فرحة الشعب الجزائري..إستقالة الرئيس بوتفليقة من العهدة الخامسة بقلم: فؤاد الصباغ
تاريخ النشر : 2019-03-17
فرحة الشعب الجزائري..إستقالة الرئيس بوتفليقة من العهدة الخامسة  بقلم: فؤاد الصباغ


فرحة الشعب الجزائري..إستقالة الرئيس بوتفليقة من العهدة الخامسة

أعلن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة مؤخرا عن سحب ملف ترشحه من العهدة الخامسة نظرا لسوء حالته الصحية و كبره في السن كذلك بسبب تصاعد الإحتجاجات الشعبية و الفوضي العارمة بالشوارع الجزائرية. كما كثر أيضا الحديث و الجدل اليومي في وسائل الإعلام المكتوبة و المرئية الجزائرية أو حتي العالمية حول مدي الشرعية الدستورية لترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلي عهدة خامسة و هو في تلك الحالة الصحية المزرية و السيئة جدا. فالرئيس مريض منذ فترة طويلة و هو غائب عن الوعي الكلي أو الجزئي أحيانا لذلك كان من واجب الحزب الحاكم إيجاد بديل جدي لشخصية قادرة علي الترشح للإنتخابات القادمة خلال هذه السنة. فإستجابة لمطالب الشعب قرر الرئيس بوتفليقة التنحي عن الحكم و مواصلة تسيير شؤون الحكومة إلي غاية 18 أفريل 2019, ثم سيتم بعد ذلك إستعمال الصلاحيات الدستورية لإعلان حالة الطوارئ و البدء في تشكيل خلية أزمة أمنية و عسكرية عبر الإعلان عن البيان الأول للجنرال قايد صالح. إن الجزائر تشهد فوضي و تمرد شعبي غير مسبوق منذ عدة أسابيع نظرا لترشح الرئيس بوتفليقة للعهدة الخامسة لكن في المقابل لا داعي لركوب الأحداث و إثارة الفتنة و مواصلة العصيان خاصة بعدما إستجاب الرئيس لمطالب الشعب و سحب ملف ترشحه بصفة نهاية. إن العصيان المدني و التمرد الشعبي المتواصل غير مبرر و هو مدعوم من قبل جهات تسعي لتخريب المكاسب الوطنية الجزائرية و العودة به إلي سنوات التسعينات الدموية التي راحت من خلالها العديد من الضحايا الأبرياء. إن الإرهاب لا لون له و لا طعم له و هو بمثابة السرطان الذي ينخر هياكل الدولة حتي يدمرها بالكامل لذلك من الواجب الوطني لجميع الجزائريين الإلتزام بعودة الهدوء و السكينة بكامل تراب الجمهورية الجزائرية لأن بوتفليقة سيسلم السلطة قريبا عبر الندوة الوطنية المزمع إنعقادها بعد 18 أفريل القادم. إحذروا أيها الجزائريين من شبح الإرهاب و سفك الدماء و أصغوا للرئيس الذي إستجاب لندائكم. إذ أن هناك أطراف أجنبية ملوثة الفكر و التفكير تسعي إلي تكفير أعمالكم و سحق مكتسباتكم.

