فلندّعي الانتصار بقلم: جنان زيدان
تاريخ النشر : 2019-03-19
فلندّعي الانتصار بقلم: جنان زيدان


فلندّعي الانتصار
بقلم: جنان زيدان

فلندّعي الانتصار رغم أننا مهددون والخطر يحيط بِنَا من كل الحدود.. فلنعش وكأننا أقوياء رغم أننا من الداخل مكسورين، لا شيء يجبر كل تلك الكسور. فلندّعي أننا هاربون من واقعنا المرير رغم أن الخطوات ثابتة وكأننا بالسجن المؤبد محكومين، فلنهرع إلى أحضان الحرية رغم أن يداها مبتورتين عاجزة عن احتضاننا.

فلندّعي أننا سعداء رغم أن الحزن ينهش أروحنا، فليكن إدّعائنا الكاذب نافذة لنا كي نعيش الحياة. كل شيء يشّدنا إلى الهاوية ونحن نبحث عن طوَّق نجاة، أحياناً من يدّعون أنهم طوق النجاة هم يدفعون  بِنَا سريعاً إلى الهلاك.

هي متاهة مخيفة لا ندري كيف دخلناها ولا كيف السبيل للخروج منها. أسئلة كثيرة يتيمة الإجابات، شروق شمس مظلم وغروب مشرق اختلطت علينا الأوقات. كيف يضيع الإنسان في حياة يُفترض أن تساعده على أن يجد نفسه؟ وكيف يضيع في متاهات لا نهاية لها بعد أن يجد كل ما يبحث عنه؟.

تناقضات تؤثر على سلوك البشر وعلى نفسيتهم.

الإدّعاء هو الحل لكل هذا الضياع، فلندّعي أن من أهديناهم أوقاتا جميلة لم يجرحونا بكلام أو بتصرف، ولندّعي الفرحة رغم أن الحزن الذي يولد كل يوم بألف طريقة يُنهكنا، فلنرى الشمس وسط الضباب ونقتل الخوف الذي يعترينا أن مشينا وحيدين وسط الظلام، الظلام لم يعد يخيفنا فهناك ظلمات حالكة في قلوب البشر أكثر رعباً من ظلمة الليل.

ولندّعي الأمل رغم أن الخذلان يحيط بنا.

لربما الحل الوحيد لاستيعاب ما يجري من حولنا هو العيش في حالة إنكار تامة، لكن تلك الحالة لا بد أن يلفّها اليقين. حالة الإنكار تلك نستخدمها لتخفيف مراحل الألم أو الإدّعاء بأن لا وجود له ولكن يجب أن نبقى متيقظين في نفس الوقت.

لنستمر في رحلة الحياة المرهقة علينا أن نتغافل ونتعالى عن أشياء كثيرة وأشخاص كثر، فلتستمر بالإدّعاء ما دام الأكثرية مستمرون في الإيذاء. فلنبقى أقوياء نفسياً وعقليًا وإن بان علينا الضعف وقلة الحيلة في بعض الأوقات. فلندّعي أن الحياة جميلة ونبقى سعداء، ولندّعي أن من خذلنا لم يكن موجوداً في حياتنا بل كان سراب، ولندّعي أن الوجع الذي يرقد في قلوبنا هو بداية النهاية لكل ما فات. ولنبتسم وإن كانت أرواحنا تتمزق قهراً يكفي أن لا ندع الدمع يتسلل إلى مآقينا فيزيدنا انكسار.

فلندّعي الحياة وسط مدن تناجي الموت كل يوم، ولندّعي أننا ما زلنا أحياء في أوطان تغتالنا هويتها كل لحظة...

فلندّعي كل شيء جميل رغم بشاعة ما حولنا، فالإدّعاء في حضور الواقع الأليم انتصار.

* كاتبة من لبنان صدر لها كتاب Let them go with a smile