح للقراء بأنكِ تذرفين الدموع، وينقبض قلبك ألماً وحزناً كلما قرأت خبر هجرة خيرة شباب مدينتك البائسة الحزينة، حدثيهم عن حزنك الدائم كلما تذكرتِ بأن عائلة أختك كاملة لا تستطيع زيارة غزة، وماذا عن خالتك الأثيرة سهام التي توفيت ولم ترونها منذ سنوات طويلة، حدثيهم عن الأقارب والأصدقاء الذين يتمنون اللقاء القريب.. أتعرفون بماذا رددت على قلمي العنيد الذي وافق أخيراً على الكتابة بعد جهاد طويل؛ قلت له يا عزيزي لست أنانية، وأنا في حيرة كبيرة من أمري؛  فضميري ووطنيتي تحتم علي وتجبرني على حث الناس على الصمود والمواجهة في سبيل بقائنا على هذه الأرض وبين حق  أبناء وطني العيش الكريم وتحقيق أمانيهم، فلا زالت يا صديقي عبارة كتبها أحد الشباب الذين غادروا مدينتي تلاحقني؛ قال شادي النقلة "حقوقي أصبحت أحلام وأمنيات".

لكن بما أنه لا مفر من رحيل البعض؛ وحيث أن السادة العبيد لا يأبهون ولا يرون معاناتنا ومعاناة عشرات الالاف من الشباب؛ فربما يكون هؤلاء الشباب الجنود المجهولة التي تدعم وتسند من بالداخل؛ فيعز علي يا رفيق دربي أن أتصور حالي بعد سنوات في مدينة أشباح كقرى بولندا هجرها شبابها وبناتها ولم يتبق بها إلا العجائز، أختي وشادي النقلة و إيهاب أبو عرمانة واسحاق مصلح وغيرهم كانوا محور حوار مع قلمي الجريح

كاتم الصوت:  قال شادي النقلة "حقوقي أصبحت أحلام وأمنيات" .
كلام في سرك: الجماد أصبح يتكلم، والبشر إذا كانوا بشر يتأمرون!؟