صفقة القرن … من يجرؤ على التوقيع ؟بقلم:ايهاب سلامة
تاريخ النشر : 2019-03-21
صفقة القرن … من يجرؤ على التوقيع ؟بقلم:ايهاب سلامة


ما هي البدائل الفلسطينية والأردنية، ومن خلفهما العربية والإسلامية لمواجهة ما يطلق عليها “صفقة القرن” الصهيوأمريكية، لتصفية القضية الفسطينية، وهل استعد الطرفان، الأردني والفلسطيني تحديداً، كونهما الجانبان الرئيسيان المعنيان بشكل أكبر، في ظل سبات عربي هنا، وتواطؤ عربي علني هناك، أم أنهما، يترقبان الأعلان الرسمي عن بنود الصفقة؟، وحينها قد يصبح أي تحرك سياسي ودبلوماسي أو شعبي غير مجد ربما، ومتأخر جداً.

قبل هذا .. هل ثمة بدائل فعلية، وأوراق سياسية، في يد الأردنيين والفلسطينيين، أم أن الأمور حسمت، وينتظران ما سيقرره السيد الأمريكي الذي يمثل الجانب “الاسرائيلي” تماماً، وينوب عنه، بل يزاود على موقفه، وما هو الدور الشعبي المطلوب في هذه المرحلة حالكة الظلام، من تاريخ القضية الفلسطينية والأمة بأسرها؟

لكي ندرك هول التحديات القادمة، وتداعياتها، من أي قبول لتمرير الصفقة المشؤومة، يتوجب أن نضع في الحسابات جيداً، أنها ستفضي إلى خلق واقع إقليمي جديد، بعد إلغاء الهوية الفلسطينية لملايين اللاجئين في الشتات، وتوطينهم حيثما وجدوا، وكذلك التخلي التام عن مدينة القدس المحتلة، التي استبق الأمريكيون قرصنتها باعلانها عاصمة لكيان الإحتلال، والقبول بقضم 15 في المئة من إجمالي مساحة الضفة الغربية المحتلة لصالح المستوطنات المقامة عليها، ما يعني، التخلي عن مساحات إضافية من فلسطين، والإعتراف بها كأراض غير محتلة لصالح كيان الاحتلال، على حساب 2،5 مليون فلسطيني يعيشون هناك، كل هذا، تحت وقع تدشين الدولة اليهودية الخالصة، وقوننتها، على حساب المقدسات، والشعب، والارض الفلسطينية المحتلة التي لا تجد اليوم من بواك عليها ..

وهنا، يستوجب طرح أسئلة استباقية، ستجد حكومات ودول وأنظمة عربية نفسها أمامها إن آجلاً أو عاجلاً : من يجرؤ التوقيع على تسوية تؤدي إلى التخلي عن مدينة القدس المقدسة ؟

من هو “الزعيم” الذي سيعلن انتحاره السياسي، ويقبل إلغاء حق العودة لملايين اللاجئين الفلسطينيين، دون تفويض منهم، أو موافقتهم، أو حتى استمزاج رأيهم؟

ومن هي الدولة أو السلطة، فلسطينية كانت أو عربية وإسلامية، التي يمكنها التوقيع على تصفية فلسطين، وتسليمها للكيان الصهيوني، دون أن تراق أنهر من الدماء، وتتفجر الشوارع العربية الجاثمة أصلاً على براميل البارود ؟

فعلياً .. صفقة القرن مررت بالكامل، بعد الإعلان الأمريكي اعتبار مدينة القدس عاصمة لمن احتلها، وتجفيف منابع الأونروا، لقطع الطريق عن أي حديث حول عودة اللاجئين، والأخطر، تجسد باعلان الاحتلال كيانه دولة دينية يهودية خالصة، لا تعترف إلا باليهود مواطنين في فلسطين المحتلة، من نهرها لبحرها ..

اذاً، علام سيوقع الفلسطينيون ومن خلفهم أمتهم الغارقة في مستنقعات الإنحطاط لاحقاً ؟

وكيف ؟، ونحن نرى زعامات الأمة وشعوبها، يتسابقون في ماراثون التطبيع مع الكيان الصهيوني، والارتماء تحت نعله، وتقديم صنوف الولاءات والطاعة له، آخرها وليس آخرها، ما فضحته علانية “قمة وارسو” من خيانات عربية!

قد تكون من حسنات صفقة القرن لاحقاً، أنها ستفجر الشوارع العربية الخاملة، وتعيد ألقها، مثلما ستعيد الاضاءة على القضية الفلسطينية المنسية التي أُشغل العرب عنها، كل بـ”قضيته الفلسطينية” الداخلية الخاصة ..

إن الخطوة الفعلية العملية الأساس، لإجهاض الصفقة المشؤومة من جذورها، ووأدها، يقع الان على عاتق الشعوب، لا الأنظمة، وفي مقدمتها الفلسطيني والأردني، للتحرك على الأرض، وإعلان مواقفها الغاضبة الرافضة، وإيصال صوتها إلى كل بقاع الأرض: هذه الصفقة لن تمر ولو فوق أجسادنا ..

تحرك أردني استباقي، تجسد مؤخراً بزيارة الملك عبدالله الثاني للولايات المتحدة، التقى خلالها بقيادات الكونجرس ومجلس الشيوخ الأمريكيين، ونائب الرئيس الأمريكي، دون أن يلتقي بالرئيس الأمريكي دونالد ترمب!

اللقاءات الملكية أشرت إلى محاولات الأردن الحثيثة لتدارك اعلان الصفقة الملعونة، وامتصاص تبعاتها، قبيل الموعد القريب للإعلان عنها، بعد أن التقط الاردن أن ترمب، ماضٍ فيها دونما رجعة، وأن المملكة ستدفع ضريبة سياسية باهظة لهذه الصفقة، فسعى لتحشيد قوى ضغط امريكية داخلية، بوجه ترمب، الذي يبدو ان أحداً لن يثنيه عن تنفيذ صفقته، حتى لو لم يقبل بها احد سواه.

ترمب، بحاجة الان أكثر من أي وقت مضى، لتسجيل إنجاز سياسي خارجي له، خلال دورته الرئاسية الأولى، بعد تراجع الدور الأمريكي أمام الروسي في المنطقة، وتحديداً في سوريا، وكذلك أخفاقه في ملف كوريا الشمالية، مثلما يوشك الإخفاق داخلياً، في ملف اللاجئين القادمين إلى الولايات المتحدة، واقامة جدار فصل لهم، الأمر الذي يدفعه أكثر نحو تنفيذ صفقته، لترفع من أسهمه السياسية، ويرضي بها الكيان الإسرائيلي، وزبانيته المتحكمين في البيت الابيض، واليمين الامريكي المتطرف.

إجهاض صفقة ترمب، يتوجب أن تتكفل به الشعوب العربية التي تترقب قدوم لحظة تاريخية كارثية بتصفية القضية الفلسطينية، دون أن نسمع أو نرى حتى اللحظة تحركاً يذكر منها..

صوت الشارع العربي، الفلسطيني والأردني أولاهما، يتوجب أن يصدح في هذه المرحلة الخطيرة من تاريخ الأمة والمنطقة، لمناهضة الغطرسة الأمريكية، وصلفها، لإسناد القيادة السياسية، شعبياً، باعلان الرفض المطلق لـ “صفقة القرن”، مهما بلغ الثمن!