أحداث نيوزيلاندا ...الإرهاب لا دين له بقلم:رلى السماعين
تاريخ النشر : 2019-03-19
أحداث نيوزيلاندا ...الإرهاب لا دين له 
رلى السماعين* 

نكررها دائماً أن الارهاب لا دين ولا حدود له ، إلا أنه  اتّضح مؤخرا ً أن له سياسة وأهدافا، معاكسة لكل ما هو إنساني وأخلاقي، وهو يهدف إلى بث شعور الخوف والحزن من خلال شل المنطق والتفكير السليم القائم على العقلانية والهدوء ،من أجل تسهيل زرع بذور  الخصومات والتفرقة.،وإشاعة الفوضى في المجتمع أي مجتمع 

ما حصل في نيوزيلاندا  يوم الجمعة الماضي ضد مصلين مسلمين كانوا يؤدون فريضة الجمعة في المساجد ،أمر مرفوض من المنطلق الانساني والديني، فالأديان تحث على الوئام والاحترام وما أنزلها الله إلا للم شمل العائلة الإنسانية على مائدة الإستقامة  والمحبة والمودة ،  وعكس ذلك فهو فعل جبان  يصدر عن جبناء إستهدفوا مواطنين عاديين مجردين من وسائل الدفاع عن النفس. 

رأيت في الساعات الماضية بأنه من الوضاعة والبساطة أن نسمح للبعض باستغلال اللحظات المؤلمة  وتحويلها إلى فرصة لبث الشقاق والفتنة،والمطلوب منا جميعا التقارب والحوار الهادف البناء ،حتى وإن طال امد الحوار ،فذلك أحب إلى الله من التسبب في إنزال قطرة دم واحدة ،من أي كان فكلنا عبيد الله والله محبة.

ما قيمة منطق العقل إذا أعطينا المساحة العظمى للمشاعر،وسمحنا لها  بالتحكم فينا خاصة في اوقات الأزمات التي تخلط الألوان وتحجب النظرة العقلانية ،وتشيع فكرة الثأر وهكذا دواليك ،نخالف دعوة الله لنا ،ونتحول من عمّار للأرض إلى مخربين لها .

ما نحتاجه الآن هو  إبراز صوت الحق والمنطق والعقلانية، وبنفس الوقت نحتاج أحياناً إلى لحظات صمت وتأمل وهدوء كي نتجاوز اللحظة المدمرة، ونعطي أنفسنا وقتا حتى نستوعب ما حدث ونتحاور بدلا من أن نتخاصم لنحصن مجتمعنا من التمزق والانعزالية. 

 الدور الكبير الآن على الاعلام في نقل الخبر بحيادية وتجرد وبذكاء، لأن السلاح الحقيقي هو بين أيدينا كصحافيين وإعلاميين، في نشر ثقافة الاحترام وقبول الآخر والتركيز على القيم الانسانية الجامعة، مؤكدين بأننا جميعا نئن ونتألم من هكذا أحداث ،فالإنسانية  لا تميز بين  دين أو عرق أو لون أو جنس...  رحمة الله على شهداء أحداث نيوزيلاندا والعزاء لعائلاتهم وأحبتهم. 

*صحافية مختصة في شؤون الحوار بين أتباع الاديان في الاردن والشرق الاوسط ومؤلفة كتاب "حصن السلام؛ التجربة الاردنية في الحوارات بين أتباع الاديان ونموذج العيش المشترك"