الواقع السياسي المحلي والإقليمي والدولي في المختصر المفيد بقلم:د.عقل صلاح
تاريخ النشر : 2019-03-17
الواقع السياسي المحلي والإقليمي والدولي في المختصر المفيد بقلم:د.عقل صلاح


الواقع السياسي المحلي والإقليمي والدولي في المختصر المفيد

د.عقل صلاح*

تهدف هذه المقالة تسليط الضوء على بعض المتغيرات الاستراتيجية في الواقع السياسي ومدى تأثيرها على القضية الفلسطينية بعد انكشاف الموقف عربي الذي تخلي عن دوره في الدفاع عن قضية الأمة العربية القضية الفلسطينية، وستحاول هذه المقالة البحث في دور خمسة مرجعيات سياسية أساسية وهي:

أولها، السلطة الوطنية الفلسطينية: لقد أعدمت إسرائيل اتفاق أوسلو، كما أنها لم تلتزم بأي بند من بنود اتفاقية باريس الاقتصادية وتسرح وتمرح في الضفة من خلال الاعتقال والهدم ومصادرة الأراضي وسرقة أموال الفلسطينيين، وتشرع القوانين لاستهداف الشعب والأسرى. وفي المقابل لم تخرج السلطة من دائرة التهديد والوعيد والتنديد والشجب، ولم تقم حتى بموقف واحد يجعل إسرائيل تفكر بالتوقف عن استهداف كل الثوابت الوطنية، فكل قرارات المجلس الوطني والمركزي منذ عام 2015 وحتى الآن بقيت حبرًا على ورق، ولم يتم المساس في التنسيق الأمني.

ثانيها، حركة حماس: كيف طوعت أفكارها وغلبت الجانب السياسي على الأيديولوجي"العقائدي"؟، هل مغريات الحكم والسلطة والمشاركة في النظام السياسي الفلسطيني، يتطلب من الحركة أن تغادر معتقداتها من أجل البقاء في حكم القطاع؟.

ماهي العوامل الذاتية والموضوعية التي أدت إلى إصدار حركة حماس وثيقتها السياسية الجديدة عام2017، "وثيقة السياسات العامة" التي صبغت بالصبغة السياسية بعكس ميثاق عام 1988. مع العلم أن الحركة تتعرض لأبشع مخطط عربي- إسرائيلي- أمريكي بقيادة قطر لتطويعها واخضاعها عبر وسيلة العصا والجزرة، فإسرائيل والحصار العربي هو العصا وأموال قطر هي الجزرة.

ثالثها، الدول العربية: كيف تؤثر قضية احتلال القدس من قبل إسرائيل على العلاقات العربية الإسرائيلية؟، هل مازال هناك أثر للبعد الديني للقضية الفلسطينية على العلاقات العربية الإسرائيلية؟.

إن مصطلح صراع قد تحول إلى مصطلح مشكلة ومن ثم إلى قضية فلسطين أي قضية تخص الشأن الفلسطيني أو قضية ثنائية أو جانبية، وصولًا لبناء علاقات متينة مع إسرائيل.

لقد غادر البعض العربي البعد الديني والقومي والعروبي من أجل المحافظة على عروشهم والتقرب من الولايات المتحدة الأمريكية من خلال بناء علاقات علنية مع إسرائيل.

وقد عملت غالبية الدول العربية على التطبيع العلني والمباشر مع إسرائيل، بحيث لم تعد إسرائيل عدوهم وإنما ايران هي عدوهم الفعلي، لذلك يجب التحالف مع إسرائيل من أجل الوقوف بوجه إيران ومحاربتها وإضعافها. وعلى هذا الأساس قام كل من إسرائيل وأمريكا والبعض العربي بتدمير بعض الدول العربية ومازالت تعلن موقفها المعادي لها مثل سوريا وايران والعراق وليبيا.

رابعها، إسرائيل: في المقابل إسرائيل مازالت محافظة على المفاهيم الدينية كأرض إسرائيل وكل المصطلحات التوراتية وتزداد تشددًا دينيًا وسياسيًا، وقانون يهودية الدولة يلخص الحالة الإسرائيلية التي تتجه نحو مزيد من السيطرة وتجسيد الاحتلال على الضفة الغربية من خلال إنهاء قضية القدس وحق العودة وغيرها.

نخلص إلى قاعدة في ما يخص الصراع العربي الإسرائيلي مفادها أن الفلسطينيون والعرب يغادرون القاعدة الدينية والعروبية في طبيعة صراعهم مع إسرائيل، وفي المقابل إسرائيل تزداد تشددًا وتسارع لإنهاء القضية الفلسطينية.

خامسها، دوليًا: العالم وإسرائيل لايعرفون غير لغة القوة والعرب والفلسطينيون ضعفاء وهمهم الوحيد البقاء على كرسي الحكم وإرضاء أمريكا. والعالم يتبنى الموقف السياسي الإسرائيلي، بفضل وضغط اللوبي الصهيوني المتنفذ في السياسة الأمريكية ولعل قرارات دونالد ترامب المتمثلة في صفقة القرن، والاعتراف بأن القدس عاصمة دولة الاحتلال، ونقل السفارة الأمريكية للقدس وإغلاق ممثلية منظمة التحرير الفلسطينية في أمريكا، ودمج القنصلية في السفارة الأمريكية وتصفية حق العودة     الخ توضح حجم المؤامرة على القضية الفلسطينية وتصفيتها.

وبعد صدور التقرير الأمريكي الذي نزع عن مناطق الضفة وغزة والجولان صفة الأراضي المحتلة أصبحت الولايات المتحدة، شريكة في احتلال الأراضي العربية والفلسطينية، وهذا هو الملف الأخير من ملفات صفقة القرن الأمريكية الإسرائيلية لتصفية القضية الفلسطينية.

وذلك يحدث في ظل غرق الفلسطينيون في الانقسام والخلافات وحل حكومات وتشكيل حكومات، والأسرى يخوضون معركتهم بظل تجاهل عربي ودولي وفلسطيني على المستوى الرسمي وغير الرسمي وكأن الشعب الفلسطيني أصبح مخدر وشغله الشاغل الهم الاقتصادي بظل انقطاع الرواتب، فالراتب كاملًا لم يكن يسد حاجة الموظف بظل الفقر المطقع والبطالة المستفحلة والفساد المستشري والواسطة، فهذا هو الوقت المناسب لتنفيذ صفقة القرن بعد العمل مطولا من قبل أمريكا وإسرائيل والبعض العربي والفلسطيني لإيصال الشعب لمرحلة لا يستطيع المقاومة أو حتى قول لا بوجه تصفية حقوقه وثوابته بسبب عدم قدرته على تأمين قوت يومه وغرقه في الديون والقروض بظل ارتفاع الأسعار الباهظ وخصخصة بعض الشركات وتفرد واحتكار البعض الآخر بتقديم خدمات معينة وتعيين أبناء المسؤولين في الوظائف العليا.

وكأن الوقت هو الوقت المفضل لتصفية الحقوق والثوابت التي تم تصفية غالبيتها وتبقى قضية الأسرى التي تستهدف كل قيم وكراة الشعب الفلسطيني وقتل لفكرة المقاومة.

*كاتب وباحث فلسطيني مختص بالحركات الأيديولوجية.