خطر المخدرات على مصر بقلم:د.عادل عامر
تاريخ النشر : 2019-03-20
خطر المخدرات على مصر بقلم:د.عادل عامر


خطر المخدرات على مصر

الدكتور عادل عامر

انَّ للمخدرات أضراراً متعددة على الفرد والمجتمع وتفشيها وانتشارها بين أفراد المجتمع من أخطر الأمور التي يجب الحد منها بكافة الوسائل من قِبل جميع الجهات المعنيّة للحفاظ قدر الإمكان على نشأة جيل سويّ يتمتع بالأخلاق الطيبة ونشأته على الإيمان والإدراك والتطوّر والتقدم ومحبته وحرصه على عائلته ومجتمعه وبلده، ولا تنحصر أضرارها على الفرد بل تُشكل خطورة على الأسرة والمجتمع ومصالح الدولة بأمنها وإنتاجها واقتصادها

مخاوف كثيرة من توسع وانتشار المخدرات في مصر، حيث تعد من أكثر الدول العربية والأفريقية استهلاكًا للحشيش، علاوة على وجود أكثر من 10 ملايين متعاطي للمخدرات بجميع أنواعها، خاصة الأقراص المخدرة والحشيش، نصفهم تقريبا يقع تحت خط الإدمان أي يستهلك يومياً أو أكثر من مرة يومياً جرعته الدائمة من المخدر، ما يعنى أننا أمام كوارث صحية وبيئية محققة وتحتاج إلى جهود مضاعفة من الجميع للقضاء على المخدرات، حيث وصلت نسبة الإدمان إلى ما يزيد عن 3% من سكان مصر.

مملكة الكيف الوهمية، تتسبب في هلاوس سمعية وبصرية بسبب برشام مغشوش وحشيش مضروب، وأغلبها يخلط عليها مواد عطارة وحبوب هلوسة، حيث إن الحشيش يتم تصنيعه في مكابس محلية في مصر، بعد ندرة وجود الحشيش الأصلي المنزرع، لأنه لا تتم زراعته هنا ولكن يتم استيراده من الخارج وخلطه وتصنيعه في مصر، أسعار المخدرات ارتفعت في الآونة الأخيرة، حيث زادت بقفزات كبيرة، تزامنا مع زيادة الإقبال والطلب عليها، وتخطت الزيادة أكثر من 40%، حيث يتردد الملايين يومياً على تجار الكيف.

يعد إدمان المخدرات من أخطر المشكلات التي يتعرض لها الفرد والأسرة بل والمجتمع بشكل عام، حيث أن أضرار تعاطي المخدرات لا تمس مدمن المخدرات في صحته فقط، بل تمتد آثارها لتلحق أضرارًا اجتماعية واقتصادية عليه وعلى أسرته ومجتمعه. وسوف نقوم هنا بالتطرق لأضرار المخدرات والمخاطر التي قد يتعرض لها مدمن المخدرات.

ويتبين من خلال الكثير من الدراسات التي عُملت على أنواع كثيرة من المخدرات أنها تعد أحد الأسباب الرئيسية في كثير من أمراض العصر وأخطرها السرطانات بكافة أنواعها وكذا الأمراض النفسية منها الفصام والاكتئاب والجنون والأمراض العصبية منها الصرع وهي بالدرجة الرئيسية تتسبب بالإدمان على تعاطيها والإدمان بحد ذاته يعد واحدا من الأمراض التي تحتاج إلى العلاج عدا أن تكاليف العلاج تتطلب مبالغاً ضخمةً جدا لا يستطيع معظم المدمنون وأسرهم على تحملها إن طلبوا العلاج والتعافي ولنعطي هنا بعض الأنواع حقها في تبيان بعض ما تسببه من أضرار على حياة المتعاطي لها وعلى صحته بالتحديد : فنوع الشمة والتي هي عبارة عن تبغ غير محروق تضاف معه مواد كثيرة منها (العطرون (بيكربونات الصوديوم ) والتراب والأسمنت و ماء البحر والرماد والحناء والطحين وروث الحيوانات )

ومن أضرارها: أن فيها النيكوتين السام وهي مادة تسبب الإدمان وموجود في جميع أنواع التبغ لذا نرى من يتعاطى الشمة لا يستطيع تركها بسهولة لأنه أدمن عليها بسبب النيكوتين وهي تشوه منظر الفم فيصبح قبيحا وتكون رائحته كريهة وتسبب اصفرار الأسنان وتسوسها.

