الشهيد ساجد للمطران حنا : سلم على القدس29-3-2019
بقلم : حمدي فراج
عاشت "نظمية" لترى اثنين من احفادها يقتلون امام عينيها اللتان طشهما عمى الفقد ، العين الاولى بفقد حفيدها اركان ابن ثائر تموز العام الماضي ، والثانية بفقد ساجد ابن حكيم قبل بضعة ايام ، بفارق ثمانية اشهر بين استهدافهما برصاص "جيش الدفاع" الذي يقتحم مخيم الدهيشة ، ربما من أجل "الدفاع" عنه ، فيخرج الاولاد بالعشرات ، وربما المئات ، يتصدون له بالحجارة ، وهو المدجج بكل انواع الاسلحة وقنابل الغاز والصوت والرصاص العادي والمطاطي و الكرات المغلفة والدمدم ، بوحداته المختلفة من النظامي الى حرس الحدود الى الاستعرابي الى القناصين الى المخابرات الى المسعفين الى الكلاب البوليسية والسلالم ، رغم ان تصنيف المخيم وفق التنسيق الامني يأتي في حدود مناطق ألف .
بين "أركان" و "ساجد" ثلاث سنوات تقريبا في العمر "الحياة" ، وبالنسبة لجدتهما نظمية ، سبعة اشهر في الرحيل "الموت" ، فهي لا تعرف الاشهر ولا السنوات ، ولكنها تؤرخ لحياتها بالاحداث الجسام ، فقد ولدت بعد "الثلجة الاولى" في قرية خلدة من اعمال اللد او الرملة ، تزوجت من ابن عمها "حلمي" ما بين النكبة والنكسة ، وانجبت "خالد وهدى وحكيم وحميد" نفس اسماء ابناء الزعيم جمال عبد الناصر ، وسرعان ما اقدم جيش الدفاع على اعتقال زوجها ومن ثم ابعاده الى الاردن ، ولم يعد الا بعد مجيء السلطة مع العائدين ، لكنها خلال فترة الابعاد التي استمرت زهاء عقدين ، كانت تذهب لزيارته ، وخلال تسعة اشهر من عودتها وضعت "ثائر" ، وفي مرة ثانية وضعت "ياسر" ، واصبحت خلال عودتها تخضع لاجراءات التحقير من قبل ضباط الجسر ، : خرجت لتحملي يا ..... ، فترد عليهم بكل إباء : انت ابن الـ ...... ، نعم خرجت لأحمل ، وسأسميه ثائر ، وسرعان ما سيكبر ثائر ويتزوج وينجب الشهيد اركان .
كان "ساجد" يعرف كل هذا التاريخ الشخصي لجدته ومعاناتها ، جده المبعد ومعاناته ، والده واعمامه الذين كابدوا مرارة السجن وبطش السجان ، . ابن عمه "حسن" الذي اصيب برصاصة في عموده الفقري اقعدته عن السير الا في كرسي متحرك ، البعض من ابناء العمومة ما زالوا رهن الاعتقال ، "شهاب وباسل" ، وإن كان من نوع الحبس الاداري الذي يستمر سنوات ، فيقضي اركان ومن ثم ساجد دون ان يتمكنا من المشاركة في تشييعهما وتوديعهما الوداع الاخير .
قيل لي ان الناطق باسم "جيش الدفاع" المدعو افخاي ادرعي نشر متهكما صورة لساجد يخلع فيها بزته الاسعافية ، ويضرب حجرا على جنود "الدفاع" في مخيم الدهيشة ، ضحكت من هذا الادرعي الذي لا يعرف الحكاية ، ولن يعرفها ، انه لا يعرف ان الجدة توثق استشهاد حفيدها الاول "اركان" تموز الماضي بالعنب والتين وتوثق لاستشهاد حفيدها الثاني "ساجد" باللوز والزعتر ، اما المطران عطا الله حنا فيوثق معرفته بساجد ، خلال الكلمة المسجلة انه في كل مرة كان يزور الدهيشة يقوم ساجد بتوصيله الى سيارته ، وقبل المغادرة يقول له يا ابونا سلم على القدس .
الشهيد ساجد للمطران حنا : سلم على القدس بقلم : حمدي فراج
تاريخ النشر : 2019-03-30