الرئيس الخادم قادم لإنقاذ الوطن

كثرت الإحتجاجات و الجحافل المجحفلة من الحشود الشعبية في الشوارع الجزائرية و هي تصرخ بصوت واحد "ديقاج يا بوتفليقة..ديقاج يا بوتفليقة", لكن هاهي طائرة الرئيس الخادم تحلق في السماء الجزائري رافعة راية النصر و العزة و الرئيس بوتفليقة قادم عليها لإنقاذ الوطن بعد العلاج الروتيني الذي قام به في سويسرا. مما لا شك فيه تعد الإنجازات العظيمة للرئيس بوتفليقة خلال فترة حكمه في مجملها ثورة وطنية تمثل فخرا و إعتزازا لكافة الجزائريين. فكانت مسيرته حافلة بالإنجازات الإقتصادية, الثقافية و السياسية بحيث تطورت في عهدته البنية التحتية للجزائر و تعززت مكاسب التنمية الإقتصادية علي كامل ربوعها و تحولت الثروات الطبيعية إلي قوة مالية إنعكست بالنتيجة إيجابيا علي رفاهية كافة الطبقات الشعبية الجزائرية. أما منوال التجربة الإشتراكية الشعبية حققت لكافة الشعب الجزائري العدالة الإجتماعية مع تلبيتها للحاجيات الأساسية للمحتاجين و الفقراء. كما ساهمت صناديق الدعم و التعويض للمواد الأساسية في تقليص نسبة الفقر بحيث إستفادت الطبقات الشعبية من بعض الخدمات المجانية مثل التعليم و الصحة و خاصة منها إستهلاك المياه الصالحة للشراب. لكن شتان بين الأمس و اليوم, إذ تغيرت الصورة لذلك الفتي الشاب الطموح بوزارة الخارجية في عهد حكم الرئيس السابق الهواري بومدين حتي بلوغه لمنصب الرئاسة في مسيرة عمل طويلة من خطابات رنانة و قوة شخصية مهيبة, وصولا اليوم إلي تلك الحالة من العجز التام عن الحركة و الوهن و سوء الفهم. فالرئيس منذ إصابته بجلطة دماغية في أواخر العشرية السابقة مع تكرار تلك الحالة من الإصابات طيلة العشرية الحالية و خاصة منها تلك الجلطة الحادة التي أصيب بها سنة 2013 بحيث مكث زمن طويل في مستشفيات فرنسا للعلاج من هذا المرض الخطير جعلته بالنتيجة غير قادر علي التواصل مع الجميع أو الحركة بسهولة كالسابق. إن الرئيس بوتفليقة قدم من جنيف مسرعا لينقذ الوطن من الهاوية أو إنجرافها نحو المجهول و العودة بها إلي طريق الأمان و حمايتها من تجدد عنف سنوات الجمر من قتل و تفجير و إرهاب و سفك الدماء بحيث مثلت تلك السنوات التعيسة مأساة حقيقية لدي أغلب فئات الشعب الجزائري. كما قرر بوتفليقة مؤخرا عدم ترشحه للعهدة الخامسة بصفة نهائية و ذلك إستجابة لمطالب الشعب. كما دعي جميع المواطنين بإلتزام الحذر من بعض الأطراف الخبيثة التي تسعي إلي زعزعة الإستقرار الأمني بالجزائر. كذلك أعلن عن تشكيل خلية أزمة أمنية و عسكرية ليعلن بعد ذلك و في القريب العاجل عن حالة الطوارئ مع تشكيل ندوة وطنية للحوار تشرف علي المجلس التأسيسي القادم لكتابة الدستور الجديد و طرحه علي الإستفتاء الشعبي قصد تغيير نظام الحكم إلي برلماني. إن الرئيس بوتفليقة لا يرغب في السلطة و هو سيشرف فقط علي الحوار الوطني حتي يتم ختم الدستور الجديد و إستكمال الإستفتاء الشعبي و تسليم السلطة بالطرق السلمية. أما في المقابل سيتم فرض حالة الطوارئ وفقا للبيان الأول الذي ممكن أن يلقيه قائد القوات المسلحة الجزائرية بعد إنتهاء فترة العهدة الرابعة. عموما لا داعي لمواصلة الإضرابات و الفوضي في الشوارع الجزائرية لأنها لا تخدم الوطن الذي ضحي من أجل إستقلاله المليون شهيد بل تخدم فقط الحاقدين و الإرهابيين.

سيناريوهات إستراتيجية

إن الجزائر تعاني اليوم من مأزق دستوري كبير فالرئيس بوتفليقة يعتبر غائبا تماما أو جزئيا عن الوجود و سحب ترشحه من العهدة الخامسة كان واجبا وطنيا و إستجابة لنداء الشعب. إذ كانت تلك المقابلات مع الرؤساء الضيوف عبر التحدث عبر الميكرفون و بطريقة آلية بطيئة محزنة للغاية. إن الشعب الجزائري يريد مشاهدة رئيس حقيقي لا ربوت آلي يتحرك وفقا لأجندات معينة. إذ تعتبر في هذا السياق قوة جبهة التحرير الوطنية هي المسيطرة علي المشهد السياسي و الإعلامي و التي تقوم بقمع و ضرب أي صوت معارض للرئيس بوتفليقة. إن الجزائر تعيش حاليا علي صفيح ساخن من الأحداث السياسية المستقبلية التي من الممكن بدورها أن تؤثر علي الأوضاع الإقتصادية و الإجتماعية. فإنفجار ذلك البركان الشعبي أو الإسلامي سيؤثر مباشرة علي إستقرار الجزائر و يعود به إلي مشهد تلك الأحداث الدموية التي عاشها خلال فترة التسعينات بحيث كان بطلها الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة الذي حقق من خلالها المصالحة الوطنية و السلم الإجتماعية و ساهم في تعزيز الإستقرار السياسي و الإقتصادي. أما النتائج التي ممكن أن تخرج بها تلك الندوة الجزائرية المرتقبة خلال هذه السنة ستؤكد المسار الديمقراطي الإصلاحي و تضع اللبنة الأولي للجمهورية الجزائرية الجديدة التي يريدها الزعيم بوتفليقة. إن هذه الندوة الوطنية الحوارية ستمثل خلية العمل المستقبلي في صلب السلطة التنفيذية بعد نهاية العهدة الرابعة بحيث ستسهر علي تأسيس المجلس القومي الدستوري و تساهم في كتابة الدستور الجديد ثم طرحه بعد ذلك علي الإستفتاء الشعبي و بعدها سيسلم الرئيس بوتفليقة أطال الله في عمره السلطة بطريقة سلسة و سلمية إلي المترشحين للعهدة الأولي في الجمهورية الثانية.

إن سحب ملف ترشح الرئيس الجزائري الحالي عبد العزيز بوتفليقة من العهدة الخامسة يتضمن أهدافا إستراتيجية بعيدة الأمد و ذلك من أجل حفظ الإستقرار الإقتصادي, السياسي و الأمني الجزائري. فنظرا لمرضه و عجزه التام عن إدارة شؤون البلاد تبقي إنجازاته العظيمة خلال مسيرته السياسة وسام شرف وطني له الفضل الكبير علي تحقيق السلم الإجتماعية.