وتصيب الشخص المتعاطي لها في كثير من الحالات بسرطان الفم وسرطان اللثة وما تسببه الشمة من أضرار كذلك يسببه القات والتمبل وأنواعه المتعددة مثل الزردة والسوكه والخلطة وبعض أنواع الفوفل المنتشر بين الأطفال خصوصاً في عدن وبقية المحافظات الجنوبية من تشوه للأسنان وتفتيتها بسبب الطحن المستمر للمواد الصلبة فيها. أما الحشيش وهو يعد أكثر أنواع المخدرات انتشارا وتعاطياً في العالم.

يتبين من خلال ثلاث دراسات نشرت في إحدى المجلات البريطانية إن هناك علاقة بين تعاطي الحشيش عند الشباب في جيل المراهقة وبين تطور الفصام والاكتئاب في سن متقدمة أكثر. تعزز نتائج هذه الدراسات بالفعل ما وجد في دراسات سابقة والتي فحصت هذه العلاقة. ومع ذلك، ينبغي الإشارة إلى انه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان استخدام الحشيش يثير فقط الأعراض النفسية لدى الشباب الذين كانت لديهم هذه الميول منذ البداية، أو ما إذا كان هو بالفعل يسبب هذه الأمراض النفسية.

ووجد العلماء أيضا أن من أضرار الحشيش انه كلما ازداد استهلاكها، زاد أيضا خطر تطور الفصام في وقت لاحق. هذا الأمر ينطبق سواء على أولئك الذين يستخدمون القنب مع مخدرات أخرى، وأيضا أولئك الذين استخدموا الحشيش فقط وليس أي مخدر آخر. وما هو معروف بالفعل بالنسبة لأضرار الحشيش، هو أن استهلاك كمية كبيرة من الحشيش قد تؤدي لإثارة الحالات الذهنية، أو تفاقم هذه الحالات لدى الأشخاص الذين يعانون من أمراض نفسية. مستقبلات القنب تتركز بالأساس في الجهاز العصبي المركزي وتؤثر على مجموعة واسعة من الوظائف، مثل الذاكرة، العواطف، المفاهيم والحركات.

هذا غير أنه يعد من الأنواع التي يتسبب تكرار تعاطيها إلى الإدمان عليها ولكنه إدمان نفسي أكثر من كونه إدمان أو اعتماد عضوي أو جسدي. وبالنسبة لبقية أنواع المخدرات التخليقية كالأفيونات (الهيروين والمورفين والبيثدين ) أو الأمفيثامينات الكيميائية ( المنشطات الرياضية والجنسية ) وأنواع الأدوية والعقاقير الطبية كالمهدئات والمسكنات للألم المختلفة وكذا العقاقير التي تستخدم في علاجات الأمراض النفسية والعصبية فتلك لها من الأضرار والأخطار الكثيرة جسدياً ونفسياً على الأشخاص المتعاطون لها قد تصل إلى أن زيادة جرعة صغيرة منها فوق المعتاد أن تؤدي إلى قتل المتعاطي لها . ومن أشد الأضرار التي يتعرض لها مدمن المخدرات هو التأثير السلبي للمخدرات على صحة وجسم المدمن.

والتي من أبرز أضرارها التي يمكن من خلالها التعرف على مدمن المخدرات هي : حدوث اضطرابات في القلب، وارتفاع ضغط الدم الذي يؤدي في بعض الأحيان إلى حدوث انفجار الشرايين ومعها تنتهي حياته ببؤس شديد . التعرض لنوبات الصرع إذا توقف الجسم عن تعاطي المخدر فجأة . حدوث التهابات في المخ والتي تؤدي إلى الشعور بالهلوسة وأحيانًا فقدان الذاكرة. هذا غير موت عدد كبير من خلايا الدماغ بالتالي تدمير الجهاز العصبي المركزي .

تليف الكبد وبالتالي زيادة نسبة السموم في الجسم. اضطرابات الجهاز الهضمي وفقدان الشهية واشتداد حالات الإمساك والإسهال مما يؤدي إلى الهزال والشعور بعدم الاتزان. التأثير السلبي على النشاط الجنسي من ضعف يصيب الجنسين مع احتمالية كبيرة للإصابة بالعقم الإصابة بالأمراض الجنسية منها نقص المناعة وبعض الأمراض الفيروسية مثل فيروس الكبد البائي والتي تنتقل نتيجة لتعاطي المخدرات بالحقن. وهناك الكثير من الأضرار النفسية والعقلية التي يسببها الإدمان المخدرات الكيميائية والتخليقية أيضًا حدوث الضرر النفسي والعقلي لمتعاطي المخدرات، وقد يؤدى الإفراط في تعاطي المخدرات إلى حدوث أمراضًا نفسية مزمنة واضطرابات عقلية إذا لم يتم تدارك الأمر. من أمثلة الأضرار النفسية والعقلية للمخدرات: حدوث تغيير في تركيبة المخ بالإضافة إلى حدوث خلل في الطريقة التي يعمل بها. ظهور العديد من السلوكيات السلبية على متعاطي المخدرات مثل سرعة الاضطراب والشعور الدائم بالقلق. السلوك العدواني تجاه الآخرين. صعوبة التوقف عن إدمان المخدرات بصورة منفردة. إذا تمادى المدمن في تعاطي المخدرات وامتنع عن العلاج فقد يصل إلى مرحلة اللاعودة.

