ترامب.. الوهم والنصيحة! بقلم رفيق أحمد علي
تاريخ النشر : 2019-03-18
ترامب.. الوهم والنصيحة! بقلم رفيق أحمد علي


ترامب.. الوهم والنصيحة!
يرسم الرئيس الأمريكي الحالي "ترامب" متوهماً.. مديّثاً له صهره "كوشنير موطّئاً، خطة سلامه المدعوّة ""صفقة القرن" ولم يعلن عنها أو عن بدء تنفيذها؛ إما مؤجلاً أو متخوّفاً متخاذلاً.. وإن قد ظهر الكثير من أعراضها وإملاءاتها الغابنة! وأبرز ذلك هو تخلّي الشعب الفلسطيني اللاجئ عن حقه في العودة إلى أرضه ودياره، وعن القدس كعاصمة لدولته المقررة شرعياً وأممياً، والتي ستئول إلى صورة الحكم الذاتي المسيطر عليه من قبل الكيان الصهيوني الغاصب! ذلك وغيره من صور الغبن لحق شعبنا والاستمرار في محاولات سحقه وإذلاله، مقابل الارتشاء بميلغ كبير من المال يوزع على الفلسطينيين بالاقتسام مع ثلاث دول عربية مجاورة، والغالب أنه سيتوفر من الدول العربية الأخرى الأكثر غنى.. يعني كما يقول المثل الشعبي: "من دقنه شبّقله"! يرسم ترامب لصفقته ويحاول تسريب إملاءاتها أو تخيّل واقعيتها وفرضها، وكأنه لا معارض له ولا عقبة في طريقه! لا شعب لا سلطة.. لا مقاومة لا جهاد، دام سبعين عاماً ولا يزال.. وكأنّ إغراءً بالمال سيثني هذا الشعب عن هدفه وحقه، ويقبل بما هو بعيدٌ بل محال! وخاب ظنّه؛ إذ ليست التجارة بالعقار والخضار كالتجارة بالديار وأصحاب الديار.. وإذا ظنّ أنه- بشرائه لبعض العرب، أو على الأصح بعض حكامهم التابعين المنبطحين العاملين لمصالحهم الخاصة، ولم يكتووا بنيران النكبة والتشريد كما اكتوى شعبنا- يستطيع- هذا الترامب- بصدقات ملياراته أن يشتري هذا الشعب طامساً على جراحه وتضحياته، دائساً على حقوقه وشرعياته.. فقد وهم وهماً كبيراً، وزلّ زللاً خطيراً! ونصيحتنا له أن يوفر على نفسه جهد العمل بأباطيله وأوهامه، وأن يراجع حساب تجارته قبل أن يمنى بالخسارة التي لا يستطيع تعويضها أو تحمّل تبعاتها! وأنه مهما عرف من عرب العصر أو بعض أعرابه المرتدة من خورٍ أو استكانةٍ أو خذلان، فلن يجد في شعب الرباط في غزة متاخمةً لعسقلان- وإنّها لأفضل الرباط كما جاء في الخبر- وأكناف بيت المقدس وجنوب لبنان إلا رجالاً لا يغريهم مال ولا يزعزع عزيمتهم أحوال، على الحق ظاهرين لعدوهم غائظين قاهرين حتى يأتي أمر الله بنصره المبين!
وإلى عربنا المخدّرين المنعّمين بدفق الذهب الأسود والأبيض، المهووسين بذلّ التبعية لأصحاب القوى المادية.. المهرولين للتطبيع مع الصهاينة المعتدين الغاصبين.. نقول: فوقوا لأنفسكم .. تحرروا من ذلكم.. تذكّروا مجد أجدادكم.. أعيدوا عزة إسلامكم! وإلى إخواننا الصابرين الصامدين هنا في غزةَ تحت الحصار والفاقة والبطالة والتجويع وقصف المباني والتدمير، وهناك في الضفة تحت المطاردة الساخنة والاعتقال ومصادرة الأراضي وهدم البيوت.. نقول: إنا صابرون صامدون متفهمون لقول الله تعالى: "يأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلجون" وقوله سبحانه: " ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين"
وإلى الشهداء المسلمين الخمسين الذين طالتهم يد الغدر في بلاد الغربة، أخيراً في بيتين من بيوت الله، إلى جنة الخلد إن شاء الله. أما أنتم أيها الحاقدون على الإسلام والمسلمين فلن تكسبوا شيئاً من سفككم الدماء البريئة، ولن تغيّروا من إسلام المسلمين في كل بقاع الأرض، ولا صلاتهم في المساجد التي ندعو الله تعالى أن يحفظها من أمثالكم، ولا ندعو أيّ مسلمٍ أن يصنع صنيعكم الآثم في كنائسكم، وليس منا من اعتدى عليها أو على البريئين الآمنين فيها! وقدوتنا في ذلك رسولنا الكريم- صلى الله عليه وسلم- عندما حافظ على الكتابيين ومعابدهم في المدينة وأعطاهم حق المواطنة ولو أنهم غدروا فنالوا جزاءهم.. ثم أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- عندما أبى أن يبني المسجد مكان الكنيسة بعد فتح بيت المقدس، فاعتبروا يا أولي الأبصار.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