لبنات التعلم من منظور تربوي بقلم سلامة عودة
تاريخ النشر : 2019-03-20
لبنات التعلم من منظور تربوي بقلم سلامة عودة


لبنات التعلم
يطرق مسامع التربويين مصطلح جديد ذاع صيته ، وقد تبنته جامعة بيرزيت منذ زمن، وبدأت تدرب كوادر تربوية في جناحها المسمى التعليم المستمر، ولا بد من وقفة عند هذا المصطلح التربوي الذي كانت كلمة اللبنة أو اللبنات مقدمة لفكرة التعلم ، ولم يطلق عليها لبنات التعليم ، ذلك بأن عمادها الطالب أو المشارك الذي يبني التعلم لبنة تلو الأخرى ، ولعل سبب ذلك يرجع إلى أساس هذا المصطلح الذي انبثق من الدراسة الجامعية الثانية أو الثالثة؛ أي مرحلة الدراسات العليا، فهي تقوم على فكرة لبنة بناء المشروع أو الرسالة ، ومحور التعلم في الدراسات العليا يتكئ على الطالب في الأغلب الأعم، فهو محور المشروع أو الرسالة .
ففي المدرسة المعلم يقدم المعلومات وفق منهاج مركزي ، وتقويم ممنهج ، يقوم فيه المعلم على تقديم المادة العلمية ، المعلومات للطالب، ثم يسأل الطالب عن هذه المعلومات، ويتم تقويم الطالب وفق ذلك ، فالطالب متلق للمعلومات من مصادرها المعروفة المنهاج والمعلم ميسر وشارح وموضح لهذه المعلومات التي يتلقاها المتعلم ويعكسها وقت الطلب أو التقويم بأنواعه كافة ، سواء أكان قبلياً أو تكوينياً أو ختامياً، وهنا نلخص الأمر في أن المعلم يقدم المعلومات للطالب، أو يشرح المعلومات التي يتضمنها المنهاج ، ويطور ويعدل.
أما لبنات التعلم فقوامها وعمادها فكرة الدراسات العليا، فالطالب هنا يسأل عن المعلومات اللازمة لتطوير نشاط أو مشروع أو تقرير أو تحقيق... ينوي القيام به لبنة تعلم من نفسه، ودور المعلم توجيه الطلبة إلى مصادر المعلومات وتقديم الاستشارات الميسرة للطالب للحصول على المعلومات اللازمة للمعرفة والدراية ، وهذا يتطلب من المعلم بناء أنشطة هدفها جعل الطالب يعمل في جو أكاديمي كباحث عن المعلومات ومعالجتها وتقديمها لبنة تعلم للمعلم كي يقومها، أو يستشير المعلم في معلومات ضرورية لإكمال لبنة تعلمية اضطلع بها.
والحقيقة أننا أمام لبنات معدة من الطلبة أو المعلمين جاهزة ، وهذه للمحاكاة لا للحفظ ، لتكون إضاءة للطالب أو المعلم كي يحاكي نهجها ولا يحفظ مكنوناتها، ليتسنى لهذا الطالب أن يشغل محركات الإبداع عنده ، ويتمكن من معالجة الثورة المعلوماتية التي تقدم له من خلال محركات بحث المعرفة الإلكترونية مثلاً ، ولا يقتصر الأمر على المصادر الورقية ، وإنما التكامل بين هذه المصادر كي يتعلم بالخبرة والمهارة والاتجاهات بناء لبنة تعلم ينطلق بها وفق مهارات القرن الواحد والعشرين التي تنهض على مواقع التواصل، والتفكير الناقد ، وحل المشكلات العالقة وفق لبنات تعلم ريادية أو إبداعية .
ولا يخفى على التربويين أن مثل هذا المشروع الذي احتضنته جامعة بيرزيت قد يجابه ببعض المعوقات التي تنطلق من مستويات التفكير لدى الطلبة وفق فئاتهم المختلفة ، فالصف الدراسي يمكن التعاطي معه من خلال خصائص الطلبة ، فمنهم المتفوق في المباحث كافة ، ومنهم الموهوب في مبحث دون غيره، ومنهم بطيء التعلم ، ومنهم من يعاني صعوبات في التعلم ، وهناك فئات أخرى تترك لتقدير المعلم ، ومن هنا لا نجد التوافق بين جل الطلبة لبناء لبنات تعلم ، بل سيكون تقديم المعلومات والسؤال عنها ديدن المعلم الناجح حتى يقدم التعلم والتعليم للطلبة كافة ، صحيح أن هناك طلبة قادرين على بناء هذه اللبنات التي تؤسس للإبداع لكن قد لا تكون النسبة مرضية أحياناً ، ويضطر المعلم إلى استخدام لبنات التعلم للطلبة كي يفعل التقويم الواقعي في الغرفة الصفية ، ولبنات التعلم قد أخذها المنهاج في عين الأهمية من خلال الأنشطة التي ذيلت بها الدروس أو الوحدات الدراسية مع اختلاف التخصصات.
تبقى هذه الفكرة رائدة وتدخل معترك التجريب ، وتلقى رواجاً ولكن بالتوازي مع الاستراتيجيات الموظفة في الحقل التربوي سواء أكانت استراتيجيات التعلم النشط ، أو الصف النشط، ويترك المجال للمعلم خبيراً في صفه ويوظف ما يناسب مستوى الطلبة لديه.