الجغرافيا العربية بين عنجهية ترامب وخيانة الحكام العرب بقلم: راني ناصر
تاريخ النشر : 2019-03-25
الجغرافيا العربية بين عنجهية ترامب وخيانة الحكام العرب بقلم: راني ناصر


الجغرافيا العربية بين عنجهية ترامب وخيانة الحكام العرب
بقلم: راني ناصر

في آخر حلقة من مسلسل "الهوان والانحطاط العربي"، وفي خطوة... ليست مفاجأة ...أهدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجولان إلى إسرائيل في تحدٍ صارخ لجميع القوانين والمعاهدات الدولية التي نصت على ان الجولان أراضٍ عربية سورية محتلة. فالرئيس الأمريكي أصبح متخصصاً في ذل العرب واهانتهم واحتقارهم بعد أن أدرك إن جميع الحكام العرب يدورون في فلكه، ومنبطحون بالكامل له ولاي حكومة أمريكية مقبله تدافع عن عروشهم.

ففي ظلّ هرولة الحكام العرب للتطبيع المجاني مع إسرائيل، وصمتهم المخزي لإهانات ترامب المتكرّرة لهم ولشعوبهم، وغضّهم الطرف عن مصادرة الرئيس الامريكي للجغرافيا العربية؛ أدرك ترامب أنه يعيش في لحظة تاريخية طال انتظارها لتطبيق وعد بلفور بنسخة محدثة تثبت ان ما يؤمن به من احقية إسرائيل في تملك الأراضي العربية لا يتعارض مع ما يؤمن به الحكام العرب.

هذا الانحدار العربي الخطير دفع ترامب ليصبح صهيونيا أكثر من الإسرائيليين أنفسهم، وتحوّل إلى متحدث باسم حكومة نتنياهو؛ حيث ان اهداءه الجولان لنتنياهو في اوج حملة الانتخابات الإسرائيلية يمثل دعما فاضحا له وللمتطرفين اليهود؛ ولذلك يرى نتنياهو ان ترامب هو الفانوس السحري الذي طال انتظاره والذي سيساعده على تطبق ما تنص عليه الادبيات الصهيونية للقضاء التدريجي على الوجود الفلسطيني في الأرض الفلسطينية، وتغيير واقع المنطقة للأجيال القادمة التي ستعتبر إسرائيل جزءا لا يتجزأ من المنطقة والمنظومة العربية والإسلامية، ومن ثمّ  تطبيق الآيات التوراتية التي تنصّ على إقامة دولة إسرائيل الكبرى.     

فتمرد وجشع ترامب مصدره انبطاح الأنظمة العربية والاسلامية له؛ لقد كانت البداية حين صرح ان أكثر من 6 ملايين فلسطيني بالخارج غير لاجئين، وان الضفة الغربية وغزة والجولان أراضٍ إسرائيلية غير محتلة، وعندما أهدى القدس التي تمثل القبلة الأولى للمسيحيين وثالث القبلتين لأكثر من 1.8 مليار مسلم مجانا لإسرائيل؛ ولذلك كان إهداء الرئيس الأمريكي اخيرا الجولان للدولة الصهيونية على طبق من ذهب متوقعا وطبيعيا بعدما أيقن انه يتعامل مع حكام خونة وأمة نائمة.

لم يسبق في تاريخ الأمم ان يأتي حكام بهذا الخذلان والهوان والانبطاح حولوا شعوبهم وتاريخهم وأراضيهم إلى سلعات رخيصة تباع في أسواق النخاسة، وتعاملهم ادارة ترامب هم وشعوبهم كقطعان من الأغنام وتستدرجهم للإجهاز على ما تبقى من الجسد العربي.

بالأمس فلسطين واليوم سوريا وغدا قد يكون أكثر سوأ؛ فالانبطاح لا يجلب إلا مزيدا من التنازلات والهزائم للامة العربية، وان تعويل الحكام العرب على السيد الأمريكي لحمايتهم من شعوبهم هو رهان خاسر؛ فالتاريخ شاهد على تخلي أمريكا عن عملائها كحسني مبارك، وزين العابدين واستبدالهم بعملاء آخرين؛ إن شرعية الحكام العرب الحقيقية وحمايتهم هم وانظمتهم يجب أن تأتي من شعوبهم وليس من البيت الابيض.