فوق الجراح بقلم:خالد صادق
تاريخ النشر : 2019-03-17
فوق الجراح بقلم:خالد صادق


فـوق الـجـراح
خالد صادق
مر العدوان الصهيوني على قطاع غزة مرور الكرام, «إسرائيل» تزعم أنها قصفت مائة هدف في قطاع غزة خلال هذا العدوان, وقالت ان مهمتها لا زالت مستمرة, ورغم ذلك هناك تجاهل لخطورة هذا العدوان الصهيوني الغاشم, حتى بيان سرايا القدس الذي حذر من استمرار العدوان وأعلن النفير العام انتقدوه, وكأنه كان مطلوباً منا أن نتلقى الضربة من الاحتلال في صمت, وغير مسموح ان نرفع صوتنا, وكأنه كان لزاما علينا ان ندفن رأسنا في الرمال, ونفوت الفرصة على الاحتلال حتى لا يصعد ضد شعبنا, وكأن الاحتلال يحتاج لمبررات للتصعيد, المائة هدف التي يتحدث عنها الاحتلال والتي صنعها من «الوهم» لم تشغل بال الكثيرين, وانتقلنا بسرعة فائقة إلى مناكفات داخلية وحملات إعلامية, وكان الفعل ورد الفعل, وانشغلنا عن جرائم الاحتلال الذي أعلن ان عدوانه على غزة لم ينته, ولا زال مستمرا, وان بازار الانتخابات الصهيونية قائم بالأساس على إراقة دماء الفلسطينيين وإزهاق أرواحهم وإيقاع اكبر الخسائر في صفوفهم, وهناك تنافس بين المرشحين الصهاينة لانتخابات الكنيست الصهيوني في التحريض على القتل وسفك الدماء وإزهاق الأرواح .

من حق الناس ان تطالب بتحسين أوضاعها المعيشية, وان تحتج على زيادة الضرائب وغلاء الأسعار, فهذا حق مكفول بالقانون, لكن للأسف الشديد هناك من تغافل تماما عن عدوان الاحتلال على قطاع غزة, وأراد ان يستغل احتجاجات المواطنين لصالحه, وحاول استثمار الحراك الشعبي لصالحه, وحرفه عن مساره ومبتغاه, ظانا ان الناس قد ضجت من المقاومة, وأنها سئمت من مواجهة الاحتلال, كما ان عناصر الأمن في قطاع غزة تعاملوا مع الحراك الجماهيري بعنف كبير وغير مبرر, وأخذوا الحابل بالنابل, واعتقدوا ان كل صيحة عليهم وكل صرخة تطلق في وجوههم, ولم يميزوا بين من خرج فعلا لأنه غير قادر على العيش الكريم وتسيير وضعه المعيشي, ومن خرج ليوجه الحراك الشعبي لخدمة أهدافه ومصالحه, فتداخلت الأمور لديه وانساق في موجة القمع بدافع الخوف من النتائج التي قد تصل إليها الأمور والتي قد لا يحمد عقباها, خاصة ان وسائل الإعلام التابعة للسلطة وخاصة تلفزيون فلسطين بث موجة مفتوحة على الهواء مباشرة, وبدأ يستغل الأحداث للتثوير والتحريض, رغم انه لم يفعل ذلك عندما كانت طائرات الاحتلال تقصف في قطاع غزة.

السؤال الذي يطرح نفسه الآن, ماذا لو تخلت حماس عن إدارة شؤون قطاع غزة, هل يمكن للسلطة ان تأتي لإدارة الأوضاع وتحمل مسؤولية الناس, والإجابة بوضوح بالطبع لا, لأن حماس سبق وان عرضت على السلطة تسلم قطاع غزة بلا أي شروط. لكن السلطة رفضت لأنها تريد ان تتسلم قطاع غزة بشروطها هي, بمعنى ان تتسلم قطاع غزة خالياً من السلاح, وبلا أجنحة عسكرية, وبلا مقاومة للاحتلال, وقابل للتنسيق الأمني مع الاحتلال الصهيوني, وسبيله الوحيد لمقاومة الاحتلال هو «طريق السلام» ولا شيء غير السلام, أليس هذا ما قاله رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في أكثر من مناسبة, ويؤكد عليه باستمرار, إذن المطلوب حسب رؤية السلطة ليس تحسين أوضاع الناس الاقتصادية, بدليل أنها تفرض عقوبات اقتصادية على قطاع غزة, وترفض مد وزارات غزة كالتعليم والصحة والشؤون الاجتماعية والتشغيل بالميزانيات المطلوبة لمساعدة المواطنين, وتقطع رواتب الموظفين, وتوقف كفالات الأيتام, وتحرم أهلنا في قطاع غزة من الضرائب التي يدفعونها لتحسين أوضاعهم, انه الواقع المر الذي يجب ان نقف أمامه ونصارح أنفسنا به.

نؤكد مجددا أننا مع حراك الناس لتحسين أوضاعهم المعيشية, ووقف فرض الضرائب عليهم, وتوفير فرص عمل لهم, يجب مراعاة الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها المواطن الفلسطيني, خاصة في قطاع غزة, ونرفض كل أشكال القمع التي تمارسها أجهزة الأمن في غزة بحق المحتجين, ونرفض الاعتقال السياسي جملة وتفصيلا, كما نرفض الاعتقال على خلفية المطالبة بوقف مسلسل رفع الضرائب وتحسين الأوضاع وخلق فرص عمل جديدة, وفي نفس الوقت نحذر من توجيه الحراك الجماهيري ضد المقاومة الفلسطينية وفصائلها, وحق الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال وتعدد خيارات المواجهة, ومحاولات حرف البوصلة عن مسارها الصحيح في وجه الاحتلال, وتجريم البندقية الفلسطينية, سنبقى نقاوم الاحتلال حتى لو تكالبت علينا كل قوى الشر في العالم, وستبقى البندقية الفلسطينية مقدسة وبعيدة عن المساومة والمقامرة ولن نسمح للمتاجرة بها, الاحتلال لا زالت معركته قائمة معنا, ويحتاج إلى ان تتضافر الجهود للتصدي لمخططاته وإفشال أهدافه, وستبقى غزة كما عهدناها دائما تعلو فوق الجراح حتى تكسر حصارها, وتحقق غاياتها بتحرير فلسطين كل فلسطين من نهرها إلى بحرها شاء من شاء وأبى من أبى.