بالإضافة إلى أضرار المخدرات النفسية، هناك العديد من الأضرار الأخرى التي قد تصيب المجتمع كحوادث الطرق ولجوء المدمن إلى السرقة وربما إلى القتل أحيانًا، بالإضافة إلى الأذى الذي يلحقه المدمن بنفسه، فقد يصل الأمر أحيانًا إلى إقبال مدمن المخدرات على الانتحار. وإن أتينا إلى الأضرار الاجتماعية لانتشار المخدرات وتعاطيها خصوصاً بين الشباب فإنها تضر بالطاقات الاجتماعية التي يعول عليها المجتمع وذلك الإهدار الحاصل بالشباب المتعاطين للمخدرات، والتوتر والاضطراب الحاصل في الأسرة، وذهاب الطمأنينة انتشار الخوف والرعب من جميع الوجوه في الأسرة إضافة للخجل الاجتماعي الذي تعاني منه أسرة المدمن. وكثرة الحوادث خاصة حوادث الطرقات وذلك بسبب تأثير المخدرات على الجهاز العصبي وفقدان السيطرة والتركيز.

وارتفاع أسعار المخدرات مما يسبب مشاكل مالية وقد يسرق المتعاطي أو يقتل للحصول على المال، كذلك يلجأ للاحتيال بكل أنواعه للحصول على المخدرات أو يتعاون مع تجار المخدرات ويضع نفسه تحت طائلة القانون. ولادة أطفال مشوهين، الفراق والطلاق والتفكك الأسري ...الخ من مشاكل أسرية.

كيف يمكن الحد من مخاطر المخدرات؟ الوقاية خير من العلاج، ذلك هو الحل مع إدمان المخدرات، فإذا أتيحت الفرصة لتدارك مخاطر الإدمان قبل وقوعها وذلك يتم من خلال نشر الوعي في المجتمعات التي تتعرض لهجمات شرسة من قبل جماعات منظمة تقوم بنشر المخدرات في المجتمعات لذلك يجب على مدمن المخدرات ومن حوله ممن يحيطون به سرعة اتخاذ الإجراءات الوقائية التي تساعده على الإقلاع عن المخدرات والتخلص من آثارها قبل وصوله إلي مرحلة الإدمان.

من الإجراءات الوقائية التي ينبغي اتخاذها مبكرًا هي استشارة طبيب متخصص لعلاج الإدمان، واختيار المركز أو المصحة العلاجية للوقوف على درجة حالة الإدمان التي وصل إليها متعاطي المخدرات، وبالتالي تحديد البرنامج العلاجي المناسب. والتي نتمنى أن نمتلك واحداً مثله في بلادنا.

خصوصاً وأننا نعاني كثيراً من انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات والتي تتزايد يوماً بعد يوم ورغم محاولات أجهزة الأمن ممثلة بإدارة مكافحة المخدرات في عدن لمكافحة هذه الظاهرة والقبض على كل من له علاقة بالاتجار بها وترويجها في المجتمع أو حتى تعاطيها إلا أنهم يقفون في الأخير حيرى من مصير الشباب المدمنين على تعاطيها اللذين هم بحاجة إلى العلاج أكثر من حاجة المجتمع إلى عقابهم ونحن كذلك في مركز عدن للتوعية من خطر المخدرات نحتاج إلى من يقف إلى جانبنا بالدعم الكبير كي نستطيع إنشاء مركزاً لمعالجة الشباب الذي يقتنع باللجوء إلينا وطلب المساعدة للخروج والتخلص من حالة الإدمان التي وقع فيها سواء بإرادته أم عن طريق الأصحاب أو لأي ظرف كان في الأخير هو مريض وبحاجة إلى المساعدة ومن واجبنا كمجتمع أن نوفر لهم المساعدة اللازمة .. فمتى يا ترى ستتكاثف الجهود الجنوبية المخلصة لإنشاء مركز للعلاج من مرض الإدمان على المخدرات وتنقية مجتمعنا من شرورها وأضرارها؟

لا يخفى على أدنى عاقل ما يحدثه تناول المخدرات من أضرار جسيمة على الفرد والمجتمع، وقد ذكر العديد من العلماء والباحثون قديماً وحديثاً أضراراً كثيرة لهذه المواد المدمرة، وسنتحدث في هذا الموضوع عن الأضرار الاقتصادية المدمرة للمخدرات سواء كانت على الفرد وعائلته أو على الدولة.

