انهيار قلعة الدولار العالمي ..واقع أم خيال بقلم:جاسم محمد كاظم
تاريخ النشر : 2019-03-21
انهيار قلعة الدولار العالمي ..واقع أم خيال بقلم:جاسم محمد كاظم


انهيار قلعة  الدولار  العالمي ..واقع أم خيال 

جاسم محمد كاظم 

يكتب الكثير من ماركسي الأمس عن حدث مستقبلي شهير لا يمكن التعبير بة إلا بزمن المستقبل التام يتمثل بانهيار قلعة الرأسمال العالمي الولايات المتحدة الأميركية ..

ويستند البعض على مفاهيم إحصائية مثل العجز في الميزانية وسياسيات الاقتراض وعدم وجود صناعة أو سلعة كافية لتغطية الدولار الميت الذي بالغ بة البعض .

ولو عرفنا حجم العمل والصناعة والأيدي العاملة التي تستقطبها الولايات المتحدة سنويا لما استطاع احد من التجاسر على كتابة هكذا كلمات لأنها تصبح مضحكة أو قد لا يحس المر بالخجل من بعض ما يكتب حين تثير سخرية الآخرين .

وكما يقول احد الشعراء 

قد يخجل البعض من أفعال صاحبة ...وصاحب الفعل لا ينتابه الخجلُ

لا يمكن تصور حجم الصناعة الأميركية في بلداننا ولو عرفنا أن الولايات المتحدة قد صنعت مالم يصنعه الآخرون وان الصناعة المولدة للصناعة لا يمكن لها من التواجد حتى في بلدان أوربية ولو بعد قرن .

تقول النظرية الماركسية بان قيمة السلعة تكون بما تتضمنه من عدد ساعات العمل الكافية لانجازها في المتوسط الاجتماعي .

ربما يتجاهل البعض من هؤلاء الميزة المطلقة للولايات المتحدة بصناعة السلاح فلا ينافسها في ذلك سوى الاتحاد السوفيتي السابق .

وإذا طبقنا نظرية ماركس في المدة الزمنية والقيمة التي تصنع بها بعض الأسلحة لعرفنا كم هي هائلة تلك الإيرادات التي تحققها الولايات المتحدة من الصناعة الثقيلة بحيث لا يوجد في عالم اليوم من يستطيع منافسة الولايات المتحدة بهذه الصناعات التي تكون ميزة مطلقة للولايات المتحدة نفسها .

تحتاج حاملة الطائرات إلى مدة زمنية تفوق ال10 سنوات لإكمالها من يوم البدء بالصناعة إلى أنزالها في ماء البحر .

وتحتاج الغواصة النووية و الفرقاطة مثل ميسوري إلى 8 سنوات وتحتاج المدمرة والبارجة إلى 7 سنوات من العمل لإكمالها 

و لا يقل زمن صناعة طائرة البوينغ عن مدة زمنية لا تقل عن 5 سنوات وإذا استثنينا مكوك الفضاء والرادارات وأجهزة الاتصال والدبابات الثقيلة والطائرات المقاتلة من ذلك .

وإذا عرفنا أن أكثر من ثلاثة أرباع سلاح للكرة الأرضية مصدرة الولايات المتحدة لعرفنا حجم الصناعة الأميركية الحقيقي .

وإذا قرئنا مقالة الأخ المهندس عبد الحسين سلمان (جاسم الزيرجاوي ) المنشورة على الحوار والمعنونة " الشركات الأميركية لتدمير الإنسان" لوجدنا أن أيراد واحدة من هذه الشركات يعادل الميزانية النفطية للعراق خلال سنة هذا أولا .

ولو عدنا إلى النقد بدل الصناعة و إلى الدولار الأميركي نفسه ثانيا وقرئنا ما يكتبه البعض بعد انهيار قاعدة الذهب وقاعدة تبادل الذهب وان الدولار اليوم بلا غطاء ذهبي ولو عرف هؤلاء ابسط مفاهيم الاقتصاد وان الاقتصاد صناعة بشرية بحتة وليست قوانين مقدسة نهائية وثابتة وتابو محرم لا يجوز المساس بة .

بعد انهيار قاعدة تبادل الذهب أصبح الدولار هو الذهب المعادل الذي يغطي كل الأرصدة والمعادل الحقيقي لها وعلى هذا الأساس أصبح على كل العملات معادلة نفسها بالدولار وقبل أن تباشر أية دولة بشراء أية حاجة من الخارج عليها أولا شراء الدولار قبل شراء تلك السلعة .

