رُوح الحياة بقلم:منجد النّور الكرعاني
تاريخ النشر : 2019-03-18
رُوح الحياة

غريب أمرنا يا فتاة!

و غريبة هي الحياة!

كم مِن مناجاة، قبل اللِّقاء،

و كم مِن شرود!

لا رُوح بحياة غاب عنها رَوح

توأم الرُّوح

منذ عهود،

و لا بَهار بغدير

زُيِّنَت به شبه حياة

كان عنوانها عزلة بُلبل

بقفص القيود.

و بعد التّلاق...

صارت للحياة رُوح

و صِرت رُوح الحياة.

بِتُّ أعي أنّ هذه الزّهرة،

الّتي يدّعون أنّ بدرها منضود،

لها رُوح لا تُنجِبها

إلّا نُدُوَّة الهوى،

لا يدركها كلّ قلب أعمى،

و يدّعي...

و تدّعي...

أنّهم على قيد الحياة؟!

اليوم، أخبر كُلّ عرق مسدود؛

مِن شرفة الأفلاك،

و أنا أرمقهم مِن بعيد،

بقنديلي هذا الممدود،

أنّهم بقيد حياة يسود،

لا أقلّ و لا أكثر.

كُنتِ... و كُنتُ... كُنّا مثلهم!

نصنع لنا عذرا يَقُودنا

إلى تلك السّراديب

الّتي حدّثتك عنها

ليلة الغفران،

و معه ابتسامة المهرّجين

مع البعيد و القريب،

تائهة أجسادنا...، ذواتنا...،

ضائعة سنواتنا

و معها تغريد العندليب،

بالأحرى، شَجْو العندليب!

أجسادا، ذواتا، ظلالا...

لا رُوح بها؛ كانوا و كُنّا…

جمادا.

اليوم، آض الجماد جمالا، مع الحبيب،

بل آض إنسانا.

اليوم، تسائلني ألوان الحياة:

هل كُلّ إنسان إنسانا في البلاد؟

هل الإنسان إنسانا

دون خفقان؟ دون رعشة؟ دون كَلَف؟

و مَن يكفل كَلَف رُوحين ائتلفا سِرّا؟

و هل الجماد يفهم شيئا

مِن قدسية شَغَف فؤاد

كلّفَنا عُمرا،

كلّفَنا حسرة على العباد،

قبل أن ترحم غبننا الأقدار

تلك الثّانية؟

ثانية رُوحين أضناهما شوق الوصال

أثناء فصول الكساد،

ثانية الانتضاح..

ثانية النّدم على كُلّ شبه إنسان

جرح رُوحنا قبل الوداد.

ندمنا كثيرا قليلا

ثُمّ ضمّدنا السّواد

و عُدنا أحياء

و أصبحنا نحيا:

نرى شمساً لا تأفل

و نعرف معناها،  

نطفو و نُحلِّق بين البحر و السّماء،

أصبحنا نتنفّس، لا الصُّعداء،

الهواء!

أمسينا نفهم كُلّ الأسماء،

و نحن نتساءل

بتلك الحجرة البسيطة السّعيدة

أمام لوحة العنقاء:

كيف استطعنا العيش سنين دأْبا؟

كيف كُنّا نحيا قبل اللّقاء؟

منجد النور الكرعاني