الأضرار الاقتصادية للمخدرات إن تجارة المخدرات والإنفاق الدولي المترتب عليها يشكل خطراً جسيماً يهدد اقتصاد العالم بأسره، فقد أعلنت الأمم المتحدة أن جميع الأموال التي تنفق على تجارة المخدرات تقدر بحوالي300 مليار دولار سنوياً، ويمكن أن نقسم الأضرار الاقتصادية الناجمة عن تعاطي المخدرات إلى قسمين وهما كما يلي: أضرار المخدرات على دخل الشخص المتعاطي وحالة أسرته المادية -إن تعاطي المخدرات يؤدي إلى ضعف إنتاجية الفرد المتعاطي وقلة دخله، ويكون ذلك بسبب انهيار جسمه ، وحصول اختلال في تفكير الشخص المتعاطي، وكثرة شروده وغيابه عن عمله، وذلك سيؤدي إلى تعرضه للطرد من عمله مما يؤثر على دخله المادي.

-إن تعاطي المخدرات يسبب سوء حالة الأسرة المادية للشخص المتعاطي فالمخدرات تستقطع جزءاً كبيراً من دخل الشخص المتعاطي، وهذا الأمر له أثره البالغ على تقليل نفقات الشخص لأسرته، ولاسيما إذا كانت هذه الأسر فقيرة. -ففي الجمهورية العربية اليمنية مثلاً أثبتت الدراسات التي تم إجراؤها أن 13% من ميزانية الأسرة ينفق على القات، والقات هو نوع من أنواع المخدرات. أضرار المخدرات على اقتصاد الدولة

-إن الدول تنفق مبالغ ضخمة في عمليات مكافحة المخدرات، وأيضاً في توفير الرعاية الصحية والاجتماعية تنفق المبالغ الطائلة في رعاية الموقوفين ونزلاء السجون من المتورطين في قضايا المخدرات. -ولو تم صرف هذه المبالغ على المشاريع النافعة لكان لها أثرها الكبير في دفع عجلة التنمية وازدهار جميع البلاد.

-ففي مصر على سبيل المثال تبلغ الخسائر السنوية في عمليات المخدرات حوالي مليار ونصف مليار جنيه سنوياً. -إن انخفاض الناتج القومي نظراً لضعف إنتاجية العاملين المدمنين وذلك يكون بسبب تغيبهم عن العمل، أو بسبب تكاسلهم، أو بسبب تعرضهم للإصابة والحوادث.

-قد تكون المخدرات من أسباب التخلي عن العمل أو الوظيفة أو تكون سبباً في طرد المتعاطي منها فتزيد نسبة البطالة، ويصبح المتعاطون عالة كبيرة على المجتمع. -إن زراعة المخدرات تؤثر تأثيراً بالغاً على الزراعات المشروعة في البلاد، فنذكر أنه في اليمن مثلاً أشار مركز الدراسات والبحوث اليمني أن المساحات التي زراعة القات فيها تبلغ 15% من أجود أنواع الأراضي وأخصبها، وأنها في حالة اتساع دائم مستمر على حساب الأراضي المخصصة لزراعة الغذائية من البن والخضروات والفواكه، مما يكون سبباً في إحباط برامج التنمية وشل الحركة الاقتصادية بشكل كبير.

-إن الأعباء الاقتصادية المترتبة على تلف السيارات والممتلكات والتي يكون سببها الحوادث المرورية، ونضيف إلى هذا التلف الذي يلحق بالممتلكات العامة والخاصة، ويعود ذلك بسبب سلوك المدمن الشديد العدائية، مما يشكل عبئاً كبيراً على اقتصاد الأفراد والدول. -يعتبر استنزاف ثروات البلاد المسلمة بسبب أسعار المخدرات الباهظة الثمن، وانتقال أموال المسلمين إلى أيدي الأعداء في الخارج من عصابات المخدرات وغيرهم.