التقرير والتغريدة لا يسقطا الحق بقلم:عمر حلمي الغول
تاريخ النشر : 2019-03-24
التقرير والتغريدة لا يسقطا الحق بقلم:عمر حلمي الغول


نبض الحياة

التقرير والتغريدة لا يسقطا الحق

عمر حلمي الغول

ما بين تقرير وزارة الخارجية الأميركية يوم الأربعاء الموافق ال13 من آذار/ مارس الحالي، وأول امس الخميس الموافق ال21 من ذات الشهر والسنة (2019) لا يزيد عن تسعة ايام، في التاريخ الأول أصدرت الوزارة تقريرها السنوي بشأن حقوق الإنسان في دول العالم، ولم يشر ذلك التقرير إلى الإستعمار الإسرائيلي، وإنتهاكاته لا للقدس، ولا للضفة أو قطاع غزة، وغيبت الخارجية الأميركية عن سابق تصميم وإصرار صفة الإستعمار عن الأرض الفلسطينية المحتلة، ومرت مرور الكرام على جرائم إسرائيل. وفي التاريخ الثاني أول أمس غرد الرجل الفاقد الأهلية السياسية، والمتربع على سدة الرئاسة في الولايات المتحدة، قائلا : أنه حان وقت الإعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان السورية العربية بعد 51 عاما من إحتلالها، ضاربا عرض الحائط بالقوانين والمواثيق الشرعية الدولية، وخاصة قرار مجلس الأمن 497 الصادر بعد ثلاثة ايام فقط من قرار دولة الإستعمار الإسرائيلية ضم الجولان لها في ال14 من كانون أول/ ديسمبر 1981.

لم يكن إطلاق التقرير والتغريدة بمحض الصدفة، لا بل جاءت عشية زيارة بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي لإميركا، لآلقاء كلمته أمام مؤتمر الإيباك، ولقاء الرئيس ترامب يوم الأثنين (بعد غد، الموافق 25/3/2019) في البيت الأبيض؛ كما انها تأتي في سياق التماهي مع حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية وطموحاتها الإستعمارية؛ وكشكل من اشكال إستقطاب القوى الصهيونية والمتصهينة في بلاد العم سام لدعم الرئيس ترامب وإدارته الغارقة حتى أذنيها في وحول الأساطير الدينية؛ وإستهتارا بالعرب جميعا، وإمتهانا لكرامتهم، ولحقوقهم التاريخية، وإستخفافا بمبادرة السلام العربية؛ وإنعكاسا لسياسة الرئيس الأميركي المتغطرس والنرجسي في تحدي العالم ومنظومتة الأممية، وقراراتها ومعاهداتها ومواثيقها وشرائعها الدولية.    

وعلى أهمية مكانة الولايات المتحدة، وثقلها العالمي حتى اللحظة، فإنها لا تملك الصفة التقريرية في مصير شعوب الأرض؛ ولم يعد مصير الشعوب والدول أسير منطق ومحددات القرون الوسطى، ولا حتى زمن الحربين العالميتين الأولى والثانية، ومحاولة إستحضار الماضي البائس، رغم تمكن أميركا وإسرائيل وحلفائها من العرب والعجم  من إطلاق وحوش الجماعات التكفيرية لتعيث فسادا في الدول والأوطان العربية بإسم "الربيع العربي"، إلآ انها ليست مؤهلة، ولا تستطيع إملاء رغباتها على الشعوب والدول؛  اضف إلى انه لم يخولها أحد من الأقطاب الدولية بما في ذلك حلفائها المقربين من الإتحاد الأوروبي، لا بل العكس صحيح، ان دول العالم قاطبة في خندق، واميركا وإسرائيل في الخندق المقابل، وهو ما يؤكد عزلتهما. وعليه فإن التوجهات الأميركية تتناقض مع قرارات الشرعية الدولية؛ كما انها لا تخدم بحال من الأحوال الإستقرار والأمن في الأقليم والعالم، لا بل تضرب ركائز السلام الأقليمي والدولي، وتشعل فتيل الإرهاب الدولاني المنظم وغير المنظم، وتهدد مستقبل التعايش بين شعوب ودول المنطقة.

 ولا يضيف المرء جديدا، عندما يؤكد أن سياسة إدارة تاجر العقارات، وصاحب التغريدات الهوجاء والمثيرة للجدل، والتي لا تتفق مع ركائز الدولة الأميركية العميقة، وذات  الشيء بالنسبة لتوجهات وزارة خارجيته، التي عكست رؤيته وسياسته، وفريق الترويكا الصهيوني المساعد له، انما تصب في دائرة التماهي مع مخططات وأطماع حكومة بنيامين نتنياهو المنحلة، وهي تخدم برنامجه الإنتخابي، وترويج لبضاعته الفاسدة، وتدعم التصويت له في مواجهة القوى الصهيونية الأخرى وخاصة كتلة "كاحول لافان" (ابيض أزرق)، وحتى هي بمثابة تقديم غطاء على قضايا الفساد الخمس التي تلاحقه.

لترامب ووزارة خارجيته، وفريقه الصهيوني والمتصهين، ان يطلقوا المواقف والتصريحات المعادية لمصالح الفلسطينيين والسوريين العرب، وبإمكانهم أن يتخندقوا في ذات الخندق مع قوى اليمين واليمين المتطرف في دولة الإستعمار الإسرائيلية، لكنهم لن يفلحوا في تغيير الوقائع، وسيخسروا آخر جزء من شعرة معاوية في العلاقة مع القيادة الفلسطينية، ولن يبقوا رصيدا لإية مصداقية أميركية مع الشعوب والدول العربية، حتى الحليفة لهم. كما ان وجود إدارة دونالد ترامب، عكس ما ذكر وزير الخارجية الأميركية، بومبيو، بأنها "نعمة، هبطت من السماء على إسرائيل"، الحقيقة انها لعنة على إسرائيل وحلفائها العرب، وهي خطر داهم على الأميركيين والبشرية كلها.

[email protected]

[email protected]