رجال السياسة والدين العرب والمسلمين ومجزرة نيوزيلندا
تاريخ النشر : 2019-03-17
رجال السياسة والدين العرب والمسلمين ومجزرة نيوزيلندا


 بقلم د. كاظم ناصر
مجزرة نيوزلندا ليست الأولى ولن تكون الأخيرة التي يقتل فيها العنصريّون البيض مسلمين أبرياء بدم بارد، ويعلنون للعالم أنهم قاموا بأعمالهم الوحشية بدافع حقدهم على الإسلام والمسلمين؛ فقتل المسلمين لا يخيف أحدا، ويمرّ كزوبعة في فنجان تخمد آثارها سريعا.
ما حدث في نيوزيلندا وبعض دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا ضد الإسلام والمسلمين، يدلّ دلالة واضحة على تصاعد الحقد العنصري والديني الذي ترعاه أحزاب اليمين المتطرف الأوروبية والمحافظين الجدد في الولايات المتحدة، وتدعمه سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العنصرية اللاأخلاقية الابتزازية.
الأخلاق الإنسانية السويّة ترفض القتل، والله يقول في القرآن الكريم " من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا"، والمسيحيّة ترفض العنف والقتل وتبشّر بالمحبّة والتآخي الإنساني؛ والديانات والفلسفات الأخرى تدعوا إلى التسامح والعيش المشترك بين شعوب الأرض، لكن المؤسف هو تصاعد العنصريّة والكراهية والإقصاء للآخر في مناطق مختلفة، وبصورة خاصة في الدول الديموقراطية الأكثر تقدما بين دول العالم.
الدول العربية والإسلامية وكبار رجال الدين تعوّدوا على الذل وهانوا وهان الهوان عليهم، ولهذا لم يفعلوا شيئا ضدّ العنصريين الذين أساؤوا لدينهم، واقتصرت ردود فعلهم على الجرائم التي ترتكب ضد المسلمين على الاستنكار والتصريحات الجوفاء والوعود بالرد " في الوقت المناسب"؛ فنحن كشعوب وحكام ورجال دين فقدنا الإحساس بكرامتنا، ونستسلم بسهولة لمن يعتدي علينا؛ لكن الحال يختلف تماما عندما يهان، أو يسجن، أو يقتل أمريكيا أو إسرائيليا أو يابانيا، أو فلبينيا الخ؛ حيث تهب الدول المعنية للدفاع عن مواطنيها وكرامتها، ولا تساوم ولا تتنازل عن قيمها ومبادئها، وترد الصفعة صفعتين!
موقف الدول الإسلامية ورجال الدين المسلمين من المذبحة التي ارتكبها العنصري الأسترالي برينتون تارنت ضدّ المصلين في نيوزلندا، ومن التجاوزات والجرائم التي ترتكب بحق المسلمين في مناطق مختلفة من العالم يتسم بالجبن والعار؛ حكام الدول العربية والإسلامية يمكنهم عمل الكثير سياسيا واقتصاديا وقانونيا للتصدي لمن يهين دينهم ويعتدي على مواطنيهم الأبرياء، لكن العبيد لا يمكنهم حماية عبيدا آخرين؛ فمعظم هؤلاء الحكام تستعبدهم دول الغرب التي تحمي أنظمتهم، ومعظم كبار رجال الدين المسلمين تخلوا عن دورهم في توعية الأمة والعمل على استنهاضها وقبلوا العبودية لأسيادهم الحكّام، والشعوب تلهث وراء رغيف الخبز واستسلمت للذل والطغيان؛ وما دام " الحال على هذا المنوال" سيقتل ويهان المزيد من العرب والمسلمين، ونظل نستنكر ونهدد بالرد الذي قد لا يأتي أبدا!