وهكذا أصبح الدولار أوليا والسلعة ثانوية حتى وان قال البعض بان هذا يخالف المفهوم الرأسمالي الكلاسيكي الذي يقدس السلعة وغطائها لقلنا بان هذه القاعدة أصبحت قديمة وان التطور الهائل في الصناعة الأميركية قد ألغى حلقات التبادل القديمة بأخرى جديدة أصبحت فيها الولايات المتحدة تمثل البنك المركزي لكل دول العالم وان الدولار هو الرصيد الذهبي لكل العملات لعرفنا حجم الولايات المتحدة الحقيقي ودورها الهائل في العالم .

لا يمكن اليوم لأحد من السير والتحرك في بلدان العالم بدون اقتناء الدولار فلا يستطيع رجل الأعمال الأردني أبدا من شراء حاجة ذات منشأ كوري بالعملة الصعبة بديناره الأردني لأنة لا احد يعرف هذه العملة شكلها وقيمتها وعلية مبادلة ديناره الأردني أولا بشراء الدولار وكأنة يشتري ذهبا يعادل بة السلعة الكورية .

وتبعا لهذا أصبح الدولار يأخذ قيمته من كل العملات التي تباع وتشترى وكأنة يفرض(إتاوة  ) وقيمومة هائلة على الكل .

و لو طبعت الولايات المتحدة المليارات جدلا من هذا الدولار بدون سلعة أميركية فان هذا العمل لا يؤثر على قيمة الدولار لأنة يأخذ  قوته  وحصانته من بقية السلع .

ولهذا أصبح الاقتصاد الأميركي المتمثل بالدولار يعادل كل اقتصاد الأرض وكأن كل دول العالم في كفة والولايات المتحدة في كفة أخرى كما يقول بعض النحويين في تمييز ديوان المتنبي على بقية شعر العرب .

ولو سافر الياباني والعراقي والهندي إلى استراليا لتوجب عليهم كلهم استبدال عملتهم بالدولار الأميركي أولا لغرض التبضع والشراء ودفع أجور الخدمات ولهذا يستطيع الدولار سلب قوة الين الياباني والدينار العراقي والليرة الهندية بما تحتويه من سلع لإصدارها وكأنة يتقاسم معها النصف.

أصبحت الولايات المتحدة تعيش على العالم ولهذا سخرت حاملات الطائرات لتجوب المحيطات ونشرت كل أساطيلها الجبارة في كل البقاع من اجل الهيمنة والسيطرة على كل الموارد الطبيعية وقامت هذه الامبريالية الهائلة باستبدال الحكومات بالدبابة وغزو الجيوش وتغيير جغرافية البلدان وإنشاء بلدان أخرى وإبادة قوميات وخلق قوميات أخرى .

وتعتبر أكثر الحكومات والحكام في بلدان العالم اليوم أنهم موظفين بسطاء يتبعون أوامر البيت الأبيض وكأن هذه الدول أصبحت شركات فرعية تأخذ أوامرها المباشرة من الشركة الأم الأميركية .

ويستطيع الكونكرس الأميركي من فرض عقوبات اقتصادية على أي دولة تخالف سياسة البيت الأبيض يعتصرها عصرا بعد منع الدولار من دخول أسواقها فتموت بالضمور مثل عضلات الجسد الخاوي .

و لا يفكر هؤلاء الماركسيين ويسالوا أنفسهم من يشتري نفط العالم اليوم وكيف يتحرك الاقتصاد العالمي بدون الولايات المتحدة واقتصادها الهائل .

يعود الفضل لكولمبس أولا لاكتشافه هذا العالم الجديد حيث قفزت الصناعة قفزتها الهائلة وتطور العالم في قرن من الزمان ما لم يتطور في ألف سنة سابقة وان انهيار دولة (اميرجو) وجورج واشنطن قد يكون ضرب من التنجيم وكلام عرافات وأنة حلم ليلة صيف ولو كان المتنبي حاضرا لقال في هؤلاء المنجمين بيته الشهير .

قد سَمِعْنَا ما قُلْتَ في الأحْلامِ ... وَأنَلْنَاكَ بَدْرَةً في المَنَامِ

وَانْتَبَهْنَا كمَا انْتَبَهْتَ بلا شَيْ ... فكانَ النّوَالُ قَدْرَ الكَلامِ

كُنتَ فيما كَتَبْتَهُ نَائِمَ العَيْـن ......فَهَلْ كنتَ نائِمَ الأقْلامِ

//////////////////////

جاسم محمد كاظم