الغلابة يا حكومة بقلم سعيد أبو غـــزة
تاريخ النشر : 2019-03-18
الغلابة يا حكومة بقلم سعيد أبو غـــزة


الغلابة يا حكومة

بقلم/ سعيد أبو غـــــزة

الحراك الشعبي أو الشبابي الذي دار رحاه خلال الثلاثة أيام الماضية في محافظات غزة، و ما نتج عنه من سلبيات عميقة سياسية و إجتماعية و نفسية تحتاج وقفة عقلانية لكل أولياء الأمور في غزة و رام الله. خرجت مجموعة من الشبان العاطلين عن العمل برفقة موظفين يتقاضون نصف الراتب يصاحبهم الغلابة ممن لا يجدون لقمة العيش ضد غلاء المعيشة الذي ينهش في أجساد الفقراء المتشحبة جوعاً، الغلابة المطحونين قهرا و فقراً من كلا الجهتين ما بين إجراءات رام الله العقابية و ما بين إجراءات غزة غير المقبولة في غلاء الأسعار و فرض ضرائب غير عقلانية على السلع الإستهلاكية، بجانب الحصار الإسرائيلي الخانق المؤثر في كافة النواحي، جعل الشباب تنظيم إحتجاجات على تردي الأحوال المعيشية بإفتراض أن الحراك تم شعبياً دون التخطيط من رام الله كما تزعم حماس. فلماذا تحولت إلى ما سارت عليه من ضرب و مداهمات و إلقاء حجارة و إحراق إطارات السيارات؟ الفتنة نائمة ملعون من أشعلها، التظاهرات السلمية منصوص عليها في القانون الأساسي الفلسطيني و يجب عدم تدخل قوات الشرطة في فضها طالما لم تخرج عن السلوك السلمي الواعي للمطالبة بالحقوق الأساسية للعيش الكريم. الفقر و الحاجة و تضييق الخناق على لقمة عيش الغلابة يُشعل نيران القهر و الإحتجاج، الغلابة في وطني مسحوقين تحت إجراءات حكومتين و حزبين و تنظيمين و شعارين و مجدين. إن ما حدث من تبعيات مؤسفة و غير مقبولة وطنياً يستدعي على حكومة رام الله الوقوف أمام إجراءاتها العقابية للراتب و إرجاعه كاملاً لانه حق و ليس منّة، و على حكومة حماس أن تُحكم عقلانية الأنسان و عدالة الحاكم في ممارساتها الحكومية، و لا تجعل من جيوب الناس مورداً مالياً حال ضاق الخناق المالي عليها، الغلابة في غزة مسحوقين حقاً، رواتبهم مقصوصة و حقوقهم منقوصة و أمالهم ممسوحة، ضاقت صدورهم من إتمام المصالحة الوطنية، فباتوا مكلومين خلف تلبية إحتياجاتهم اليومية الصعبة ما بين لقمة العيش و رسوم التعليم و الخدمات و ما بين المحاولة للعيش بكرامة في وطن محتل يتنازع حزبين على سلطة منزوعة القوام السياسي.

الغلابة في وطني كُثر، العاطلين غلابة، و الشباب الخرجين غلابة، و متقاضي نصف الراتب غلابة، و المستفيدي من الشؤون الإجتماعية غلابة، و المزارعين غلابة، و التجار غلابة، و أبناء حكومة حماس غلابة، الغلابة يا حكومة هم من لا حول لهم و لا قوة، من لا يستطيع إكمال تعليم أبناءه و سداد أقساط قرضه، الغلابة يا حكومة منتشرين في الشوارع يمدون أيدهم للإسترزاق، الغلابة يا حكومة من لا يستطيع شراء كيلو البندورة، و الغلابة أيضاً من لا يستطيعون شراء علبة السجائر.

أرفعوا أيديكم عن الشعب المكلوم المضطهد من سياساتكم القمعية و التحريضية و الإقصائية، إلتفوا حوال شعبكم و همومه، عالجوا جراحاته النفسية و المجتمعية بعد مرارة أحداث الأيام السابقة، أعيدوا المحبة و اللُحمّة لأبناء المخيم، أعيدوا الرواتب كاملةً و تصافحوا و تعانقوا و عودا أخوة، أحرقوا الهروات التي أوجعت، و أعتذروا عن إنتهاك الحريات و الحرمات، فذاكرة الحكومات قصيرة و ذاكرة الشعب عميقة و تعاقب كل من تجرأ على كرامته و عيشه الكريم.

غـــزة لا تُهان من الحكومات، و أهلها كريم مُسامح عاشق للحريات، أعيدوا ترتيب أجنداتكم و أعيدوا للشارع الغزي كرامته و إحترامه و راتبه و أزيلوا الضرئب التي أوجعت رغيف الخبز الحافي.