التغير في الجزائر في ظل النتف وإعادة الرسم ..بقلم:مروان صباح
تاريخ النشر : 2019-03-23
التغير في الجزائر في ظل النتف وإعادة الرسم ..بقلم:مروان صباح


التغير في الجزائر في ظل النتف وإعادة الرسم ...

مروان صباح / تتطور ديناميكية الشعب الجزائري بالإنتقال من مرحلة إسقاط الولاية الخامسة إلى تغير نظام قد صُنّف من الأكثر الأنظمة فساداً في الشرق الأوسط وشمال افريقيا ، بل أجتهد منذ ولادته في بناء دولة بوليسية على غرار الأنظمة الإشتراكي دون أن يترك مجال للحريات الإجتماعية بالقيام بدورها الاعتيادي التى بها تتحقق الديموقرطية والعدالة بل لم تؤثر الحقبة السوداء بسلوكياته ابداً ولأنه فقد قدرته على تجديد الخطاب المترهل ، بالفعل انتقل من محاربة الإرهاب ليبني دولة إرهابية ايضاً عرفت بقبضتها الحديدية ، وهنا يظهر التاريخ بأن الشعب الجزائري قاد معركة الخيارات الاصطناعية منذ عام 1962م ، عندما نظمت المجموعة الرباعية إنقلاب على الجنرال ديغول ، كان الجنرال في حينها يخوض في العاصمة الفرنسية باريس مفاوضات مع قيادات جبهة التحرير الجزائر والذي كشف الإنقلاب الفاشل عن أنقسام حاد بين تيارين في الجبهة ، نعم الأول سياسي متحالف مع بعض أقطاب العسكرين وآخر عسكري همه تحقيق تطلّعات الشعب ، بالطبع مازالت الجهات الفرنسية تمتنع عن نشر الإتفاق السري الذي أبرمه الجنرال ديغول مع الطرف الجزائري وبالتالي كانت المحصلة قد قضت بعدم السماح للجزائرين بناء دولة منتجة التى ستعكس ذلك على أفريقيا بشكل عام ، بل أرادها كما هي اليوم ، يسكنها شعب مهمته إلتهام الصناعات الفرنسية ومن جانب أخر توفر للجمهورية الفرنسية أيدي عاملة بأجور منخفضة بالطبع قياساً بالأيدي العاملة الفرنسية أو الأوروبية .

حسم شارل ديغول الإنقلاب بمعركة أُطلق عليها ( الترانزستور الشهيرة ) ، ومنذ ذلك العصر تشكل خطاب نضالي من مجموعة داخل جبهة التحرير الوطني التى بنت عليه حكمها الطويل ، لكن مع مرور الوقت وبسبب تعطيل الدولة أصبح الخطاب ثقيل على مسامع الجزائرين وبات يهدد العقد الإجتماعي بالإنهيار ، أي باتت البلاد معرضة إلى حرب سياسية كما حصل أثناء الحقبة السوداء أو الذهاب إلى حرب التفكيك المناطقي وهذا بحد ذاته يهدد شمال افريقيا بالكامل ويدخل أوروبا في انفلات حدودي ، بل تجربة الرئيس الشاذلي السابق لم تأتي ثمرتها كما أعتقد الرجل لأن نظام الراحل هواري بومدين كان قد أسس إلى سستم غامض الأركان بين عسكريين ورجال الاستخبارات تحالفوا مع رجال أعمال وآخرين من النخب السياسية ، هذه الطبقات قامت على عنصر تكويني ، سُميى فيما بعد بالحقد الطبقي على كل من يجرؤ بالتعرض لها أو منافستها سياسياً أو أمنياً أو اقتصادياً وبالتالي انغلقت على نفسها مما سارعَ بشيخوخة النظام وقارب على الموت كما حال رئيسه .

لقد أظهر الحراك الجزائري وايضاً السوداني مسألة بالغة التعقيد وليست من السهل تفكيكها ، الأولى عندما أقترب الرئيس البشير من بشار الأسد كان الإقتراب الشعلة التى دفعت النَّاس للانتقاضة عليه ، كأنه بركان ينتظر من ينكشه وهذا بالفعل شهدناه ايضاً في الجزائر عندما تسرب خبر إمكانية تكليف المبعوث الدولي الشهير الإبراهيمي ، لكي يترأس الندوة التى من المفترض أن تجمع الأطياف السياسية والنقابية من أجل تحديد مستقبل البلد ، عارضت الأغلبية ذلك وكشفت عن دوره السلبي في المسألة السورية ، إذاً كانت ردات الشعبين على مقترحات السلطتين رسالة عميقة للشعب العربي كأنها تقول في رسائلها رغم الحدود والأنظمة يبقى الشعب العربي واحد وهمومه وقضايا واحدة وهذا يفتح في حد ذاته باب يظهر حجم الوعي الذي يتحلى به الشعب العربي رغم القمع والاقصاء وتضليل الخطاب ورداءة التعليم ، ففي مصر وهنا لا أظن بقدر أنني أرجح ، بأن مصر كانت عينة متقدمة لكن الأغلبية تجاهلت دراستها ، عندما خاض إخوان المسلمين الانتخابات التشريعية جاءت النتائج كاسحة لصالحهم ، أما أثناء الانتخابات الرئاسة التى مكنت بمجيئ الرئيس مرسي ، بالكاد حصل على الأغلبية بالرغم تحالف المعارضة معه ضد مرشح النظام السابق ، الفريق شفيق ، وهنا المسألة تقوم بتفسير نفسها بنفسها لا تحتاج إلى تفكيك كبير طالما المعايير لدي الشعب تخضع إلى القياس بين الوعود والانجازات والممارسات، بل على سبيل المثال تحركات نظام البشير في السودان الإصلاحية ، تشبه المرأة التى تنتف حواجبها ثم تعود برسمهم ، فكيف يمكن تمريرها طالما فهمها مُستحيل .

يبقى السؤال الأهم في المسألة الجزائرية ، هل تقف البلاد على حافت الهاوية أم هناك حراك يتطلع إلى إستعادة الثورة المسروقة منذ مفاوضات الاستقلال ، لأن الناس عندما نزلوا إلى الشارع لم تكن فكرة صناعة الثورة حاضرة في نزولهم ، بل النزول لم يتعدى كونه واجب اخلاقي يحتّم على كل مواطن شعر بلاده باتت مهددة ، بل ايضاً ما يجري في اعتقادي اليوم ، هو تصحيح مسار ثورة الاستقلال وانهاء الانقلاب الذي شهدته مرحلة الانتقال من التحرير إلى الاستقلال وبالتالي هو حراك يتطور إلى ثورة تسعى بإعادة الأسس التى قامت عليها ثورة التحرير والاستقلال .

لقد ضرب الشعب الجزائري درساً كبيراً في سلمية مظاهراته وايضاً كان الجيش والقوى الأمنية على المستوى من المسؤولية بالتعامل مع المتظاهرين ، وهذا يحسب للطرفين بل يشير عن مستقبل آمن للجزائر، لكن لكي تستقيم الأمور لا بد لحركيو الحراك أن يفرزوا تأطير سياسي اجتماعي اقتصادي من أجل الخروج من نقطته الضيقة والابتعاد عن محاولة البعض قيادة الحراك ، لأن قيادة الشارع يعرضه للانقسام وهنا الفصل بينهما مهم وضروري . والسلام
كاتب عربي